نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة

تأملات في الثورة الفاشلة

16/03/2024 - ماهر مسعود


السلام الخليجي ـ الإسرائيلي.. خطة أمريكية مشوهة





خلال زيارته إلى الرياض، التقى جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأحد كبار مستشاريه، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفق ما ذكرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية في 29 أكتوبر / تشرين الأول المنصرم.


 

وضم الوفد الأمريكي (الذي زار المملكة في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي بحسب الإعلام الأمريكي)، جاسون غرينبليت المبعوث الأمريكي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، ودينا باول الأمريكية ـ المصرية التي تتولى منصب نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي للشؤون الاستراتيجية.

زيارة كوشنر جاءت إلى منطقة الخليج في وقت يواجه فيه ترامب ضغوطات غير مسبوقة داخل بلاده، حيث تم توجيه خلال الأسبوع الماضي فقط، اتهامات لثلاثة من مساعديه بالتواصل مع حكومات أجنبية من أجل الضغط على واشنطن.

كما تزامنت معارك ترامب القانونية مع فشله في استمالة الكونغرس الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه.

ترامب لم يتمكن من الدفع إلى "إحلال واستبدال" قانون أوباما كير، كما لم يستطع جمع الأموال اللازمة لتمويل عمليات بناء الجدار الحدودي مع المكسيك، فضلا عن عدم قدرته على تمرير مشروع الاقتطاع الضريبي بهدف تخفيض الضرائب.

ورغم المشكلات التي يواجهها ترامب في موطنه، ما زال يجنّد كوشنر في رحلات خارجية، فالرئيس الأمريكي لديه 3 أهداف، الأول دفع إسرائيل ودول الخليج باتجاه طريق السلام.

والثاني كسب نقاط لدى تل أبيب على أمل أن تحوّل أموال وأصوات المجتمع اليهودي في أمريكا ضد أي محاولات لإقالة ترامب، أو حتى لتساعده في مساعيه لإعادة الترشح في الانتخابات الرئاسية عام 2020.

أما الهدف الثالث فمرتبط بمصالح ترامب الشخصية مع عائلة كوشنر، فكلاهما يديران إمبراطوريات عقارية، ويبحثان باستمرار عن الجهات المانحة المحتملة، حيث تبدو جيوب الخليج العميقة هدفا جديرا بالاهتمام.

ـ خطة أمريكية

إمكانية دفع منطقة الخليج وإسرائيل باتجاه السلام، يعني أن توقّع دول مجلس التعاون الخليجي اتفاقيات سلام مع تل أبيب، دون النظر إلى الفلسطينيين.

وفي العادة، امتنعت الدول العربية عن إبرام سلام مع الدولة العبرية إيمانا منها بأن مثل هذا "التكتيك" يعزز موقف الفلسطينيين في مفاوضاتهم مع إسرائيل، وأن تبديد التضامن العربي كورقة ضغط على تل أبيب، سيضعف بالتأكيد الفلسطينيين.

من جهته، يرى غرينبليت أنه بمجرد عقد اتفاقية سلام بين دول الخليج وإسرائيل، ومهما حملت من نوايا حسنة، ستأتي بمفاوضات السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية إلى نقطة النهاية.

ووضع كوشنر وغرينبليت السلام الخليجي ـ الإسرائيلي محور سياسة ترامب الخارجية، لذا شوهد الرئيس الأمريكي لأول مرة وعلى نحو غير معهود، يتوجه إلى تل أبيب قادما من الرياض، في خطوة علق عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قائلا "أطمح في أن تنقل الرحلة المباشرة الثانية بين الرياض وتل أبيب مسؤولا إسرائيليا".

ـ مواقف خليجية متباينة

ورغم تركيز إدارة ترامب على السلام الخليجي ـ الإسرائيلي، لم يظهر أي مؤشرات على إمكانية تنفيذ أي طرف من الأطراف لاتفاق.

ومنذ سنوات ماضية، كانت زيارة (الرئيس الأمريكي) السعودية خطوة كافية للإشارة إلى أن مجلس التعاون الخليجي بكامله سوف يتبع خطى الرياض.

لكن منذ اندلاع أزمة الخليج في يونيو / حزيران الماضي، اتخذت الدوحة طريقا مختلفا عن الرياض وأبوظبي، ما يعني أنه في حال التزمت السعودية بالسلام مع إسرائيل، فإن قطر لن تتبع تلك الخطوة.

وعلاوة على ذلك، هناك مؤشرات أخرى تشير أن أي خطوات تتخذها السعودية والإمارات باتجاه إحلال السلام مع إسرائيل لن تتبعها بقية دول الخليج، ومثال على ذلك ما حدث الشهر الماضي (18 أكتوبر /تشرين الأول) في مدينة سان بطرسبورغ الروسية، حين طرد رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، الوفد الإسرائيلي المشارك في المؤتمر.

واقعة "الغانم"، والدعم الذي قدمته له وسائل الإعلام الكويتية، يظهران أن الكويت ما زالت بعيدة عن السلام مع إسرائيل.

وعلى غرار قطر والكويت، يبدو أن سلطنة عمان ليست على عجلة من أمرها للتصديق على سلام مع إسرائيل قبل أن يقوم بذلك الفلسطينيون.

لكن يبدو أن البحرين وحدها هي التي تنتهج موقفا متجانسا مع السعودية والإمارات في الاقتراب من إحلال السلام مع إسرائيل.

وبشكل عام، يُظهر الانقسام داخل مجلس التعاون الخليجي حول السلام مع إسرائيل، أن الدول الخليجية ليست مستعدة بعد لخطة "كوشنر وغرينبليت".

ولعل هذا الانقسام هو الذي أقنع الرياض وأبو ظبي بتعويم الأفكار المتعلقة بتأسيس مجلس إقليمي جديد يجمعهما مع حلفائهما المقربين مصر، والبحرين، على أمل انضمام الأردن والمغرب.

وفيما سارت الأردن على حبل مشدود خلال الأزمة الخليجية، واستدعاؤها سفيرها من الدوحة، وقفت الرباط بعيدة عن منطقة الخليج العربي.

ـ سلام مشوه

أثناء وجود كوشنر وفريق عمله في الرياض، فاز 5 رياضيين إسرائيليين بميداليات في بطولة رياضة "الجودو" بأبو ظبي، وحين وقف هؤلاء الرياضيون على منصة التكريم، لم يعزف الإماراتيون النشيد الوطني الإسرائيلي، كما لم يرفعوا علم إسرائيل، وهي المراسم المعتادة في مثل هذه الفعاليات.

وفيما شعرالإسرائيليون حينئذ بمشاعر متباينة تجاه انكسار ملحقهم في الإمارات، إلا أن السعادة غمرتهم لمشاركتهم في بطولة رياضية خليجية أعادت تأكيد علاقات ما زالت سرية بين البلدين، وجعلت التطبيع أقرب إلى الحقيقة.

من جهة أخرى، قال الإسرائيليون إنهم حصلوا على تطمينات من أبوظبي بألا يتكرر حادث إهانة رياضييهم مرة أخرى في المستقبل.

وقد تكون واقعة أبو ظبي أفضل انعكاس للسلام الخليجي السري، إنه سلام يشبه الخيانة في العلاقات، حيث يوجد طرف واحد هو الحريص على إعلان العلاقة، فيما يخشى الطرف الآخر الإفصاح عن الأمر خشية حدوث ارتباك في حياته.

إذا كانت واقعة أبو ظبي نذيرا للسلام الخليجي الإسرائيلي المستقبلي، فعلينا أن نتوقع نوعا من السلام المشوه الذي يتم الاحتفال به بصمت، ودون أعلام أو أناشيد.
-----------
الاناضول


حسين عبد الحسين
الثلاثاء 7 نونبر 2017