نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


إسطنبول ...مدينة مقسمة بين الحنين للماضي والتطلع نحو المستقبل




إسطنبول - مانيول ماير – يتيح وسط مدينة إسطنبول التاريخي جزءا يجب رؤيته من برنامج زيارة هذه المدينة العتيقة، ومن بين معالمه قصر السلطان الضخم المعروف باسم توبكابي (الباب العالي وكان مركز الحكم في الدولة العثمانية)، ومبنى آيا صوفيا الرائع، وهو الكاتدرائية الرئيسية التي كانت تابعة للإمبراطورية البيزنطية القديمة قبل أن تتحول إلى جامع ثم إلى متحف.


وبجواره تعلو المنارات الست للجامع الأزرق المهيب متطلعة إلى عنان السماء، وينبغي أيضا على المرء أن يتوقف عند أحد المقاهي الكثيرة ليدخن الأرجيلة، وإذا لم تكن جربت حتى الآن المساومة في البازار الكبير فإنك عندئذ لم تقم حقيقة بزيارة إسطنبول. غير أن أولئك الذين يبحثون عن جانب آخر من إسطنبول عليهم أن يعبروا إلى الجانب الشمالي من " القرن الذهبي "، وهو مجرى مائي طويل يشطر المدينة ويصب في البوسفور مشكلا شبه جزيرة.

وتقول إليم وهي سيدة تركية تبلغ من العمر 22 عاما " إذ ا أردت أن تخبر إسطنبول الحديثة الأنيقة والمتطورة دوما، فعليك إذن أن تأتي إلى هنا إلى هذا الشطر من المدينة "
ومن الشرفة الواقعة على سطح مطعم " إسطنبول 360 " الذي يطل على مناظر بانورامية رائعة، تشير إليم إلى أسفل، إلى حي بيوجلو المطل على المجرى المائي، ويعد هذا الحي هو قلب إسطنبول ذات الطابع الغربي الذي تفوت كثير من السائحين زيارته وتضحك إليم قائلة " من هذا الارتفاع يمكنك حتى أن تنظر عبر المجرى المائي إلى معالم الجذب السياحي التي تتمتع بها المدينة القديمة ".

وترشف إليم من شراب ممزوج بالصودا، بينما تتمايل ببطء على صوت الموسيقى الهادئة التي تبعث على الاسترخاء، وترتدي إليم مثل باقى الفتيات بمطعم " إسطنبول 360 " ملابس مثيرة، بينما تتنوع ملابس الرجال وفقا لذوق كل منهم، فبعضهم يرتدي الثياب الأنيقة والبعض الآخر يرتدي ملابس شبابية تراعي الاتجاهات الجديدة في الأزياء، وآخرون يرتدون ملابس تبدو متهرئة.

وتشير إليم صوب الشمال وتقول " هناك يقع ميدان تقسيم الشهير "، وهي بذلك تتحدث عن مركز الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في الصيف الماضي، وتقر بأن الخطط الرامية إلى إزالة حديقة تقسيم المجاورة للميدان لإفساح المكان لبناء مجموعة من الشقق إنما كانت مجرد الشرارة التي أشعلت أحداث الاحتجاجات، ولكنها لم تكن السبب الحقيقي لها.

وكان معظم الذين شاركوا في احتجاجات ميدان تقسيم من الشباب الذين يتشككون في محاولة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إضفاء الطابع الإسلامي على مناحي الحياة في تركيا.
وتوضح إليم قائلة بحماس وهي تتبادل الحديث مع صديقها عبر الهاتف المحمول الذكي " أن أوردغان يسعى لأن يحظر على المواطنين الأتراك تناول المشروبات الكحولية، كما يريدنا أن نرتدي الحجاب مرة أخرى ".
ويمكن لجولة عبر الأزقة الضيقة الملتوية بحي بيوجلو أن تظهر مدى عمق الهوة التي تفصل بين التقاليد الإسلامية والساحة التركية الحديثة، فهذا الحي متعدد الثقافات يعد أحد المناطق الأكثر شعبية بالنسبة للطلاب وأنشطة والترفيه.
ولا شيء هنا يتخلف عن برلين ولندن وباريس، وتنتشر المتاجر التي تحمل أرقى العلامات التجارية العالمية، من زارا إلى آبل مصطفة على طول جانبي شارع الاستقلال، والذي تحول الآن إلى منطقة مخصصة للمشاة فقط، وتحيطه مبان مشيدة على النسق المعماري " آرت ديكو " الرائع والذي يجمع بين الكثير من الخطوط الفنية المتنوعة.

وتبدو عربات الترام العتيقة التي تشق طريقها ببطء خلال شارع الاستقلال وهي تدق أجراسها عبر حشود المارة، مثل تذكار يثير مشاعر الحنين للماضي وفي الشوارع الجانبية يعرض الفنانون الشباب آخر إبداعاتهم الفنية في بوتيكات صغيرة متطورة، ويوجد معظم قاعات عرض الأعمال الفنية بالمدينة في هذا الحي الذي يتسم بالتحرر والانطلاق وعلى الواجهة المطلة على المجرى المائي وفي المستودع السابق بالميناء، يعرض متحف إسطنبول الحديث أعمالا فنية من الفن التركي المعاصر منذ عام 2004. وبالقرب من المتحف يلتقي الشباب التركي في الشرفات المقامة في الشوارع الجانبية بالحانات الحديثة لكي يتناولوا الجعة أو الشاي، ويغازلون ويدخنون الأرجيلة.

ومنذ عهد الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس حتى أوائل القرن العشرين، كان يطلق علي هذه المنطقة اسم "بيرا " وهي كلمة تعني باليونانية " هناك "، وكانت المنطقة عند النظر إليها من جانب قلب مدينة السلطان تقع على " الجانب الآخر " من القرن الذهبي.
واليوم نجد أن الشباب مثل إليم يرون أن قلب المدينة القديمة هو الذي يقع على " الجانب الآخر ".

مانيول ماير
الاثنين 13 يوليوز 2015