إلى الآن، كان يتم التعامل مع الأزمات على أنها فرصة تعزز من نمو ورسوخ الكيان الأوروبي، لأنها كانت تدفع الدول الأعضاء نحو مزيد من التماسك. كان هذا هو الوضع السائد، وساهمت في استمراره الأزمات العديدة التي مر بها الاتحاد. وتعرض الاتحاد الأوروبي مؤخرا للعديد من الأزمات ومن بينها: الأزمة المالية التي اندلعت 2008، والأزمة التي أثيرت حول تعديل دستور الاتحاد، والأزمة الأوكرانية، وأخيرا أزمة تدفق المهاجرين التي باتت تهدد ركنا أساسيا من أركانه وهو حرية التنقل بين الدول الأعضاء الثمانية والعشرين.
كان القادة الأوروبيون يرددون بلا كل ولا ملل أن "الوحدة الأوروبية لا تراجع عنها". على الرغم من ذلك، صرح نائب رئيس المفوضية الأوروبية فانز تيمرمانز، مؤخرا أن "الاتحاد الأوروبي يواجه أزمة وجود".
واعترف تيمرمانز المعروف بعقليته الاستراتيجية بأن "ما كان حتى عهد قريب لا يمكن تصوره، بات وشيكا الآن: تفكك المشروع الأوروبي". بعبارة أخرى: أصبح من بين الاحتمالات الواردة انهيار الاتحاد الأوروبي.
بدوره، حرص رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، حتى أواخر أيلول/ سبتمبر، على ألا يظهر بهذه الحدة، حينما ألقى خطابه حول حالة الاتحاد أمام البرلمان الأوروبي، إلا أنه أكد "اتحادنا الأوروبي ليس في وضع جيد. لم يعد هناك الكثير من روح أوروبا في هذا الاتحاد، مثلما لم يعد هناك تمسك كبير بالوحدة داخل هذا الاتحاد".
وقد تأكدت مخاوف كلا من يونكر وتيمرمانز خلال الأجواء التشاؤمية التي سادت قمة رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء، في 15 تشرين أول/ أكتوبر الماضي، على خلفية تصاعد أزمة اللاجئين، حيث تم إسقاط العديد من الموضوعات من جدول المناقشات بسبب انعدام وجود رؤية توافقية بشأنها، ومن بينها تهديدات بريطانيا بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وعملية توسيع الوحدة النقدية.
بطبيعة الحال لم تسمح هذه الأجواء بالتوصل إلى نوع من التوافق حول حلول عاجلة لسياسات الهجرة، وفق ما اشار إليه الباحث بمركز السياسات الأوروبية (EPC) يانيس ايمانوليديس.
يقول المحلل الأوروبي "تفاقمت الأوضاع في السنوات الأخيرة، تزايدت حالة انعدام الثقة بين الحكومات والسياسيين والمواطنين أنفسهم، ونتج عن ذلك المزيد من التصدعات داخل الكيان الأوروبي". يتابع ايمانويليديس أن "يضاف إلى ذلك أن أزمة الهجرة أثبتت وجود تباين رهيب بين توجهات القادة الأوروبيين في التعامل مع المواقف. يبدو أحيانا كما لو كانوا يعيشون في كواكب منعزلة، وهذا يترك انطباعات سلبية لدى المواطنين بشأن عجز الاتحاد عن مواجهة المشكلات الحالية".
من جانبه يؤكد زعيم الكتلة الليبرالية في البرلمان الأوروبي، جاي فرهوفشتات أن "بنية الاتحاد الأوروبي الأساسية في خطر"، محذرا من أنه "إذا لم تحل سياسات الأمل والحب محل سياسات الخوف، فإن أوروبا ماضية نحو قدر محتوم".
بدت قيم الاتحاد الأوروبي التي ادعى الجميع التمسك بها أكثر هشاشة أما قوانين الاتحاد فلم تكن ملزمة بما يكفي بالنسبة للدول الأعضاء. على الأقل كان هذا هو الانطباع الذي خلفته الأزمة المالية، والتي لم يكد عبئها يتراجع حتى ظهرت أزمة اللاجئين، وتلتها مباشرة أزمة الإرهاب التي كانت باريس آخر ضحاياها، مما بات يضع على المحك مبدأ حرية التنقل في فضاء شنجن، حتى بين الدول الأعضاء في الاتحاد.
في هذا السياق، بينما ترى معظم الدول الأعضاء أنه لكي تستمر حرية التنقل بين دول شنجن، يجب أن تحظى نقاط التفتيش الحدودية داخل الاتحاد بفاعلية أكبر. حذر وزير خارجية لوكسمبورج جان اسيلبورن "شنجن ستموت" إذا أصرت الدول الأعضاء على تبني مواقف قومية وإذا لم تتوصل أوروبا لحل توافقي، مؤكدا أن "شنجن كانت أكبر انجازات الاتحاد الأوروبي، والخطر المحدق بها واضح تماما، "ربما لم يعد لدينا كثير من الوقت من أجل التوصل لحل لهذا الوضع".
في الوقت نفسه يشهد تيار اليمين ذو التوجه القومي حالة صعود غير مسبوقة في معظم الدول الأعضاء، وتضمنت الحملات الانتخابية لأحزابه في دول مثل بولندا وحتى الدنمارك شعارات تدعو إلى تغليب الموقف القومي على التوجه الأوروبي، والمثير للقلق أن هذه الأحزاب حققت تقدما ملحوظا في السباق الانتخابي في أكثر من دولة.
في هذا الصدد، يعرب تيمرمانز عن أسفه من أنه "لأول مرة منذ الحرب العالمية تعبر الأسر التي تنتمي للطبقة المتوسطة عن مخاوفها من تردي الأوضاع بالنسبة للأجيال القادمة، مما يؤكد على وجود أزمة ثقة حقيقية نتجت عن خلل في مؤسساتنا الديمقراطية".
أسيلبورن بدوره يحذر من أن الاتحاد الأوروبي معرض لفقدان ثقة المواطنين فيه بسبب تردي حالة "القيم المشتركة والعمل الموحد"، مضيفا "الاتحاد الأوروبي معرض للانهيار، وهذا قد يحدث بسرعة لا يمكن تخيلها، إذا حل الانعزال محل التضامن، كأسلوب عمل سواء مع الوضع الداخلي أو الخارجي. هذه القومية الزائفة قد تؤدي في النهاية إلى المواجهة المحتومة".
كان القادة الأوروبيون يرددون بلا كل ولا ملل أن "الوحدة الأوروبية لا تراجع عنها". على الرغم من ذلك، صرح نائب رئيس المفوضية الأوروبية فانز تيمرمانز، مؤخرا أن "الاتحاد الأوروبي يواجه أزمة وجود".
واعترف تيمرمانز المعروف بعقليته الاستراتيجية بأن "ما كان حتى عهد قريب لا يمكن تصوره، بات وشيكا الآن: تفكك المشروع الأوروبي". بعبارة أخرى: أصبح من بين الاحتمالات الواردة انهيار الاتحاد الأوروبي.
بدوره، حرص رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، حتى أواخر أيلول/ سبتمبر، على ألا يظهر بهذه الحدة، حينما ألقى خطابه حول حالة الاتحاد أمام البرلمان الأوروبي، إلا أنه أكد "اتحادنا الأوروبي ليس في وضع جيد. لم يعد هناك الكثير من روح أوروبا في هذا الاتحاد، مثلما لم يعد هناك تمسك كبير بالوحدة داخل هذا الاتحاد".
وقد تأكدت مخاوف كلا من يونكر وتيمرمانز خلال الأجواء التشاؤمية التي سادت قمة رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء، في 15 تشرين أول/ أكتوبر الماضي، على خلفية تصاعد أزمة اللاجئين، حيث تم إسقاط العديد من الموضوعات من جدول المناقشات بسبب انعدام وجود رؤية توافقية بشأنها، ومن بينها تهديدات بريطانيا بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وعملية توسيع الوحدة النقدية.
بطبيعة الحال لم تسمح هذه الأجواء بالتوصل إلى نوع من التوافق حول حلول عاجلة لسياسات الهجرة، وفق ما اشار إليه الباحث بمركز السياسات الأوروبية (EPC) يانيس ايمانوليديس.
يقول المحلل الأوروبي "تفاقمت الأوضاع في السنوات الأخيرة، تزايدت حالة انعدام الثقة بين الحكومات والسياسيين والمواطنين أنفسهم، ونتج عن ذلك المزيد من التصدعات داخل الكيان الأوروبي". يتابع ايمانويليديس أن "يضاف إلى ذلك أن أزمة الهجرة أثبتت وجود تباين رهيب بين توجهات القادة الأوروبيين في التعامل مع المواقف. يبدو أحيانا كما لو كانوا يعيشون في كواكب منعزلة، وهذا يترك انطباعات سلبية لدى المواطنين بشأن عجز الاتحاد عن مواجهة المشكلات الحالية".
من جانبه يؤكد زعيم الكتلة الليبرالية في البرلمان الأوروبي، جاي فرهوفشتات أن "بنية الاتحاد الأوروبي الأساسية في خطر"، محذرا من أنه "إذا لم تحل سياسات الأمل والحب محل سياسات الخوف، فإن أوروبا ماضية نحو قدر محتوم".
بدت قيم الاتحاد الأوروبي التي ادعى الجميع التمسك بها أكثر هشاشة أما قوانين الاتحاد فلم تكن ملزمة بما يكفي بالنسبة للدول الأعضاء. على الأقل كان هذا هو الانطباع الذي خلفته الأزمة المالية، والتي لم يكد عبئها يتراجع حتى ظهرت أزمة اللاجئين، وتلتها مباشرة أزمة الإرهاب التي كانت باريس آخر ضحاياها، مما بات يضع على المحك مبدأ حرية التنقل في فضاء شنجن، حتى بين الدول الأعضاء في الاتحاد.
في هذا السياق، بينما ترى معظم الدول الأعضاء أنه لكي تستمر حرية التنقل بين دول شنجن، يجب أن تحظى نقاط التفتيش الحدودية داخل الاتحاد بفاعلية أكبر. حذر وزير خارجية لوكسمبورج جان اسيلبورن "شنجن ستموت" إذا أصرت الدول الأعضاء على تبني مواقف قومية وإذا لم تتوصل أوروبا لحل توافقي، مؤكدا أن "شنجن كانت أكبر انجازات الاتحاد الأوروبي، والخطر المحدق بها واضح تماما، "ربما لم يعد لدينا كثير من الوقت من أجل التوصل لحل لهذا الوضع".
في الوقت نفسه يشهد تيار اليمين ذو التوجه القومي حالة صعود غير مسبوقة في معظم الدول الأعضاء، وتضمنت الحملات الانتخابية لأحزابه في دول مثل بولندا وحتى الدنمارك شعارات تدعو إلى تغليب الموقف القومي على التوجه الأوروبي، والمثير للقلق أن هذه الأحزاب حققت تقدما ملحوظا في السباق الانتخابي في أكثر من دولة.
في هذا الصدد، يعرب تيمرمانز عن أسفه من أنه "لأول مرة منذ الحرب العالمية تعبر الأسر التي تنتمي للطبقة المتوسطة عن مخاوفها من تردي الأوضاع بالنسبة للأجيال القادمة، مما يؤكد على وجود أزمة ثقة حقيقية نتجت عن خلل في مؤسساتنا الديمقراطية".
أسيلبورن بدوره يحذر من أن الاتحاد الأوروبي معرض لفقدان ثقة المواطنين فيه بسبب تردي حالة "القيم المشتركة والعمل الموحد"، مضيفا "الاتحاد الأوروبي معرض للانهيار، وهذا قد يحدث بسرعة لا يمكن تخيلها، إذا حل الانعزال محل التضامن، كأسلوب عمل سواء مع الوضع الداخلي أو الخارجي. هذه القومية الزائفة قد تؤدي في النهاية إلى المواجهة المحتومة".