عندما فاز الرئيس الأميركي باراك أوباما بدورته الرئاسية الأولى عام 2009، اختارت الصحف البريطانية صورة يُراقص فيها زوجته ميشال أوباما ليلة فوزه، وكتبت “إنه يرقص أيضا!!” فلم تكن المفاجأة حينها بفوز أول رجل أسود برئاسة الولايات المتحدة، ثمة زاوية أخرى للنظر إلى القادم الجديد إلى البيت الأبيض، إنه يجيد الرقص بشكل جيد.
ثمة مفاجأة من نوع آخر حدثت الأسبوع الماضي، فالرقص ناخب بلا صوت! ومارين لوبان، الخاسرة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ظهرت ترقص بحماسة وشغف بعد الإعلان عن هزيمتها.
فالرقص بشغف وحماس لا يعني غير أن هذه السيدة تشعر بالفوز! لا بالخسارة وأنها قادرة مع أعضاء حزبها على التغيير في معركة لم تنته مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ترقص لوبان على طبول الشعبوية اليمينية التي تجاهلها الفرنسيون وفق نتائج الانتخابات، فيما أثارت إعجاب الناخبين في الولايات المتحدة وبريطانيا، وهذا يثبت حجم اليأس للعدد الكبير انتخابيا ممن عولوا عليها، وهم من أسمتهم صحيفة نيويورك تايمز بـ“المنسيين”.
هؤلاء المنسيون قوة مؤثرة لذلك قللت صحيفة “لوموند” من قوة انتصار ماكرون، فالعديد من الفرنسيين لم يصوتوا لصالح مرشح، بل ضد اليمين المتطرف، وهي إشارة إلى عدم ارتياح حيال الرئيس الجديد.
الكاتب جديون راشمان في صحيفة فايننشيال تايمز اقترح على ماكرون في ذروة تلذذه بالانتصار، العودة إلى رسالة خبير الاقتصاد البريطاني جون ماينارد كينز التي كتبها إلى فرانكلين روزفلت عام 1933، محذرا إياه من الفشل، لأن “التغيير العقلاني سيتعرّض إلى أذى بليغ في جميع أنحاء العالم، يجعل التقليديين والثوريين في محاربته”.
كلام ماكرون بالأمس يوحي ببعض التفاؤل مع أنه بارتداء بدلة متواضعة السعر في يومه الأول في الشانزلزيه، أوحى لطبقة الأناقة الفرنسية بأنه نسخة ليست طبق الأصل ليساري يشبه جيرمي كوبرين لا يعتني بهندامه!
وكلامه بشأن إعادة ثقة البلاد بنفسها، وانتهاء الأمور التي كانت تجري خارج الزمن، وأن “العالم وأوروبا بحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى فرنسا قوية وفعالة” سيعطي الفرنسيين على وجه الخصوص والأوروبيين بشكل عام، أنه ليس كأوباما يرقص على مهل كقراراته المترددة، ولا ثور كلام هائجا بربطة عنق حمراء كترامب.
قاعدة ماكرون المحلية هشة، ومشكلة ذهاب المعارضة إلى الشوارع ستكون حقيقية يجب مواجهتها. لذلك يستحسن راشمان إجراء زيادة مبكرة في أجور رجال الشرطة، لأن الكثيرين منهم سيكونون قد صوتوا للوبان.
---------
العرب