نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


الحرب على الأكراد ليست الحل




قتل 58 طفلاً خلال القتال الدائر في جنوب شرقي تركيا بين الجيش أو القوات الأمنية وبين حزب «العمال الكردستاني» في أضنة وأنقرة وإسطنبول، منذ 26 تموز (يوليو) وإلى نهاية 2015، وفق تقرير لمنظمات غير حكومية حمل عنوان «أوقفوا قتل الأطفال». ويشير التقرير كذلك إلى إصابة 56 طفلاً آخرين بجروح في تلك الاشتباكات بعضهم فقد طرفاً أو أكثر، أكبرهم عمره 18 سنة وأصغرهم 35 يوماً. بعض هذه الجثث الصغيرة لم يدفن الى اليوم بسبب الوضع الأمني وحظر التجول.


  التقرير يتوجه إلى منظمة يونسيف في الأمم المتحدة ويدعوها الى ارسال مراقبين إلى مناطق القتال من أجل التحقق من الوضع، وإلى حضّ الحكومة التركية على التزام تدابير تجنب الأطفال خطر الموت في الاشتباكات، وفق ما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة لحماية الأطفال في المادة 38. ولا شك في أن العملية العسكرية التي بدأتها الحكومة - والغاية المعلنة منها هي ردم خنادق حزب «العمال الكردستاني» في بعض المدن وتنظيفها من المسلحين - بدأت تودي بأرواح الأبرياء والأطفال، وبدأت تتحول إلى مسألة دولية. ولو كنا نعيش في 1915 لكان في الامكان أن تتستر الحكومة التركية على مسؤوليتها. لكن مثل هذا التنصل من المسؤولية متعذر اليوم.
ولكن هل أمام أنقرة حل آخر غير العودة إلى طاولة المفاوضات واستئناف الحوار مع حزب «العمال الكردستاني»؟ بعض المقربين من رئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو، يقولون إنه على خلاف الرئيس أردوغان أقرب الى فكرة العودة إلى المفاوضات والحوار، وينقلون عنه رغبته في «تفاوض الحكومة مع الأكراد المؤيدين للحكومة» (ولكن هل بقي منهم كثير؟) واحتمال اتساع الحوار ليشمل حزب «الشعوب الديموقراطية» وزعيمه صلاح الدين دميرطاش، واعتبار ان الوضع العسكري في ارض المعارك هو وراء رفض الرئيس أردوغان وبعض الوزراء الحوار مع دميرطاش.
ولكن ما هذا التخبط، وما نوع الحوار هذا؟ تقول حكومة «العدالة والتنمية» إنها ستجلس أمام المرآة وتجري حواراً مع نفسها، أي مع اكراد ليسوا على خلاف معها في الرأي من أجل بحث «القضية الكردية» التي ينفي الرئيس أردوغان وجودها أصلاً! وينقل آخرون عن داود أوغلو أنه عازم على مواصلة الحملة العسكرية الى حين تصفية المسلحين وجمع كل السلاح والقنابل. وفي جلسة مع المقربين من الصحافيين يدور كلام داود أوغلو على حجم القوة العسكرية «الكردستانية» على الأرض وترسانة السلاح، ويختم بالسؤال: «لو كنتم مكاني ماذا ستفعلون غير العمل العسكري؟».
يسأل داود أوغلو هذا السؤال ليقول إنه مجبر على سلك هذه الطريق، لكن الجواب على سؤاله بسيط: لو كنت مكانك لفعلت خلاف ما تفعله، أي أبدأ فوراً حواراً شاملاً مع حزب «الشعوب الديموقراطي»، عوض شن حملة عسكرية مفتوحة أدت الى حركة نزوح جماعي من مدن الجنوب، وسقوط هذا العدد من الأطفال.
فاز حزب «الشعوب الديموقراطي» بـ 80 نائباً في انتخابات حزيران (يونيو) الماضي، وعلى رغم حملة كبيرة لشيطنته واتهامه بالإرهاب وتخويف مرشحيه وحرق مقراته، نجح مرة أخرى في بلوغ البرلمان وصار ثالث أقوى حزب فيه بـ 59 نائباً في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) الأخير. ويرفض داود أوغلو لقاء دميرطاش، في وقت يسقط الأطفال في جنوب شرقي تركيا. ولكن هل هذا الرفض علامة على حنكة سياسية؟ كل عاقل يعرف أن على الحكومة استئناف الحوار مع «الشعوب الديموقراطي» و»الكردستاني»، فلا مفر من هذا الطريق.
وخلص تقرير مجموعة الأزمة الدولية التي تشارك الخارجية التركية في نشاطاتها، بالقول: «الحكومة أعلنت أنها لن تحاور أوجلان وأنها ستواصل الحملة العسكرية ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني في جنوب شرقي البلاد. الحكومة والكردستاني يدركان أنه لا حل عسكرياً للصراع بعد حرب دموية دامت أكثر من 30 عاماً، لكنهما ينتظران حل الأزمة السورية قبل التوصل الى حل نهائي. لذا، يسعى كل من الطرفين الى اضعاف الآخر. ولم تعد الحكومة في برنامجها بإعطاء المواطنين الأكراد حقوقهم التي يطالبون بها، أو بالعودة إلى الحوار، بل أشارت الى حوار مع قوى بديلة مثل العشائر والقبائل الكردية أو الجمعيات القريبة من رأي الحكومة.
نرى أن الحل الوحيد لهذه الازمة الدموية المستمرة منذ اكثر من 30 عاماً هو العودة الى الحوار مع «الكردستاني» و»الشعوب الديموقراطي»، وإقرار الإصلاحات التي يطالب بها الاكراد في تركيا من التعليم باللغة الأم وإرساء نظام حكم إداري محلي عوض المركزية القوية». وإذا أدركت الحكومة خطورة مواصلة سياساتها الحالية، قد يفكر أحد المسؤولين فيها في قراءة هذا التقرير وحمله على محمل الجد.
 ---------------------------------------------------------------------
الحياة
* كاتب، عن «راديكال» التركية، 10/1/2016، إعداد يوسف الشريف

جنكيز شاندار -
الخميس 21 يناير 2016