نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


الطرق تتغير والهجرة غير المشروعة إلى أوروبا مستمرة




وارسو - غير المهاجرون الذين يتدفقون إلى أوروبا طرق وصولهم إلى القارة. فقد تم إغلاق طريق المرور عبر تركيا واليونان تقريبا، ورغم ذلك فإن أعدادا أكبر تغامر بأرواحها لكي تعبر البحر المتوسط من ليبيا إلى إيطاليا. وقد ازدهرت تجارة تهريب المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا، في حين عززت وكالة حماية الحدود الأوروبية "فورنتكس" قدراتها في محاولة للحد من تدفق المهاجرين.


والحقيقة أن "فورنتكس" هي بمثابة شرطة جيدة وشرطة شريرة في وقت واحد، فمن ناحية تعمل عناصر وكالة "فورنتكس" على إنقاذ المهاجرين الذين تتعرض قواربهم للغرق في البحر المتوسط، لكنها في الوقت نفسه ترسل بهم إلى مراكز الاستقبال والاحتجاز حيث يواجهون خطر إعادتهم إلى بلادهم.

وفي مقابلة مع وكالة افرانس برس (أ.ف.ب) استعرض "فابريس ليجيري" رئيس وكالة حماية الحدود الأوروبية "فورنتكس" موقف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

من هم المهاجرون؟
على سواحل اليونان يصل الآن ما بين 80 و100 مهاجر يوميا، في حين الرقم كان قد وصل إلى 2500 مهاجر يوميا قبل الاتفاق مع تركيا بحسب "ليجيري". ومن بين هؤلاء الذين يصلون من أفريقيا عبر البحر المتوسط والذين ارتفع عددهم بأكثر من 40% أغلبهم من غرب إفريقيا. وهؤلاء جاءوا من السنغال وغينيا ونيجيريا. وفي عام 2016 وصل عددهم إلى حوالي 180 ألف مهاجر.

وهؤلاء في الغالب مهاجرون اقتصاديون أي يسعون إلى تحسين مستوى معيشتهم والكثيرون منهم شباب، لكنه هناك أيضا أسر كاملة وشابات. ويتم استغلال النساء النيجيريات في أوروبا في أعمال الدعارة.

ويقول "ليجيري" إن هؤلاء المهاجرين "ليسوا الأفقر في بلادهم لآنهم يملكون المال الذي يدفعونه للمهربين" الذين يساعدونهم في الوصول إلى أوروبا.

وبحسب "المنظمة الدولية للهجرة" فإنه من بين أكثر من مليون شخص وصلوا إلى أوروبا عام 2015، هناك 850 ألف شخص جاءوا من اليونان عبر بحر أيجة ، وأكثر من نصف هؤلاء سوريون ، وأغلب الباقين أفغان وعراقيون .

ومع توصل الاتحاد الأوروبي وتركيا إلى اتفاق بشأن وقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا عبر الأراضي التركية في آذار/مارس 2016، انخفض عدد الأفراد الذين وصلوا إلى أوروبا عبر البحر إلى 363 ألف مهاجر في تلك السنة.

وبحسب "فورنتكس" فإنه بحلول منتصف أبريل الماضي كان قد وصل إلى إيطاليا حوالي 36 ألف مهاجر منذ بداية العام الحالي أي بزيادة نسبتها 43% عن الفترة نفسها من العام الماضي.

من هم المهربون؟
في بداية كل مرحلة خطيرة من هذه الرحلة التي تقل المهاجرين غير الشرعيين عبر الصحراء الإفريقية الكبرى، تتولى أبناء قبائل الطوارق نقلهم إلى ساحل البحر المتوسط حيث تعتبر هذه القبائل هذه العملية نشاط تجاري تقليدي بحسب "ليجيري".

في الوقت نفسه تتولى شبكات إجرامية إدارة عمليات نقل المهاجرين عبر البحر المتوسط، سواء كانت شبكات كبيرة أو صغيرة بالإضافة إلى المهربين المنفردين. في أسفل سلم الشبكة الإجرامية يوجد صغار المحتالين والذين قد يكونون هم أنفسهم من المهاجرين والذين يتولون قيادة قارب الهجرة الصغير لسداد تكلفة رحلتهم، بحسب "ليجيري".

وهناك أيضا الوسطاء الذين يجمعون الأموال من راغبي الهجرة وتنظيم الرحلة لكنهم لا يرافقون القوارب. وهناك رؤوساء الشبكات الذين "قد يكونون من العاملين السابقين في أجهزة الشرطة " في ليبيا بحسب المسؤول الأوروبي.

ما هو حجم نشاط تهريب المهاجرين إلى أوروبا؟
ليس من السهل الوصول إلى تقديرات دقيقة، لكن بحسب التقارير الأخيرة لمنظمة الشرطة الأوروبية "يوروبول"، فإن دخل عصابات تهريب البشر إلى أوروبا تراوح خلال 2015 بين 7ر4 و7ر5 مليار يورو (1ر5 و1ر6 مليار دولار).

لكن هذه الأرباح تراجعت بمقدار ملياري يورو تقريبا في العام الماضي. ويستخدم كبار مهربي البشر حصيلة هذا النشاط لتمويل أنشطتهم الإجرامية الأخرى والتي تحتاج إلى استثمار أولي والتي قد تتمثل في تهريب المخدرات أو السلاح أو حتى تمويل الإرهاب وهي أمور لا يمكن استبعادها على حد قول "ليجيري".

وأحيانا يتم تحويل هذه الأموال بطريقة علنية من خلال شبكة تحويل الأموال الدولية "ويسترن يونيون" وبخاصة في غرب إفريقيا. وفي شرق إفريقيا يفضل المهربون استخدام نظام "الحوالة" غير الرسمي لتحصيل أموالهم من راغبي الهجرة، حيث يصعب على سلطات إنفاذ القانون تعقب هذه الأموال التي يتم تداولها بنظام "الحوالة".

وبمجرد وصول المهاجرين إلى مدينة "نيامي" عاصمة النيجر، حتى تبدأ الأنشطة غير القانونية. ويحتاج المهاجر إلى حوالي 150 يورو للوصول إلى شمال النيجر والحدود الليبية.

ثم تأتي مرحلة عبور البحر المتوسط والتي تصل تكلفتها إلى ألف يورو وفقا لنوع القارب المستخدم. ويمكن للفرد، على سبيل المثال دفع 300 يورو فقط مقابل مكان على متن قارب مطاطي يقله إلى سواحل إيطاليا، لكن هذه الرحلة ستكون شديدة الخطورة.

ويعد طريق شرق إفريقيا الذي يبدأ من القرن الإفريقي ويرتاده المهاجرون الإريتريون والصوماليون والإثيوبيون أكثر تكلفة من طريق غرب إفريقيا.

وتتولى عصابات إجرامية وطنية تنظيم رحلات الهجرة غير المشروعة معا. ويعني هذا أن شبكة سودانية على سبيل المثال ستسلم عملاءها إلى شبكة ليبية على الحدود لمواصلة الرحلة.

ويقول "ليجيري" إن تكلفة هذه الرحلة قد تصل إلى 3000 دولار للفرد الواحد بدءا من القرن الإفريقي وحتى الأراضي الإيطالية.

كيف يمكن معالجة مشكلة الهجرة غير الشرعية؟
نقطة التحول في هذه القضية كانت عام 2015 عندما ضربت أزمة الهجرة غير الشرعية اليونان ودفعت أوروبا إلى تعزيز قدرات وكالة تأمين الحدود الأوروبية "فورنتكس".

يقول "ليجيري" إن الوكالة أصبح لديها اليوم القدرة على نشر ما بين 1300 و1400 فرد حرس حدود في وقت واحد في عدة مناطق عمليات.

وفي عام 2016 أنشأت أوروبا قوة تدخل سريع تضم 1500 فرد من حرس الحدود والذي يمكن نشرهم خلال خمسة أيام عمل إذا دعت الحاجة. في الوقت نفسه، تعمل "فرونتكس" على وقف تدفق المهاجرين من المنابع وقبل الوصول إلى البحر المتوسط. وقد افتتحت الوكالة مؤخرا مكتبا لها في نيامي لتعزيز التعاون مع السلطات في النيجر.

ومن المفارقة أن الجهود الأوروبية لوقف الهجرة البحرية وعمليات إنقاذ المهاجرين الذين تتعرض قواربهم للغرق أصبحت أمرا مشجعا للمهاجرين ومفيدا للمهربين،حيث يشحنون قواربهم المتهالكة بأعداد كبيرة من المهاجرين ويدفعون بها إلى البحر وهم على ثقة بأنه بمجرد مغادرة القوارب المياه الليبية ستجد الرعاية من قوات حرس السواحل الأوروبية.

وقال "ليجيري" إن البحر المتوسط لم يشهد كل هذا العدد من قوارب الدورية الذي شهده عام 2016. ولسوء الحظ فإن العام نفسه شهد سقوط أكبر عدد من ضحايا الهجرة غير الشرعية حيث تشير التقديرات إلى غرق حوالي 4000 مهاجر بحسب المنظمة الدولية للهجرة".

ويوجه "ليجيري" رسالة إلى أي دولة فيها مهاجرون محتملونمفادها أن : الفردوس الموعود في أوروبا أكذوبة، مضيفا "سواء غرقت في البحر المتوسط أو وصلت إلى أوروبا في ظل ظروف بالغة القسوة، إن أوروبا ليست أرض الأحلام التي يصفها المهربون للمهاجرين.

وقال "ليجيري" إن الاتحاد الأوروبي يعزز سياسة إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلادهم، ولذلك فإن هؤلاء المهاجرين سيخسرون أموالهم التي دفعوها للمهربين دون طائل في نهاية المطاف".

ما هي النظرة طويلة المدى للقضية؟
حتى إذا كانت أزمة تدفق المهاجرين التي ضربت اليونان بدأت تتلاشى، فإن ضغوط المهاجرين غير الشرعيين على الحدود الأوروبية لا تبدي أي مؤشرات على التراجع.

الاضطرابات الجيوسياسية مثل الصراع في سورية والفوضى في ليبيا والعراق، ستظل سببا لتدفق طالبي اللجوء على أوروبا. وسيظل يتدفق المهاجرون الآخرون هربا من الفقر أو التمييز ضدهم في بلادهم.

ومادامت الدول المصدرة للمهاجرين غير قادرة على توفير مستوى مناسب للمعيشة لسكانها، سيظل الرجال والنساء يهاجرون منها كما يحدث في التاريخ البشري دائما. بحسب "ليجيري".
 

ميشيل فياتو
الاحد 18 يونيو 2017