نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


الزيوت الطبيعية...صناعة قديمة تواجه منافسة عصرية شرسة




الدار البيضاء - منذ القدم، كان للمغاربة ارتباط كبير بكل ما هو تقليدي وتراثي، وفي مقدمة ذلك كثرة استعمال الأعشاب والزيوت الطبيعية بمختلف أنواعها، الشيء الذي ساهم مثلا في انتعاش صناعة الزيوت الطبيعية، وتسجيل إقبال متزايد على هذا النشاط التجاري التقليدي من قبل فئات واسعة النطاق ترى في هذا الصنف من المنتجات خلاصا من عدد من المشاكل الصحية والتجميلية.


الزيوت الطبيعية للشعر
الزيوت الطبيعية للشعر
لكن، في المقابل، وبسبب الانتعاش السريع الذي شهده سوق المنتجات التجميلية الكيمائية والانفتاح التجاري للمغرب على الأسواق الأجنبية خصوصا الأوروبية القريبة مثل فرنسا وإسبانيا، أخذ التعاطي للمواد الطبيعية منحى نحو التدبدب لعدة عوامل راجعة إلى طبيعة المنافسة الشرسة التي تفرضها عادة المواد المصطنعة.

وكالة الأنباء الألمانية (د .ب. ا) حاولت طرق باب هذا النشاط التجاري، من أجل التعرف على بعض أسراره خصوصا طبيعة المشاكل والصعوبات التي تواجهه بسبب الفوضى التي تهدد استغلال الغطاء النباتي علما بأن المغرب، بمختلف مناطقه الجبلية والجافة، يتوفر على الآلاف من أنواع النباتات الطبيعية التي تستخدم في صناعة الزيوت أو في المستحضرات التجميلية أو العطور أو حتى في صناعة الأدوية.

حنان شاكر، متخصصة في التجميل الطبيعي بالزيوت والأعشاب الطبيعية، ترى أن هذا المجال، بقدر أهميته الصحية والتجميلية، بقدر ما أنه يعاني مهنيوه في صمت رهيب جراء الفوضى التي تستدعي تدخلا عاجلا لوضع تقنين دقيق "حتى لا يستنزف المحصول النباتي وتتم حمايته من كافة أشكال النهب التي تطاله إما من قبل متطفلين أو من قبل بعض العناصر التي تطمح الاستغناء بطرق غير مشروعة"، حسبما أوضحت حنان شاكر في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية.



وكشفت حنان شاكر، عضو الهيئة المغربية للمواد الطبيعية، أن هذه الهيئة (غير حكومية) أنشئت منذ سنة للعمل على تقنين مهنة العاملين في مجال صناعة الزيوت والأعشاب، وضمان دورات تكوينية لفائدة العطارة (الذين يبيعون الأعشاب)، خصوصا أن منهم من يسوق بعض أنواع الأعشاب في غاية الخطورة دون علم بذلك، ومن ثم "ترى الهيئة التي تضم متخصصين في المجال من الضروري برمجة دورات تكوينية لهؤلاء لإطلاعهم على أسرار هذا المجال وتعريفهم بواقع الغطاء النباتي الوطني الذي يعتبر ثروة وكنزا لا يمكن التفريط فيهما"، توضح شاكر، التي تقدر، وبحكم اشتغالها في المجال لأزيد من عشر سنوات، أن حجم سوق الزيوت والأعشاب الطبيعية مازال ضعيفا مقارنة مع الماركات العالمية التي تغزو المغرب لأنها تعتمد سياسات تسويقية واسعة الصيت والفعالية، خلافا للمواد الطبيعية.

يحظى المغرب عموما بمناخ مناسب للنباتات الطبيعية، فمياه الأمطار تساعد على إنبات الأعشاب، التي تحتاج، خلال فصلي الربيع والصيف، إلى أشعة الشمس كي تصبح جافة وبالتالي قابلة للتقطير من أجل استخراج الزيوت سواء العطرية منها أو النباتية. ثم إن صناعة الزيوت مرتبطة ارتباطا وثيقا بنوعية السنة الفلاحية، إذا كان العام ممطرا وشهد وفرة في التساقطات، فإن مردودية الأعشاب تكون معتبرة ومرتفعة، أما إذا حصل العكس، وقلت الأمطار، فإن المردودية من الأعشاب تكون محدودة ولا ترقى إلى انتظارات المهنيين، الذين يقتاتون من قطر الزيوت. وإذا كان عدد من المناطق في المملكة المغربية، خصوصا الجبلية منها، تعرف ازدهارا لزراعة الأعشاب بمختلف أنواعها، فإن "استغلال هذه المناطق في الغالب ما تطغى عليه الفوضى، وفي كثير من الأحيان النهب من قبل أجانب يأتون ويدفعون لسكانها الفقراء مبالغ زهيدة، مقابل جمع أعشاب طبيعية ذات جودة عالية"، تكشف حنان التي تعتمد في صناعة مستحضرات التجميل على عدد من الزيوت العطرية ، خصوصا زيت إكليل الجبل، أو ما يعرف بـ"أزير"، الموجود بكثرة في المناطق الجنوبية، وهو ذو جودة عالية وفعالة ويستخدم في صنع عدد من الوصفات الطبيعية وأيضا لعلاج بعض الأمراض. فمن أصل طن من نبتة أزير، تقول شاكر، يتمكن المختصون في تقطير الزيوت من استخلاص لترين إلى ثلاث لترات فقط. والأهمية نفسها بالنسبة إلى نباتات طبيعية أخرى مثل "الخزامى" و"الشيح"، و"الورد". هذا الأخير الذي تشتهر به منطقة قلعة مكونة (الجنوب) ويعد أغلى زيت عطري يسوق بحوالي 150 ألف درهم للتر الواحد، (أي ما يعادل 15 ألف يورو)، فهو النوع الذي يستعمل في الماركات العالمية للعطور في باريس وغيرها. أما الخزامى، فإن زيتها العطري يتراوح بين 800 وألف درهم للتر الواحد، وهي كلها زيوت عطرية تستعمل في صنع المواد التجميلية وفي التدليك وغيرها من الاستعمالات التجميلية (عطور وكريمات الجسم وشامبو الشعر وزيوت التدليك ...)، وأيضا الطبية لأنها تشكل في بعض الأحيان أساس صناعة بعض الأدوية من قبيل المراهم أو الكريمات أو السوائل الطبية خصوصا تلك التي توصف للمرضى بنزلات البرد.

وهذه الزيوت العطرية يتطلب استخلاصها، في الغالب، عملا دؤوبا من قبل زراع متخصصين أو من قبل مجموعة من الأشخاص من الذين يفضلون إنشاء تعاونيات.

وبالنسبة لحنان شاكر، التي عاشت تجربة معتبرة في المجال واطلعت عن قرب على أسرار هذا العالم المليء بالفوائد الصحية والتجميلية، فإن من يشتغل في صناعة الزيوت والأعشاب يضطر إلى أن يوسع شبكة العلاقات مع أولئك المهنيين الذين يعكفون على تقطير الزيوت العطرية في المناطق حيث توجد النباتات والأعشاب الطبيعية. وفي هذا الصدد، وبحكم المهنة التي مارستها لسنوات، وسعت حنان شاكر مجال الاتصالات وتعمل جاهدة على انتقاء من هم أهل بالثقة، لأن الحصول على زيوت عطرية أصلية ليس شيئا في المتناول، "إلا إذا كان المتعامل معه إنسان مهني مخلص في عمله يتفادى كل مظاهر الغش"، تؤكد شاكر التي تفضل الاشتغال بالزيوت العطرية التي تقطر بطريقة تقليدية، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن هناك أعشابا لا تعطي الزيوت العطرية، أو الطيارة (لأن مكوناتها طبيعية لكن قاعدتها الكحولية مرتفعة)، بل تعطي زيوتا نباتية، وعددها يقدر بمئات الأنواع، وهي أيضا تستعمل في التجميل والتدليك وفي صناعة بعض المستحضرات مثل الصابون والشامبو. ومن بين أشهر الزيوت النباتية في المغرب، زيت أركان وزيت اللوز وزيت الزيتون، وهي زيوت تستعمل في صناعة الكريمات والمواد التجميلية التي تساعد على التخلص من عدة مشاكل البشرة والشعر.



د ب ا
الخميس 4 ماي 2017