نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


المتدين السعودي






تعودنا نحن السعوديين على أن تكون مسميات مهبط الوحي، وقبلة المسلمين، وبلاد الحرمين، نعوتاً تصاحب التعريف ببلادي، التي تعتبر رمز الإسلام وعاصمته الأقوى لاعتبارات كثيرة، منها أنه وطن احتضنت أرضه المسجد الحرام والمسجد النبوي، ومنها أيضاً قوانينه الصارمة في اعتماد الشريعة دستوراً تقوم عليه الحياة الاجتماعية والنظام القضائي والمنهج السياسي.



كل هذا كان مصدر فخر وعز وجواز مرور يختم على شخصية السعودي بتأشيرة سلام واحترام وتقدير تجعل كل شيء في الخارج يفتح له أوسع أبواب الترحيب والثقة والقبول والذكر الحسن والاحترام في العالم أجمع. ولكن بعد أحداث ١١ أيلول(سبتمبر) كل هذا اختلف وتغيرت الصورة من المسالم السعودي إلى الإرهابي الوهابي - مع تحفظي على هذا الوصف -.
أصبح ختم جواز سفر ابن وطني للسماح له باجتياز حدود كثير من الدول صعباً معقداً يمر في نفق طويل من الإجراءات والعقبات والتعالي، الذي أعتبره شخصياً إرهاباً نفسياً يمارس تعنيفاً غير مبرر، من خلال الاعتداء على احترام الشخصية السعودية التي ما زالت واجهة مشرقة للنقاء، وحمامة سلام ما زالت تحلّق بغصن زيتون أخضر غض طري، لم تيبس طيبته ولم يتبخر عطر أخلاقه، ولم تمت إثارته وفطرته السليمة التي تقدم الخير وتنفر من الشر.
في اعتقادي المتواضع أن أحداث ١١ سبتمبر وما تلتها من أعمال تخريبية وتفجيرات داخل السعودية وخارجها، وتورط عدد كبير من السعوديين في تلك الأحداث الدامية، وما صاحب ذلك من تبني جماعات التطرف الديني في أفغانستان بقيادة ابن لادن وصحبه، ثم ظهور «داعش» وانجراف عدد لا يستهان به ذكوراً وإناثاً وأطفالاً إلى مستنقع وحشيته ودمويته النتن، جعل وصمة الهمجية البربرية المتعطشة للدماء والدمار ملتصقة به للأسف، وشُوهت سمعة شعب كامل بسبب قلة لا يمثلون المجتمع السعودي بفطرته السليمة، وإن كثروا.
لو فكرنا بعقل لا عاطفة فلن نلوم الشعوب الأخرى على توجسها منا لما فعلناه بأيدينا، ولن أعتب عليها لأني لم أرَ فعلاً مضاداً لنا، باعتبارنا سعوديين، يرمم تصدعات قنابل الإرهابيين ويعيد بناء ما خلّفته أحزمتهم الناسفة من دمار لمدن السلام الإنساني وعواصم الخلق الديني.
ومع كل يوم ستزداد الحال سوءاً ما لم نسرع بالحل الذي يجب أن يكون دواء مستخلصاً من سم الداء.
في الفترة المقبلة يجب أن ننفض الغبار عن محلية المتدين السعودي المعتدل المثقف الواعي، بمعنى أننا يجب أن نحرص على إعادة تصدير ثقافة السلام وشخصية السعودي المحترم للعالم، من خلال إشراك تلك الشخصية السعودية الوسطية المتوازنة في كل المناسبات والمحافل الدولية. يجب أن يعلو صوتها عالياً بما يعيد للإسلام هيبته واحترامه، من خلال الفكر المعتدل والمنهج الديني المرن والخطاب الإسلامي المتزن، الذي لا ينحصر في الجوانب العقائدية فقط، ولكنه يتجاوز ذلك إلى كل مجالات الحياة التي نشارك بها خارجياً وداخلياً، ليعود نمو عشب الشريعة السمحة وثمارها الحلوة، بعد أن كادت تقضي عليها أفكار الفئة الضالة الضارة.
يجب أن نهتم بالشباب المتدين المتعلم المثقف الذي يملك من الوعي والصدق والنقاء والإخلاص ما يجعل محتواه الفكري وتوجهاته وتصرفاته، إضافة إلى مظهره الذي يحمل الهوية الإسلامية بأناقة، سفيراً لدين نعتز به ونفخر، نحتاج في وقت تشوّهت فيه سمعة الإسلام إلى جيل جديد يعيد له إشراقه ويبعثر سحب الإرهاب التي تحمل مطر دموية سامة عن دين الله الذي بعث به سيدي محمد، صلوات الله وسلامه عليه، ليتمم مكارم الأخلاق ويربي البشر على الفضيلة وحسن الخلق من خلاله.
يجب أن يكونوا سفراءنا في الخارج في كل مجال، لأنه حق لديننا ووطننا علينا أن نكون جنوداً نحارب عداء الإرهاب، وحربه بأخلاقنا وعلمنا وقيمنا النقية من كل تنطع وغلو وكره.
ولكي نحقق ذلك لا بد من أن نحرص على تنقية الداخل قبل الخارج، وذلك بزرع بذور السلام بين تيارات المجتمع المختلفة، ليتقبل كل منهم الآخر وإن اختلف معه، وأن نقف وقفة صارمة في وجه كل من يحاول فرض رأيه بقوة اليد أو اللسان أو القذف والتشكيك. كما يجب أن نزرع في عقول شبابنا وتفكيرهم أن الحرية - إن أردنا تطبيقها بمعناها الصحيح - فهي تعني أن أمنح الطرف المخالف الحرية في ممارسة ما يناسب معتقده وتوجهاته، ما دام لا يؤذي الآخرين، وألا أحاول أن أعلّق كل انحراف أو إرهاب على شماعة الدين، الذي لن تكون لنا حرية إن تحررنا منه، لنقع في عبودية البعد عنه
------
الحياة

تغريد الطاسان
الاربعاء 17 غشت 2016