نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


أقنعة توكوارو الفلكلورية المكسيكية ... وجه خشبي لكل رقصة




موريليا - تمكنت أقنعة توكوارو المنحوتة من الخشب من الصمود عبر الأجيال المتعاقبة في تلك البلدة الصغيرة الواقعة غرب المكسيك، والتي لا يتجاوز تعداد سكانها الـ700 نسمة.


تعتبر صناعة الأقنعة الخشبية ذات الجودة الفنية العالية، حرفة غالبية سكان المدينة الواقعة ضمن نطاق ولاية ميتشواكان، ولهذا تعد أيضا مصدر الدخل الوحيد بالنسبة لهم. وقد نجحت توكوارو بفضل جهود أبنائها ومهارتهم في صنع تلك الأقنعة التقليدية في انتزاع اعتراف كبير، سواء على الصعيد المحلي في كافة أرجاء المكسيك أو خارجها متجاوزة الحدود نحو آفاق العالمية.

ولد ارتيمي إرنانديز راموس في بلدة توكوارو منذ نحو اثنين وستين عاما، وتعلم حرفة آبائه وأجداده منذ كان في التاسعة من عمره، وحاله في ذلك مثل حال أشقائه السبعة الذين يكبرونه في العمر، لديه الآن ورشة كبيرة تعتبر امتدادا لهذه الحرفة التقليدية الهامة. تقع الورشة في قلب ميدان سان فرنسيسكو، ببلدة موريليا عاصمة ميتشواكان.

"بدأت تعلم الصنعة بصنفرة وتنعيم القطع الخشبية، ثم تعلمت بعد ذلك انتقاء القطع التي تصلح للنحت، وتلك التي يجب التخلص منها. في البداية تعرضت كثيرا للضرب المبرح، إلا إنها الوسيلة الوحيدة للتعلم". يتذكر صانع الأقنعة الخشبية العجوز.

الموديلات المستخدمة في النحت تعود إلى فترة ما قبل العصر الكولونيالي - ما قبل عصر الاحتلال الإسباني -، وتحمل بألوانها القوية وتعبيراتها الحادة، إيحاءات رمزية، وهو أهم ما يميز تلك الأقنعة الخشبية التي تستخدم في أنواع مختلفة من الرقصات الطقسية، ضمن تقاليد ميتشواكان العريقة. ويعتبر خيال النحات هو العنصر الأكثر أهمية في إبداع أشكال مختلفة من الأقنعة تناسب كل حالة.

خلال مشوار حياته مع هذه المهنة قام إرنانديز بنحت العديد والعديد من الأقنعة حيث تعلم التعامل مع القطع الخشبية، بداية من قطعها كأخشاب من الشجرة وصولا إلى الشكل النهائي للقناع. يقول إرنانديز إن "الأقنعة التي تعبر عن وجوه متقدمة في العمر هي أكثر ما يناسبني، أتعامل معها بمنتهى الرقة والحنان، ليس فقط لأنها تمثلني، ولكن لأنها الأكثر مبيعا هنا".

يعد ذلك الشكل الذي يعبر عن عجوز مبتسم لديه شعر مستعار من الألياف أو اللباد، جزءا هاما من الزي التقليدي الذي يرتديه الراقصون الذين يؤدون طقس "رقصة الشيوخ" أو "Danza de Viejitos" والتي تعبر عن الهوية التقليدية لبلدة ميتشواكان. وتعتبر بلدة خاراكوارو منشأ هذه الرقصة، وترجع إلى فترة ما قبل الاحتلال الإسباني، ويشارك في أدائها أربعة أشخاص من الرجال، وتعتبر جزءا من طقس يؤدى إلى "هويهويتيوتل" أو "Huehueteotl" وهو إله النار، في حضارة المايا العريقة.

جدير بالذكر أن الفلكلور الشعبي الطقسي لبلدة ميتشواكان يتضمن أكثر من ثمانين رقصة مختلفة، ولكل واحدة منها قناعها الخاص مثل رقصة "Los Enguangochados" أو السكارى، ورقصة "los curpites" أو العزاب ويؤديها الرجال بالقرب من منازل خطيباتهم. الطريف في الأمر أن الراقصين يرتدون أقنعة تحمل ملامح عربية ولهم لحى سوداء، وعيون واسعة، ويغطون رؤوسهم بأوشحة بيضاء أشبه بالشال العربي المعروف حاليا، ويضعون فوق رؤوسهم حلي على هيئة أهلة ذهبية، ويبدو أن هذا الطقس يحمل تأثيرات أندلسية من الهجرات الأولى التي جاءت مع الاستعمار الإسباني لهذه الأراضي البعيدة. بينما ترتدي الخطيبات التي يتلقين هذه الطقوس، أغطية رأس بيضاء، وتبدو وجوههم مكشوفة، بينما يغطي الرجال وجوههم بشيلانهم.

هناك أيضا رقصات أخرى تقام لها مهرجانات سنوية مثل "Los Enguangochados de Juantizio" أو "Los negros de uruapa" أو رقصة زنوج أوروابا. وتعكس هذه الاحتفالات الطقسية مدى ثراء منطقة ميتشواكان بتراثها الشعبي، وتشاركها هذا الثراء في الموروث التقليدي مقاطعة واخاكا (Oaxaca).

يعد قناع الشيطان من أقدم الأقنعة التقليدية في ميتشواكان، ويستخدم في رقصات الطقوس الرعوية والتي يشارك بها راقصون يرتدون أقنعة حيوانات متوحشة ومفترسة، مثل الأفاعي والعظايات. وتمثل هذه الرقصات الصراع الأزلي بين الخير والشر. تجدر الإشارة إلى أنه في أغلب الأحوال يجب أن تتضمن الرقصة قيمة دينية أو أخلاقية معينة.

ويعشق إيرنانديز عمله، ويحرص على تجويده وتطويره، من خلال البحث عن تقنيات جديدة تثري الصنعة، ولكن دائما بنفس الوسائل القديمة التي كان يستخدمها الأجداد لصناعة الأقنعة. أخذا في الاعتبار أنه في الماضي كان أسلاف إرنانديز يستخدمون الفخار كمادة خام أولية لصناعة الأقنعة، أما أدواتهم فكانوا يستخدمونها وفقا لاحتياجاتهم.

بمرور الزمن تم الاستغناء تماما عن الفخار ليحل الخشب محله لأسباب عملية، حيث أصبحت القطعة المنحوتة أخف وزنا ويمكن تصنيعها بصورة أفضل، كما أنها أصبحت أكثر تحملا.

في الوقت الحالي يتم تقطيع الأخشاب المستخدمة في صناعة الأقنعة بأدوات مثل السكاكين والفئوس والمناشير والمبارد. ويوضح إرنانديز "لا نميل لاستخدام الأدوات الحديثة في عملنا. الصنعة يجب أن تظل دوما حرفة يدوية، ومن ثم التكنولوجيا الحديثة لن تفيدنا في شئ. وحتى بالنسبة لعملية الطلاء ونقش الأقنعة، لا نحبذ استخدام ماكينات الرش، لأن هذا يعتبر مضيعة للقيمة الفنية في العمل اليدوي". يقوم إرنانديز بنحت وتزيين أقنعة من مختلف الأحجام أغلبها لعواجيز "شيوخ" بدءا من حجم ميدالية المفاتيح وحتى الأحجام العملاقة. أما أكثرها إتقانا فتلك التي تستخدم للمشاركة في مسابقات الرقص، وقد يستغرق عمل الواحد منها ما بين عدة أسابيع إلى بضعة شهور.

في الوقت الحالي يقوم الفنان العجوز بنقل خبرته لأبناء أشقائه لكي يتأكد من أن حرفة الأجداد التي تمثل جزءا هامة من الثقافة التقليدية لميتشواكان لن تندثر.

نتاليا راموس
الاحد 10 ماي 2015