نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


اعتذار للعيد السعيد




صباح الخير، أيها العيد السعيد.. اعذرنا على قلة ذوقنا، وعدم لياقتنا، لتقصيرنا باستقبالك كما ينبغي، لبهائك الصافي، ويليق ببهجتك الغامرة. جئتنا حاملا بين يديك هدايا الفرح وأغنياته المرحة وبالوناته الملونة كالعادة، فوجدتنا نغطّ في حزنٍ عميقٍ شاملٍ ومتنوع، تحت عنوان فرضه علينا الآخرون وتبنيناه جاهزاً؛ "الإرهاب".


 

‏وهكذا أعدنا تأليف روزنامتنا العربية، وفقا لأحداثنا اليومية الدامية في المدن والقرى على امتداد الوطن العربي الكبير، وصولاً إلى مدينة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وبالقرب من مثواه على هذه الأرض المقدسة،  فأي فرحٍ نستحقه بعد ذلك؟ وصل بنا الأمر أن نصوم على تفجير ونفطر على آخر، وبعدهما نتسحّر على ما خفّ وساء من القتل المجاني للآباء والأمهات والأشقاء والأقرباء. وبين هذا وذاك، نتبادل الاتهامات المعلبة، ونحن نجمع الأشلاء، ونحصي الجثث ونتوضأ بدماء القتلى والجرحى لنصلي صلاة العيد.

‏بسم الله والله أكبر.. سكاكين التطرف الشيطانية تنغرس في قلب الأم، وقلب الأمة التي كانت خير أمةٍ أخرجت للناس، فأصبحت الأمة التي ضحكت من جهلها الأمم، وهي تراقبها تنتحر بكل شيء يتوفر أمامها، ذلك لأنها استسلمت للكسل والحلول الجاهزة ونظريات الغرباء في تفسير ما يحدث.

‏عيد جديد آخر يطل علينا موشحاً بالدماء البريئة التي حاصرت مسلسلات رمضان على الشاشات، وتفوقت عليها في نسب المشاهدة، ونافست برامج الكاميرا الخفية، وغلبتها في سباقات الرعب والدهشة، وسالت من بين شقوق الوجل والأحزان تطرفاً، طال أوثق العلاقات الإنسانية بين البشر. فلم نكد نصحو من كارثة إقدام الشابين التوأمين على قتل والدتهما في الرياض، حتى كادت أشلاء الجثث العراقية المتطايرة في أسواق الكرادة في بغداد تحتل المشهد الرمضاني كله. وهكذا بدا الموت كثيفاً جداً، لكنه أليف ومتوقع، حيث تحول البشر الذين ماتوا في ذلك التفجير الداعشي الضخم إلى مجرد رقم يتزايد في الأخبار المتتالية، نشرة بعد نشرة، بعدد من ماتوا، وعدد من نجوا بإصاباتٍ مختلفة، وعدد من تيتموا، وعدد من فقدوا الأهل والأصحاب والأحباب. وعدد من بقوا على قيد الحزن واليأس والحياة بلا أسماء، ولا أشكال ولا ملامح ولا قصص فردية. لا مجال ولا مكان ولا وقت لكل هذا الترف الصحفي القديم، حيث لكل جثةٍ قصةٌ بتفاصيل التفاصيل. فالتطرف ماض ومتعجل، وداعش أصبحت "ماركة" تجاريةً لكل تفجير يقدم عليه الشيطان الرجيم باسم الله والله أكبر.

‏العقل الكسول والعقل المغرض هما من يعلق آثام التطرف التي ترتكبها داعش على مشاجب المناهج والمشايخ والفتاوى والكتب التراثية القديمة، وطبعاً ابن تيمية وكفى.

‏لست أقلل من أهمية كل ما سبق في تكوين كثيرٍ من الرؤى المتطرفة، لكن تفريغ ظواهر العنف التي أحاقت بالأمة من أسبابها الكبرى لصالح أسباب صغرى، لا يؤدي إلا إلى نتائج مزيفة في النهاية.

‏ولد ابن تيمية في العام 1263 ميلادية، وتوفاه الله في العام 1328 ميلادية، أي أن سبعمائة عام تقريبا تفصلنا عن هذا الفقيه المجتهد، امتلات بكل الاجتهادات والنظريات والظواهر ما بين جهاد واجتهاد واحتلال واستقلال، لكن بعض من يتصدّى لتفسير ظواهر التطرف المتمثلة في تنظيماتٍ، كالقاعدة وداعش، يصور الأمر للعامة، وكأن الرجل اكتشاف جديد بالنسبة للشباب، وأنه ينتمي لعصرنا، أو هو موجود بين ظهرانينا، وهذا غريب وعجيب، وبلا تفسير سوى التدليس والكسل.

‏وما يقال عن ابن تيمية يقال عن غيره من أسماء تراثية ظهرت في عصورٍ قديمةٍ بنظريات فقهية، تلائم تلك العصور، ولا تشذ عن معاييرها وأخلاقياتها العامة. ولا يمكن أن تتعدّاها إلى عصرنا قفزاً على الأزمة، كي نفسر بها ما استجدّ علينا من تطرف،.. هكذا فجأةً بدلاً من التفكير بما استجد علينا، وجعل بعضهم من شبابنا، يستعيد ذلك التراث القديم بشكل جماعي، من خلال المناهج الدراسية أو بشكل فردي واجتهادات خاصة.. ينفض عنه غبار الزمن، وينتقي منه ما انتهت صلاحيته من فتاوى. والحديث يطول. 
---------------
العربي الجديد


سعدية مفرح
الخميس 7 يوليوز 2016