نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


أجور الفنانين... فوضى عارمة لواقع مرير في المغرب




الرباط - هناك كثيرون من الفنانين والممثلين يدخلون الفرح والسعادة على الجمهور المغربي بمساهماتهم في الأعمال السينمائية أو التلفزيونية، إلا أن قلة قليلة من هؤلاء يعبرون عن ارتياحهم من مستوى معيشتهم بسبب ضعف الأجور التي يتقاضونها مقابل ما يقومون به فوق خشبة المسرح، أو من خلال شاشة التلفزيون.


إلى وقت غير بعيد، ظل موضوع أجور الممثلين يعد من المحظورات المسكوت عنها على اعتبار أن لا أحد كان يجرؤ على نفض الغبار عن الجانب المادي وما يتقاضاه كل واحد مقابل عمله الفني، إلا أن ازدياد درجة الوعي والشعور بأهمية التواصل حتى لو كان الأمر خاصا وشخصيا، وضع موضوع أجر الفنان تحت دائرة الضوء، علما أن المعطيات الدقيقة تبقى غير متوفرة للحرج الكبير الذي يشعر به الفنان الذي في الغالب يلمح إلى ضآلة مستوى الأجر، دون الكشف عن قيمته الحقيقية.

وخلافا لعدد من الفنانين الذين فضلوا عدم الإدلاء بتصريحات بشأن مستوى أجورهم، تسلح الممثل المغربي المشهور عزيز دادس بشجاعة كبيرة، وكشف لوكالة الأنباء الألمانية (د .ب. ا) أنه لا يوجد سلّم واضح للأجور الخاصة بالفنانين، "بل إن كل فنان يجد نفسه أمام ضرورة الدفاع عن نفسه والتفاوض مع المخرج ففي كثير من الأحيان"، يضيف الممثل دادس "يتحلى الفنان بالصبر ويتنازل تعبيرا عن حبه لمهنته خصوصا إذا تعلق الأمر بعمل فني سيتم إنجازه مع منتج خاص لم يحصل على دعم من المركز المغربي السينمائي"، ما يعني أن قبول الممثل بأجور ضعيفة أمر وارد ومعمول به، وأنه لا يمكن إطلاقا الحديث عن سقف محدد لهذه الأجور التي "لا تختلف من ممثل لآخر، بل من عمل لعمل يقوم به الفنان نفسه"، يوضح الممثل دادس الذي تأسف "لكون الفنان يضطر في كثير من الأحيان إلى التفاوض مع المخرج، الشيء الذي يحط من كرامة الممثل الذي عليه أن يغلّب حب الجمهور على حساباته المادية الخاصة".

واقع مرير يعيشه الفنانون المغاربة، فهم بين مطرقة الدفاع عن الكرامة، وسندان الأجور المتفاوتة بشكل يجعلهم يدقون ناقوس الخطر ويطالبون بإلحاح استعجالية تنظيم أجورهم. وفي هذا الصدد، اعتبر الممثل الشهير، الذي ولج عالم التمثيل منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، والوجه المألوف لدى المغاربة عبد القادر مطاع بفضل الأدوار الشعبية التي يقوم بها، أنه من العيب أن يتقاضى الفنان أجرا هزيلا لا يستطيع أن يغطي به مصاريف العيش اليومي، وأضاف أن "كرامة الممثل تستوجب حصوله على أجر مادي محترم، وأن يتوفر على الأقل على مسكن يقطنه هو وعائلته الصغيرة، فكيف يعقل أن المخرج يستفيد من ميزانية ضخمة مقابل إنتاج عمل فني، غير أنه لا يخصص إلا جزءا ضئيلا للممثلين الذين يلعبون أدوارا أساسية، فيحتفظ لنفسه بهامش كبير من الربح دون اكتراث لوضعية الممثل".

العارفون بأسرار وخبايا العمل الفني في المغرب يعون جيدا أن تعامل شركات الإنتاج يتم عموما إما انطلاقا من العلاقة المباشرة والشخصية مع الممثل، وإما أن الشركات هي التي تختار الممثل للعمل الدرامي وتحدد الأدوار سواء الأولية منها أو الثانوية، وهنا تجدر الإشارة، حسب المعطيات المستقاة من أكثر من مصدر، أنه في ما يتعلق بالشريط السينمائي، قد لا يتجاوز أجر الممثل 100 ألف درهم( حوالى 10 ألاف دولار)، في حين يصل الأجر بالنسبة للمسلسلات إلى 200 ألف درهم(حوالى 20 ألف دولار) خصوصا إذا ما بلغ عدد الحلقات الثلاثون. وفي المسلسل التلفزيونى، قد يصل الأجر إلى 100 ألف درهم، في حين هناك ممثلون لأدوار ثانوية تكون أجورهم جد هزيلة (قد لا تتجاوز 500 درهم)، ما يعني غياب قانون يحدد أجور هؤلاء الفنانين، بل إن هذه الأجور تعرف تفاوتا واضحا بين فئات من الممثلين.

وإذا كان أغلب الممثلين يرفضون الإفصاح صراحة عن مستويات الأجور التي يتقاضونها مقابل مساهماتهم في أعمال تلفزيونية أو سينمائية لأنهم يعتبرون هذا من الخصوصيات الشخصية التي يحق لكل واحد أن يحتفظ بها، إلا أنهم في المقابل يجمعون على أن هذه الأجور تبقى ضعيفة إن لم نقل هزيلة ولا ترقى إلى مستوى العمل الفني الذي يقومون به، كما أنهم يجمعون على أن المخرجين يتحملون المسؤولية الأكبر في هذا الوضع، لأنهم هم من يصرفون الأجور بعد تحديدها.

و رغم الميزانيات الضخمة المخصصة لدعم إنتاج الأعمال السينمائية، يشعر الممثل بأنه غير معني بهذه الأموال مادام المنتج لا يخصص الأجور اللازمة والمرتفعة ويكتفي أحيانا باستدعاء ممثلين مبتدئين لخفض التكاليف إذا ما تعلق الأمر بممثلين مشهورين، وهو وضع يثير غضب أغلب الممثلين بسبب لجوء المخرجين إلى ممثلين مبتدئين أو إن صح التعبير إلى بعض الدخلاء على مجال الفن للقيام بأدوار رئيسية طالما أنهم لن يتشددوا في طلب أجور عالية، لأن همهم الوحيد هو الظهور في أعمال تلفزيونية وشق الطريق نحو الشهرة.

وأمام هزالة الأجور، وبالنظر إلى تكاليف العيش، يضطر بعض الفنانين إلى طرق أبواب أخرى بحثا عن أعمال مدرة للدخل من قبيل المشاركة في وصلات إعلانية تقترحها شركات إما خاصة بالاتصالات، أو بالبناء، أو التأمينات والبنوك وغيرها، المهم أن البحث عن لقمة العيش يبقى من الأمور غير اليسيرة بالنسبة للفنان المغربي الذي رغم شهرته التلفزيونية، فإنه يعيش وضعا ماديا حرجا خصوصا عندما يتقدم سنه أو عند تعرضه لمرض عضال أو مرض مزمن، كما وقع بالنسبة لعدد من الممثلين، ما اضطر العاهل المغربي محمد السادس إلى التدخل من أجل ضمان علاج بعض هؤلاء، أو التكلف بمصاريف العزاء في حال الوفاة.

لكن وإلى جانب هذه الشريحة العريضة من الفنانين، توجد فئة محدودة من الممثلين المغاربة التي لا تعيش أي ضيق مادي وتتقاضى أجورا محترمة لا لشيء سوى لأنها تشارك في أعمال فنية أجنبية، فهي تحصل على أجور تفوق أكثر بكثير من تلك الممنوحة من قبل شركات إنتاج مغربية. وهناك نماذج لعدد من الممثلين المغاربة الذين استطاعوا اقتحام عالم السينما الدولية مثل الممثل المغربي إدريس الروخ الذي يعد استثناء، والذي كشف أكثر من مرة أن الممثل الذي يشارك في إنتاجات فنية أجنبية يتقاضى أجرا مرتفعا مقارنة مع عمله مع شركة وطنية، لكنه في المقابل يثير الانتباه إلى أن ما يحصل عليه فنان مغربي يشارك في عمل أجنبي يبقى متواضعا مع ما يتقاضاه ممثل مقيم في بلد أجنبي. إنه قدر الفنانين المغاربة مع وضعهم المادي الذي إذا تحسن ستتحسن لا محالة جودة الفن بكل تصنيفاته.

د ب ا
الجمعة 24 فبراير 2017