نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


أمستردام تودع مقاهي وسط المدينة الشهيرة بتعاطي المخدرات




أمستردام - آنيت بريشيل – تنبعث من مكبرات الصوت موسيقى بوب مرحة، بينما يتبادل الشباب الجالسون على الموائد المنتشرة هنا وهناك أطراف الحديث، فيما يعبق المكان برائحة دخان الحشيش المدوخ. إنه المقهى 420 بالحي القديم في العاصمة الهولندية أمستردام، الذي بات يعرف باسم "كوفي شوب"، والذي أصبح واحدا من الأماكن التي يقصدها الرواد من أجل الحصول على مخدر الحشيش أو الماريجوانا بصورة قانونية تماما، أو حتى لتدخين لفافة تبغ محشوة بالمخدر.


ولكن بعد أربعة عقود، تسعى أمستردام لتحسين صورتها أمام العالم بالتخلص من السمعة الملتصقة بها كفردوس شرعي لتعاطي المخدرات. وفي هذا الإطار من المقرر أن يغلق نصف محال الكوفي شوب الثمان والسبعين المنتشرة بوسط المدينة، والبعض الآخر بات الوضع معقدا بالنسبة لهم، مثل مقهى مايكل فيلنج، الذي تقرر منذ كانون ثان/ يناير الماضي أن يبدأ نشاطه اليومي اعتبارا من السادسة مساء.

عن هذا الوضع يقول مالك المحل بينما يقوم بلف سيجارة "في 2016 ستحل النهاية فعلا"، معربا عن أسفه من تشدد القوانين الجديدة التي تحظر بيع أي مخدرات في محيط 250 مترا من أي مدرسة.

وتضررت محال الكوفي شوب بأمستردام، بصورة مضاعفة بسبب التوجه الجديد لإدارة مكافحة المخدرات. فبعد تشريع "1012"، الذي قضت الحكومة بموجبه على "الحي الأحمر"، الذي كان رمزه البريدي (1012-). بموجب هذا القانون وفي إطار خطة القضاء على غسل الأموال والإتجار بالبشر وأنشطة الدعارة، تم إغلاق 192 محلا تعمل في مجال الدعارة، وهو ما أثر على نشاط 26 مقهى من نوعية الكوفي شوب التي كانت تزود رواد هذه المحال بالمخدرات، بالإضافة إلى 13 أخرى شاء قدرها أن تقع بالقرب من أماكن مدارس أو مؤسسات تعليمية، ومن المقرر أن يتوالى إغلاق المزيد تدريجيا بحلول 2016.

يتطلع اثنان من السائحين الإيطاليين بعيون زائغة إلى فتارين النوافذ المطلية بالأخضر لمحل " Grasshopper "، على الرغم من أنه مفتوح إلا أن شريطا أحمر موضوعا في مدخله يمنع دخول الزبائن إلى الكوفي شوب، فلا يملك السائحان سوى العودة أدراجهما بدون الحصول على مبتغاهما، بينما يحاول المروجون المنتشرون بالشارع تحين الفرصة للانقضاض على الفريستين.

يحذر فيلنج، رئيس اتحاد تجار التجزئة لمخدر القنب، من أنه منذ أن دخلت الإجراءات الصارمة الخاصة بتعاطي المخدرات حيز التنفيذ، بدأ نشاط مروجي المخدرات في الشارع في الازدهار، مشيرا بإصبعه نحو عدد من الأشخاص الذين يتسكعون بالشوارع الضيقة والأزقة المنتشرة في دهاليز الحي القديم بوسط أمستردام، الذين لا يكتفون بترويج المخدرات المشروعة مثل الحشيش والقنب والماريجوانا، بل ينشرون أنواع خطرة مثل الكوكايين وعقارات (XTC)، حسب قوله.

وبالرغم من محاولات التأقلم على الأوضاع الجديدة، لا تزال المدينة تقاوم قوانين حظر تعاطي وتداول المخدرات في محيط المدارس، نظرا لأنه إلى الآن لم تقع أي مشكلة من هذا النوع في محيط أي مدرسة. من ناحبة يقول فيلنج إن "هناك ثمن يجب سداده لتفادي خطر أكبر"، في إشارة إلى فشل خطة الحكومة اليمينية في منع بيع المخدرات إلى السائحين، وإتاحتها فقط للمواطنين الذين يحملون أوراق هوية تثبت ذلك، مؤكدا "هذا أمر عبثي تماما. الجميع يعلمون أن الأطفال الذين يذهبون للمدرسة لا يستطيعون الدخول إلى هنا".

تقدم رجال الأعمال من أجل إنقاذ محال الكوفي شوب من الاندثار، بحل برجماتي مثير للدهشة، يتماشى تماما مع الطبيعة الهولندية: لماذا لا نشتري المدرسة؟ وبالرغم من أنه حتى الآن لم يتحدد شيئ لا الثمن ولا عدد المدارس، إلا أن بعض اصحاب الكوفي شوب، يحاولون إغراء إحدى المدارس الخاصة لكي تنتقل من وسط المدينة، وهناك مؤشرات إيجابية على إمكانية قبول العرض، لكن لا يزال على ثلاثة عشر كوفي شوب متضررة من القوانين الجديدة، التأكد من قدرتهم على توفير المال اللازم لإتمام الصفقة، وإلا سينتهي الحال بأكثر من 150 عاملا يخدمون بها في الشارع بعد أن تغلق أبوابها.

يقول العامل تيا ذو الستة وعشرين ربيعا، إن " الأوضاع ليست مبشرة على الإطلاق"، بينما ينكب على عمله في وزن وتوزيع عبوات الماريجوانا بدقة شديدة، بينما لم تسمع زبونته المتأنقة التي ترتدي عقدا من اللؤلؤ وتمسك حقيبة يد أحدث صيحة، أي شيئ عن القوانين الجديدة. تأتي هذه الزبونة الأمريكية، إلى أمستردام مرة كل عام، هذه المرة تساءلت باندهاش حقيقي: هل حقا سيحظرونها؟. انهت السائحة سؤالها ودفعت ثمن جرامين من ماركة "الأرملة السوداء" عالي الجودة والمزروع بدون كيماويات، وانصرفت.

في هذا الصدد، تحاول سلطات المدينة، بث رسالة طمأنة، مؤكدة أن "أمستردام لا يزال بها الكثير من محال الكوفي شوب، وسجائر الحشيش لا تزال محل ترحيب". ولكن بلا جدوى، نظرا لأن هذه المحال، جنبا إلى جنب مع رمبرانت وقنواته والطواحين الهوائية، تعتبر من أكثر عناصر الجذب للمدينة. يشار إلى أن التقدير المبدئي لحجم مبيعات هذه المحال من المخدرات المقننة، يصل إلى 100 مليون يورو سنويا (137 مليون دولار)، غالبية روادها من السائحين، الذين تتزايد صدمتهم في كل مرة من القوانين الجديدة.

من ناحية أخرى، لا يزال الكثير من سكان العاصمة الهولندية لا يفهمون الأوضاع الجديدة: فبينما أقرت مؤخرا الكثير من الدول تشريعات تقنن تعاطي الحشيش، هولندا التي كانت في الماضي لها السبق في هذا المجال، تمضي الآن في الاتجاه المعاكس، يبدو أنه الآن في فردوس الحشيش لم تعد الرياح تأتي بما يشتهيه السفن.

آنيت بريشيل
الخميس 10 يوليوز 2014