نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


الحرب الباردة في حديقة الحيوان، من الذي يمتلك الباندا؟




كان ماو أحد المفضلين لدى فريدريش ايبرت الابن الذي كان أول عمدة لبرلين الشرقية وكان أحد المغرمين بماو وكان يسعد كثيرا عندما يستطيع رؤية الآسيوي ماو.


في الغالب كان ايبرت، نجل فريدريش ايبرت رئيس ألمانيا، يذهب إلى حديقة الحيوان للبقاء إلى جانب التمساح الصيني. لا يزال ماو يعيش حتى اليوم في برلين، وبالتحديد شرق المدينة التي ظلت منقسمة عقودا.

لم يكن ايبرت الابن مجرد صديق للتمساح بل داعم لحديقة الحيوان. افتتحت الحديقة عام 1955 وكان يراد لها أن تُظهر أن جمهورية ألمانيا الديمقراطية متفوقة ولذلك كان المطلوب أن تصبح هذه الحديقة أفضل من حديقة الحيوان في برلين الغربية الرأسمالية والمنافسة لبرلين الشرقية.

لذلك فإن ايبرت الابن، العضو بالحزب الاشتراكي الوحدوي في ألمانيا والذي كان عمدة برلين الشرقية في الفترة بين عام 1948 و 1967 كان يدعم مدير حديقة الحيوانات "تيربارك" في برلين الشرقية هاينريش داته في جلب الحيوانات والمواد التي كانت تحتاجها الحديقة وذلك حسبما وصف الصحفي يان مونهاوبت في كتاب "حديقة حيوان الآخرين" والذي عالج قصة حديقة الحيوان إبان الحرب الباردة.

إنها قصة لا تزال تلقي بظلالها وآثارها على الحاضر حسب تحليل مونهاوبت "لأنه ليس هناك مكان آخر في برلين لا يزال فيه السور حاضرا في العقول مثل حديقة الحيوان" حيث أظهرت استطلاعات للرأي أن سكان برلين الغربية سابقا لا يزالون يزورون حديقة الحيوان بشكل خاص في حين أن سكان برلين الشرقية سابقا يفضلون زيارة حديقة تيربارك التي كانت حديقة حيوان برلين الشرقية.

الحرب الباردة في حديقة الحيوان، إنه موضوع غير عادي حيث إنه من المعروف أن الكتلتين الشرقية والغربية كانتا تتنافسان على الوصول للقمر والحصول على أكبر عدد من الميداليات الذهبية في الأوليمبيات.

ولكن كلا من الشرق والغرب أراد التفوق على منافسه في الحياة اليومية أيضا، مثل الهندسة المعمارية على سبيل المثال حيث نشأ حي هانزا فيرتل غرب برلين كرد فعل على شارع ستالين الواسع والشهير في برلين الشرقية حسبما قال المؤرخ بيرند ستوفر من جامعة بوتسدام الألمانية مضيفا: "كان يراد من وراء حي هانزا فيرتل أن يظهر النموذج المقابل لشارع ستالين وأن يركز على الأبنية المفتوحة ذات الأماكن الكثيرة بين المنازل وبعضها".

بحث ميكه روشر، أستاذ العلاقات بين البشر والحيوان بجامعة كاسل، قصة حدائق الحيوان. وروشر هو أول باحث في هذا التخصص الناشئ في ألمانيا.

ورأى روشر أن وصف التاريخ يخلو في الغالب من وصف العلاقة بين الإنسان والحيوان "لقد تجاهلناها طويلا".

وحسب الأستاذ الألماني فإنه لولا الحيوانات لما كان عصر الصناعة على سبيل المثال بالشكل المعروف له.

وذهب روشر إلى "أننا نستطيع الاعتماد على معارض الحيوانات في تحليل كيف كانت الأنظمة السياسية وما هي التغيرات التي طرأت على المجتمع".

وفيما يتعلق بحديقتي الحيوان في برلين فإن كلا الطرفين كانا على الأقل يسعيان لتحقيق نفس الهدف حيث كان يراد لحديقة حيوان تيربارك شرق برلين وحديقة الحيوان غرب برلين أن تكون كل منهما رمزا للمدينة وبذلك عنوانا لقوة كل طرف حيث كانت أقدم حديقة في جانب و الحديقة الأكبر مساحة في الجانب الآخر.

ورغم أن حديقة حيوان غرب برلين أسست بالفعل منتصف القرن التاسع عشر إلا أنها تضررت كثيرا في بداية الحرب الباردة. ولم تكن الحرب العالمية الثانية وحدها التي لم ينج منها سوى 90 حيوانا هي التي أضرت بحديقة حيوان برلين الغربية بل تضررت الحديقة أخلاقيا أيضا بسبب دعم الأيدولوجية العنصرية التي روج لها النازيون في حين أن حديقة تيربارك بدأت تاريخها نقيا ودون ذنوب من الماضي.

وبعد أن تقرر إنشاء الحديقة عام 1954 تم افتتاحها بعد ذلك ببضعة أشهر.ونجح شرق برلين في تحقيق أول نجاح لصالح سمعة الحديقة حيث جلب إليها مديرها داته عام 1958 دبة الباندا "شي شي".

ورغم أن هذه الباندا لم تبق في الحديقة سوى بضعة أسابيع قبل أن تباع مرة أخرى إلى لندن إلا أن ذلك كان بمثابة نجاح لإدارة الحديقة حيث زار مئات الآلاف أول دبة باندا في ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية، وكان ألمان من غرب ألمانيا من بين هؤلاء الزوار أيضا.

ورغم أن حديقة حيوان غرب برلين كان لديها باندا في ثلاثينات القرن الماضي إلا أنها لم تستطع تقديم هذا الحيوان النادر خلال الحرب الباردة إلا فيما بعد وذلك عندما خصص المستشار الألماني هلموت شميت الحديقة الباندتين "تين تين" و "باو باو" اللتان حصلت ألمانيا عليهما هدية من الصين عام .1980

وكان هذا القرار من جانب المستشار أيضا بمثابة إشارة للكتلة الشرقية مفادها أن ألمانيا الاتحادية لن تترك جزيرتها في الشيوعية. كما حملت هدية وزير العدل الأمريكي روبرت كيندي معنى رمزيا حيث أحضر عام 1962 صقرا أبيض الرأس إلى برلين الغربية "وكان ذلك بمثابة رسالة على أن برلين تستظل بظل الجناحين الحاميين للشعب الأمريكي" حسبما فسر روشر.

ورغم ذلك فإن تسمية روبرت كيندي هذا الصقر باسم عمدة برلين الغربية آنذاك فيلي برانت كان مثارا للسخرية من جانب صحيفة "نويز ديوتشلاند" في ألمانيا الشرقية والتي عنونت للخبر قائلة إن فيلي برانت أصبح وراء القضبان.

نيكولاي هولاند
الثلاثاء 21 فبراير 2017