نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


"العلاج بالتاكسي" وسيلة السويد لتحدي اكتئاب الخريف والشتاء




ستوكهولم - جوليا فاشهنباخ - تعد هذه الفترة من العام (أواخر الخريف وأوائل الشتاء) من أكثر فترات العام سوءا في ستوكهولم، حيث تهب الرياح القوية التي تقضي على كل ألوان الربيع لترتسم صورة خريفية كئيبة فتتوارى الشمس عن الأنظار بحلول الساعة الرابعة عصرا وفي كل الأنحاء يقف خطر الاحباط محدقا بضحاياه، فيما يعرف بمرض "الاكتئاب الخريفي".


 


 
تقول الخبيرة النفسية ميا فاهلين "الشتاء لديه قدرة كبيرة على إلحاق الضرر بالكثير من الأشخاص"، وذلك في بداية الحديث عن تجربتها الرائدة التي يشارك بها اثنان من زملاء العمل. "إنها مبادرة لإنقاذ السويديين من براثن الظلام النفسي الذي قد تخلفه هذه الفترة الكئيبة عليهم".

لكن كيف يحدث هذا الأمر؟ عن طريق تقديم العلاج النفسي لهم في سيارات الأجرة. الحديث ربما يبدو غريبا بعض الشيء ولكن هذا ما يحدث بالفعل.

تعمل فاهلين منذ أسابيع على هذه المبادرة حيث تجلس منتظرة في المقاعد الخلفية لسيارات الأجرة في ستوكهولم، وكلما أقدم مار على ركوب السيارة تعرض عليه خدماتها العلاجية دون أي تكاليف إضافية عن الأجرة التي ستظهر على العداد، خاصة وهي تعلم أن مسألة الذهاب للطبيب النفسي بالنسبة للكثيرين تعد خطوة كبيرة وصعبة لذا فإن "ركوب سيارة الأجرة أمر أكثر سهولة".

كل شيء في هذا العالم له أكثر من وجه، لذا فإن هذه المبادرة التي تقدمها أكبر شركة لسيارات الأجرة في ستوكهولم لا تخلو من تحقيق مصلحة، فالسوق السويدي لسيارات الأجرة يتميز بارتفاع معدلات التنافسية، لذا تبحث كل شركة عن تقديم شيء مختلف وأصلي لجذب العملاء وبهذا ضمان تواجد أكبر والمنافسة على الريادة.

يقول جابرييل داهلاندر من نقابة النقل "المنافسة في السويد قوية للغاية، خاصة في ستوكهولم، لذا يرغب الجميع في الدفاع عن وضعه في السوق".

وكانت معركة الأسعار بدأت في حقبة التسعينيات بعد التغيرات التي دخلت على السوق وجاء بعد هذا دخول شركة (أوبر) الأمريكية التي تقدم خدماتها عن طريق أحد تطبيقات الهواتف الذكية وليس فقط لسائقي الأجرة بل يمكن استخدام سيارات شخصية في عمليات توصيل العملاء، مما ساهم في ارتفاع معدلات التنافس بصورة كبيرة للغاية.

وكانت شركة (تاكسي ستوكهولم) هي صاحبة الفكرة التي جاءت من منطلق إخبار سائقيها للمديرين أن أغلب العملاء دائما ما يبدون حاجتهم للتحاور والحديث، حيث تقول المتحدثة باسم الشركة ناتاليا سانتوس إن "الكثير من الأشخاص يرغبون في الحديث والبوح بما في داخلهم، هنا في استوكهولم، الاكتئاب الخريفي مع دخول الشتاء يعود ويتكرر كل عام".

وأظهر استطلاع رأي أجري مؤخرا شارك فيه العملاء أن "الرحلة داخل سيارة الأجرة تعد فرصة جيدة للحديث والترويح عن النفس"، هذا على الرغم من أن بعض التوصيلات قد لا تستغرق سوى بضع دقائق.

ترد الاخصائية النفسية فاهلين على هذا الأمر بقولها "مدة الرحلة هي التي ستحدد إلى أين يمكن أن يذهب الحوار"، حيث تدرك أنه لا يمكن لأحد أن يأمل في التحرر من كل مشاكله عقب جلسة علاجية بسرعة البرق بين محطة القطارات الرئيسية ومجلس بلدية المدينة على سبيل المثال".

وأضافت الخبيرة التي يبلغ عمرها 39 عاما "نحن نحاول إظهار طرق جديدة (خلال مدة الرحلة) قد تساعد العملاء على تحسين إدارة مشاكلهم والتعامل معها، فالحديث عن المشكلة يمكن أن يكون بداية الطريق نحو حلها".

وليست فاهلين بمثابة مستجدة على المهنة فهي تعمل في عيادة (ويمايند) النفسية وتتعامل بصفة خاصة مع مرضى يعانون من الاكتئاب والرهاب (الفوبيا) بأساليب مدروسة لمواجهة الأمر، وحيث عادة ما يحتاج المرء من 10 إلى 20 جلسة علاجية لمواجهة الأمر وحل مشكلاته.

وحول هذا الأمر قالت "بكل تأكيد لا يمكن مقارنة هذا العدد من الجلسات بربع ساعة لقطع طريق ما في سيارة الأجرة، ولكن آمل على الرغم من هذا أن تساهم نصيحة ما أقدمه في مساعدة الأشخاص على فهم مشاكلهم بصورة أكبر".

ووفقا لأستاذ الطب النفسي بمستشفى ستوكهولم الجامعي، بير كارلبرينج فإن مسألة تحديد اذا كانت جلسات سيارات الأجرة العلاجية القصيرة لها أثر بين العملاء الأكثر تعرضا للضغط والتوتر والوحدة في المدينة تعد أمرا صعبا حيث أضاف "ربما يكون لها نتائج جيدة والعكس صحيح".

واعتبر كارلبرينج أنه ربما تساهم مع بعض الأشخاص في تفهم حاجتهم للمزيد من المساعدة ولكنها في نفس الوقت قد تستخدم كأحد أساليب الدعائية للاخصائيين النفسيين، مع العلم بأن كل المشاركين في هذا المشروع مع شركة سيارات الأجرة يحملون بالطبع التراخيص اللازمة لمزاولة المهنة.

وتؤكد فاهلين من جانبها أنها لم تقرر الانضمام لهذه المبادرة بسبب غياب العملاء أو لغرض مادي حيث أضافت "في عيادتنا لدينا الكثير من العمل لدرجة أننا نرفض مرضى في بعض الأحيان ... بعض الأشخاص ربما يصابون أساسا بالمزيد من الاحباط بسبب فشلهم في الحصول على موعد لجلسة علاجية".

يشار إلى أن اكتئاب الخريف يجعل المريض يصاب بالحزن والملل غير المبرر والميل للعزلة والخمول والإكثار من تناول النشويات وفقدان الأمل، كما أنه ينتشر بين النساء بصورة أكبر عن الرجال خاصة في الفئة العمرية من 20 لـ40 عاما.

جوليا فاشهنباخ
الاربعاء 17 ديسمبر 2014