نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


الموسيقار العالمي بارينبويم يواصل سعيه لإحلال السلام في الشرق الأوسط




بوينوس آيرس - فلورنسيا مارتين - "الجميع سواسية أمام القانون" و"الجميع سواسية أمام أعين الرب"، كلها عبارات يعرفها الجميع ولكن ما الذي يجب فعله حينما لا توجد دولة أو محكمة أو ديانة لديها نفس الصلاحية في أعين طرفي نزاع معين، كما يحدث في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟ لدى الموسيقار دانييل بارينبويم إجابة وهي أن "الجميع سواسية أمام الموسيقى".

يقول بارينبويم حيث يسعى من الأرجنتين لتقديم شكل جديد من جمع الخصوم عن طريق الفن والتفكير والعمل المشترك "أمام سيمفونية لبيتهوفين فإن الجميع سواسية، سواء كانوا فلسطينيين أو إسبان أو صينيين أو من فيتنام".


الموسيقار العالمي بارينبويم
الموسيقار العالمي بارينبويم
 
ويكتسب ذلك المبدأ الذي يبدو من الوهلة الأولى كشيء مثالي أو تجريدي مع بارينبويم أشكالا محددة، وأحدها ما ظهر في المهرجان الذي أقيم تحت رعاية الموسيقار الشهير في الفترة بين 24 تموز/ يوليو والثامن من آب/أغسطس في مسرح كولون بالعاصمة بوينوس آيرس.

واقترح الموسيقار الأرجنتيني الإسرائيلي عرض نفس برنامج حفله في ثلاث قاعات متنوعة وغير تقليدية هي المركز الإسلامي لجمهورية الأرجنتين ومعبد الحرية اليهودي والأكبر من نوعها وكاتدرائية العاصمة.

وأتيحت للأفراد من كل الديانات حضور الحفلات في أي واحد من دور العبادة الثلاثة وهو الأمر الذي جمع بين حاخامات وأئمة وشيوخ ورهبان وقساوسة بل وملحدين تحت سقف رموز دينية مختلفة وذلك في مثال واضح على التعايش.

واختار بارينبويم الأرجنتين مسقط رأسه كمسرح لهذا الأمر لكونه بلدا استقبل كثيرا من المهاجرين الذين يحملون هويات مختلفة مثل السوريين والإيطاليين واللبنانيين واليهود الذين كانوا "يتحدثون في المدرسة عن كرة القدم أكثر من الدين"، كما قال الموسيقار بنفسه مؤخرا للقس جييرمو ماركو الصديق الشخصي لبابا الفاتيكان فرنسيس الأول.

ويقدم المهرجان موسيقى تسعى للتأمل والتفكير وهو الشيء الذي يراه الموسيقار ضروريا لأن "الموسيقي الذي لا يفكر لا يمكن اعتباره موسيقيا".

وحول هذا الأمر ضرب بارينبويم عدة أمثلة بخصوص التحليل العقلاني حول اللقاء الأول بين الموسيقى وعمله حيث أشار إلى أن التأمل والتفكير يسمحان بالوصول إلى توافق بين العاطفي والعقلاني مما يؤدي بالتبعية لفتح الباب أمام الأداء الذي سيقدمه الموسيقي في النهاية للمستمعين.

وداخل اطار روح التأمل هذه فإن مسرح بارينبويم احتضن حوارا بمشاركة الحاخام دانييل جولدمان والامام عمر عبود والقس ماركو، والذي بخلاف اظهار روح الأخوة والاعتراف المتبادل أظهر أهمية تجنب مفهوم الحقيقة الواحدة وتولد العنف من الايمان المتعصب.

ولم يضع بارينبويم فرصة الاشادة بالبابا فرنسيس حيث قال عنه إنه "لم يكن ساذجا"، حينما دعا الزعيم الفلسطيني محمود عباس والرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز للصلاة في الفاتيكان العام الماضي كاشارة للسعي وراء طرق غير سياسية للتقارب بين الطرفين.

بارينبويم نفسه فعل شيء مماثل عن طريق انشاء فرقة أوركسترا تضم الديانات الثلاثة من فلسطينيين وإسرائيليين وتحمل إسم (ديوان الشرق والغرب) حيث يقول عنها "إنها لن تجلب السلام، ولكن يمكنها اظهار أن المساواة من أدنى شروط تحقيقه، لا نسعى أبدا لتوافق سياسي في الأوركسترا وهو غير موجود، بل نبحث عن توافق موسيقي ونحاول التعلم منه كيفية تبادل أفكارنا".

وتتدرب هذه الأوركسترا من ست إلى ثمان ساعات "وحينما يأتي موعد العشاء ليلا، فإن الوجوه العابسة تتغير حيث أن شعور التعجب والاستغراب من الآخر يكون قد زال"، وذلك لأن العمل بين دولتين بهذه الطريقة وعن طريق الأوركسترا يخلق نوعا من التشابه بينهما.

وداخل اطار هذا الأمر ظهر مشروع بارينبويم الجديد "أوبرا برلين الحكومية"، وهو الحلم الذي أصبح قريبا من أن يكون واقعا، حيث يأمل الموسيقار في أن يقدم بداية من منتصف العام المقبل معهدا لتأهيل 100 طالب من دول النزاع في الشرق الأوسط، حيث ستكون له خاصية مميزة تتمثل في اضافة مواد دراسة تتعلق بالعلوم الإنسانية، وهو الأمر الذي يراه هاما في تأهيل أي موسيقي.

وكان بارينبويم قال في افتتاح ذلك المهرجان الموسيقي في بوينوس آيرس أن أولويته خلال الفترة المقبلة ستكون الأكاديمية والحفلات التي سيقدمها مع أوركسترا (ديوان الشرق والغرب) في الأرجنتين.

ويتطلب هذا الأمر من الموسيقار الأرجنتيني تقليل رحلاته بشكل اضطراري يعاكس رغبته، حيث يقول بارينبويم إن الموسيقي تمنحه الطاقة ولا يحتاج للراحة منها ولكن المشكلة أنه لا يستطيع شرح هذا لجسده لأنه دائما لا يفهمه.

باختصار فإن الأهداف الواضحة لبارينبويم العام المقبل ستكون قيادة الجانب التربوي والموسيقي في الأكاديمية ومواصلة الرهان على توليد مساحات لقاء سواء في مهرجانات أو حفلات أو مؤتمرات بشكل يسمح بالتعايش وتجاهل مسألة الحدود بين كل الأطراف.

فلورنسيا مارتين
الاربعاء 26 غشت 2015