نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


الصراع في سوريا إلى أين ؟






بدأت مرحلة جديدة في الصراع السوري بعد توجيه التحالف الدولي لضربات جوية ضد المنظمات الإرهابية، لتعقب مرحلة السياسة الأميركية المتسمة بالتردد والحذر المبالغ به واللامبالاة أحيانا، التي استمرت منذ تحولت الثورة الشعبية الى مواجهة مسلحة بين النظام وحلفاءه من جهة، والقوى المعارضة من جيش حر وكتائب إسلامية وقاعدة بشقيها داعش والنصرة من جهة أخرى.


 

من الواضح ان اميركا قد حسمت امرها اثر تحول دراماتيكي في العراق بعد تقدم كاسح لداعش ادى لاحتلال الموصل ومدن أخرى في حزيران، وبات يهدد بغداد واربيل ودول في المنطقة والعالم، والذي انتقل بزخم لسوريا ليؤمن لداعش الهيمنة على محافظتي الرقة ودير الزور مع زحف باتجاه محافظة الحسكة والحدود السورية- التركية.

الخطوة الجريئة بنقل الضربات الجوية لسوريا ولدت ردود فعل مختلفة، فالنظام رضخ لها وتناسى "المؤامرة الكونية"! وطلب الالتحاق بالتحالف "الكوني" الذي اعتبره حسب زعمه يحارب في نفس خندقه. لكنه ونتيجة موقف حاسم من التحالف برفض التنسيق معه، يبطن الخشية من تطور الضربات لتشمل اهداف عسكرية تابعة له، وهذا امر لا احد يستبعده مع تطورات قد تدفع التحالف لتوسيع ضرباته باعتبار النظام مصدرا للارهاب، واحد عوامل توليد المنظمات الإرهابية، التي غض النظر عن نشاطاتها لكونها تقاتل اعدائه الالداء، الى ان بدأت تقضم مناطق تحت سيطرته.

من جهتها المعارضة السياسية السورية الديمقراطية الممثلة بشكل أساسي في الائتلاف الوطني رحبت بالضربات وبالمزيد من تسليح وتدريب المعارضة المسلحة المعتدلة، ولكنها اعتبرتها غير كافية ان لم تشمل النظام الإرهابي، واذا لم تكن بوتيرة سريعة تمكن الجيش الحر من ملئ أي فراغ قد يتولد عن تهميش داعش، كما حدث في العراق عند استعادة سد الموصل ومدن وبلدات بالتنسيق بين ضربات التحالف من الجو، والجيش العراقي والبشمركة على الأرض
.
هذا الموقف العقلاني بلا تأثير كبير بسبب الفعالية العسكرية الضعيفة للقيادة السياسية للمعارضة، حيث رفضت كتائب مسلحة عديدة الدور الجديد الأميركي وحتى اعتبره بعضها لمصلحة النظام! واستمرت بالمكابرة عن قدرتها وحدها على انهاء النظام دون الحاجة لتدخل خارجي!. في المرحلة السابقة "شيطنوا اميركا" لانها لامبالية بما يجري وان مصلحتها انهاك الطرفين، وفي أسوأ تقدير انها تدعم بقاء النظام! في المرحلة الحالية رغم ان التحالف يوجه ضربات لعدو رئيسي للمعارضة المسلحة، فقد استمروا "بشيطنتها" بعكس القاعدة المعروفة في السياسة : "لا عدو دائم ولا صديق دائم". فاذا كانت القيادة السياسية للمعارضة بلا جسم عسكري فعال على الأرض، فان القوى المسلحة الفاعلة على الأرض تفتقر لقيادة سياسية مجربة، تتعامل مع الوقائع الملموسة، ولا تطلق سياساتها من فوهة البندقية!

رغم الفوائد التي ستجنيها المعارضة السياسية والعسكرية للنظام من توجيه الضربات الجوية لداعش من حيث وقف تمددها واضعافها، وبالتالي تحويل قتال المعارضة لجبهة واحدة بدل التوزع على جبهتي النظام وداعش، فان هناك طيف من مواقف القوى التي رفضت الضربات او قللت من أهميتها بتبريرات مختلفة. منها موقف الاخوان المسلمين الذين رفضواالمشاركة فيحرب التحالف، فرغم ان دورهم قد تقلص في الصراع الدائر، ولكن لتأثيرهم الفكري دور فيما قد تتخذه كتائب إسلامية مسلحة برفض الضربات او العودة لقبول داعش كتنظيم إسلامي رغم ارتكابه مخالفات سلوكية وفكرية، يمكن مناشدته العودة عنها.

اما الوضع الذي تواجهه جبهة النصرة فلا تحسد عليه، فهي تنسق مع القوى المقاتلة للنظام وداعش، فيما هي في قرار مجلس الامن منظمة إرهابية، وتلقت ضربات جوية من قوى التحالف، مما جعلها تعلن ان حرب التحالف ليست حرب على الإرهاب بل حرب على الإسلام! ولا يستبعد ان تعيد اصطفافها الى جانب تنظيم داعش، الذي نسقت معه في جرود عرسال، كما ان عناصر عديدة تتسرب لداعش منذ زمن، بحكم االايديولوجيا الواحدة فيما جوهر الخلاف بينهما حول مرجع الولاء والبيعة، وهو امر قد يوجد له حل لاعادة التنسيق الكامل بين التنظيمين.
بالإضافة للطرف الكردي الذي يهيمن على مناطق واسعة شمال شرق سوريا، الذي أمل الاستفادة من الضربات الجوية لانهاء حصار مدينة عين العرب- كوباني من قبل داعش، وعندما أتت الضربات دون ان تؤدي لوقف تقدم داعش، بدأوا باتهام التحالف بأنه يتآمر على القضية الكردية بالتعاون مع تركيا التي تخشى من انتشار نفوذ حزب العمال الاوجلاني المصنف اميركيا كحزب إرهابي.

أسوأ المعارضين من استنجد بمفهوم "السيادة الوطنية" التي انتهكت بالضربات الجوية، متجاهلا وضع سوريا الكارثي الذي اوصلها اليه نظام تحول لعصابة، انتهك السيادة بشتى أنواعها، سيادة الشعب وسيادة الوطن وسيادة القوانين التي سنها بنفسه، واستقدم ميليشيات خارجية لمشاركته في قتل الشعب وتشريده وتدمير وسائل عيشه. عن أي سيادة يتحدثون ولأي وطن ؟ وطن العصابة في دمشق والساحل ام وطن داعش في الرقة ودير الزور، ام وطن النصرة فرع منظمة القاعدة؟

والأهم تجاهل المتغيرات العالمية التي جعلت السيادة الوطنية نسبية ومحدودة عندما يتعلق الامر باستخدام مجلس الامن لحق التدخل الدولي في الشؤون الداخلية لأية دولة فاشلة، او نظام استبدادي يهدد بابادة شعبه، او يشكل مخاطر امنية لدول العالم بتوفيره مكانا آمنا لمنظمات إرهابية يتغاضى عن نشاطها عمدا في حالات، او يعجز عن مواجهتها في حالات أخرى. عندها لا تؤخذ السيادة الوطنية بالحسبان في قرارات تصدر تحت البند السابع. فالقرار 2170، يعتبر مبررا كافيا سياسيا وقانونيا للتدخل ضد الإرهاب الذي استشرى في سوريا، بدلالة القرارات الخاصة بالإرهاب الصادرة منذ العام 2001 والتي تزيد عن 20 قراراً.

اختطلت الأوراق في الصراع السوري بين الأطراف المتعددة المحلية والإقليمية والدولية، ويتوقع تغييرات في اصطفافات القوى المسلحة المتصارعة، فالضربات الجوية للتحالف تضع سوريا عند مفترق طرق جديد لا احد يستطيع ان يتنبأ بمآله، إذ لا تزال أسئلة عديدة لم تلق أجوبة مؤكدة منها:

- هل تتصاعد الضربات لتؤدي لتهميش داعش ام تتناقص لاسباب متعددة، ومن سيستفيد من الفراغ الذي ستتركه داعش فيما لو ضعفت قبضتها؟ وكم من الوقت سيمضي قبل ان تتوفر قوات أرضية معتدلة تواكب الضربات الجوية؟ وهل تتوسع الضربات لتشمل اطراف أخرى وخاصة النظام؟

- هل تقتنع دول التحالف بالمشاركة فيما تدعو اليه تركيا من انشاء منطقة عازلة عند حدودها داخل سوريا محظورة على قوات النظام وداعش لتصبح مكانا آمنا للاجئين السوريين الذين تتصاعد اعدادهم ويواجهون أوضاعا كارثية؟

- هل تؤدي الضربات الى توازن جديد يمكن دول أصدقاء سوريا من طرح مشروعهم للحل السياسي حسب مقررات جنيف1، حكم انتقالي بصلاحيات كاملة دون رأس النظام؟ وماذا سيكون موقف روسيا وايران من مثل هذا الحل علما بانهما انتقدتا علنا قبول النظام بالضربات دون التنسيق معه؟ وما رد فعلهما على أي توجه محتمل للتحالف لضرب اهداف للنظام؟
وأسئلة أخرى يمكن ان تتنوع الردود عليها ولكن ستأتي الأيام القادمة لتوضح مآل الصراع السوري : حل سياسي قريب، ام حرب طويلة مدمرة توسع الكارثة السورية الراهنة الى مدى غير مسبوق ؟

---------------

 

  - أورينت نت

جورج كتن
السبت 4 أكتوبر 2014