نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


الهدية لا تُهدى.. سيدي الرئيس بوتين






صدقاً.. أريد أن أفهم. أنا مواطن سوري عادي. بسيط.. من شعب يعاني طوال الخمسة أعوام الماضية. الموت والدمار والتشريد والجوع. ما لا يعانيه شعب في العالم. فقط أريد أن أفهم. فليتطوع أحد ما ويفهمني. أحد أولئك الذين صدقوا، وجعلوني أصدق بدوري. ذلك لأني أحتاج أن أصدق بالنيات الطيبة لروسيا في تدخلها العسكري في سوريا، وبأنه حتى ولو كان ذلك تحقيقاً لمصالحها، فإنه يصبّ في مصلحة بلدي وشعبي.


 
أحد ما.. أيّ أحد.. لا فرق عندي.. يفهمني هذه الواقعة البسيطة.. هذه القصة العابرة التي تناولتها بعض الأقلام وبعض الألسن.. ثم نستها وصمتت.. إلاّ أنها، بالنسبة لي منذ أن سمعتها، كانت لغزاً محيراً.. مبهماً.. أشبه بدوامة ذهنية وأخلاقية ووطنية.. وهي: (إعادة روسيا الدبابة الإسرائيلية التي غنمتها سوريا في حرب لبنان/1982/..إلى إسرائيل!؟
روسيا.. الحليف الاستراتيجي التاريخي لسوريا.. وسندها الدبلوماسي والسياسي والعسكري... منذ دهر!؟ منذ كان يطلق عليها (الاتحاد السوفييتي) لليوم الذي تحلّق فيه ميجاتها وسوخوياتها على ارتفاع منخفض، كل يوم وكل ساعة وكل خمس دقائق. وهاهي الآن تصدر زئيرها الأجوف المخيف فوق بيتي. وما إذا مرّ بعض جنودها في شوارع مدينتي يجدون من يعانقهم ويقبلهم!؟ وربما من ينظر إليهم شزراً ويخافهم في سره. لكن ذلك خارج سياق ما أكتبه الآن ومن يلصق الجنود السوريون صورة رئيسها بجانب صورة رئيسهم.. تصديقاً  بنواياه الطيبة تجاه بلدهم، هذا ما أراه وأعيشه في حيزي الجفرافي، أمّا في بقية المدن والقرى السورية!؟ فأنا أدعها لمن يحيا هناك.. مكرمة توصيف دورها الوطني في قصفها وتدميرها وتحريرها من الثوار والإرهابيين.. مع التذكير بالحفل الموسيقي الذي قدمته أوركسترا مسرح مارينسكي الروسية بمشاركة عازف التشيلو الشهير(سيرغي رولدجين).. صديق (بوتين) المقرب.. على مدرج مدينة تدمر الأثري.
وافق الرفيق (فلاديمير لينين) رئيس الاتحاد السوفييتي، عفواً أقصد السيد (فلاديمير بوتين) رئيس روسيا الاتحادية، نعم.. ما زال بعض السوريين.. وأنا منهم.. يلفظون سهواً (الاتحاد السوفيتي) بدل (روسيا الاتحادية) وأصدر بنفسه دون العودة إلى أحد، مرسوماً رئاسياً بالموافقة على طلب رئيس وزراء إسرائيل السيد (بنيامين نتنياهو) إعادة الدبابة (Magach-3) المصنعة في اسرائيل على نموذج الدبابة الامريكية الشهيرة (باتون ت 48)، والتي كانت تعتبر وقتها آخر مستجدات صناعة الدبابات المزودة لأول مرة بنظام الحماية (كشف وإنذار وصدّ) النشطة.
ولكن ما هذا!؟ ما هذه إسرائيل!؟
ألا يموت لها ميت!؟ تطالب برفات جاسوس لها أعدم في دمشق منذ /50/سنة!؟ وتعتبر ملف جنودها الثلاثة المفقودين منذ عام /1982/مازال ساخناً!؟ ما هذه إسرائيل!؟
تطلق سراح/4700/أسير فلسطيني ولبناني مقابل/6/من جنودها، وتقايض /427/أسيراً..  بـ/3/جثث لجنود اسرائيلين، أحدهم غير يهودي!؟. يذهب رئيس وزرائها في زيارة رسمية إلى الدولة التي كانت تزود أعداء إسرائيل بجميع أنواع السلاح الذي يهدد وجودها.. وفي بال هذا الرئيس الوزراء شيء، لايخطر ببال أحد.. وهو إعادة دبابة قديمة يعلم أنها موجودة في متحف الدبابات في موسكو، غنمها الجنود السوريون في معركة مرج السلطان يعقوب، التي جرت في منطقة البقاع اللبنانية، بتاريخ/10/و/11/حزيران/1982/، بعد/6/أيام من بداية الاجتياح الإسرائيلي الأول للبنان، والتي تمثل إحدى الذكريات الحربية الأشد إيلاماً بالنسبة للإسرائيليين، حيث.. عكس مجريات ونتائج تلك الحرب عموماً.. وعكس ما أشيع وقتها عن أن الدبابات الروسية التي كان يستخدمها الجيش السوري كانت أشبه بدبابات من الورق المقوى.. فقد ألحقت القوات السورية هزيمة نكراء بسلاح الدبابات الاسرائيلي.. فدمرت/40/دبابة ومدرعة ويقال أكثر.. واستولت على/8/دبابات أخرى.. واحدة منها مع طاقمها.. كما قتلت/30/جندياً.. وجرحت المئات.. والأكثر من كل هذا إيلاماً وإحراجاً لإسرائيل.. فقدان /8/من جنودها لا يعرف لليوم مصيرهم.
يا لها من صور يقلّبها السوريون في ذاكرتهم.. وهم يشاهدون (نتنياهو) يستعرض تلك الدبابة التي انتزعوها بلحمهم الحي في متحف الدبابات في موسكو. وأقسم إني رأيت في اللقطات المقربة لتروسها وجنازيرها تراب أرض البقاع عالقاً بها. ثم يعتليها مع بعض صحبه، وكأنه الجنرال غورو (الذراع المبتورة) واقف على قبر صلاح الدين في دمشق، بعد انتصار جحافله على ثلة من الفدائيين السوريين على رأسهم يوسف العظمة وزير دفاع سوريا في معركة ميسلون الخالدة، فيركله ببوطه العسكري ويصيح: "استيقظ يا صلاح الدين... ها قد عدنا".
إلاّ أن (نتانياهو) بدل أن يركل الدبابة، وقف وألقى كلمة قال فيها: "إن موافقتكم على طلبنا إعادة الدبابة لإسرائيل لفتة إنسانية فائقة، وبادرة حسن نية نثمنها عالياً". وأنا إذا فهمت ولو بصعوبة كيف أنها بادرة حسن نية!؟ رغم أني في الحقيقة لا أعرف ما إذا السيد بوتين قد أظهر سابقاً أية نية سيئة تجاه إسرئيل، ولماذا يفعل وإسرائيل بالنسبة له غيرها بالنسبة لنا نحن السوريين والعرب. كما أن اللوبي اليهودي في بلد ستالين (كاره اليهود) بات كما يتردد، لا أقل تأثيراً من نظيره في بلاد العم سام. ولكن.. أن تكون إعادة دبابة حربية، أداة القتل والتدمير، لفتة إنسانية فائقة!؟ فهذا ما لا يمكن لأحد لا فهمه ولا قبوله!؟
ماذا لو..ماذا لو.. ولو في الخيال.. استغل (نتانياهو) كرم الرئيس (بوتين) الزائد، وطالب بإعادة البندقية الإسرائيلية التي قدمها السيد (حسن نصر الله) للواء (رستم غزالة) عشية خروج الجيش السوري من لبنان عام/2005/!؟ بالتأكيد.. ودون أدنى شك.. ليست سوريا.. وليس السوريون.. من يفرط بالأمانة.. ويفعل هذا مقابل أيّ شيء في العالم!؟
ولكن.. ياللمفاجأة!؟ وأنا أقلب ما كتب عن هذا الموضوع في صفحات الانترنيت، فإذ بي أقرأ، بأن الدبابة التي أعادتها روسيا إلى إسرائيل، ليست دبابة المفقودين الثلاثة ذاتها. أي أن السيد (نتنياهو) كان إمّا مخدوعاً وإمّا خادعاً وهو يقول:"إن عودة هذه الدبابة ستكون بمثابة ذكرى ملموسة لعائلات زخريا بوملي وتسفي فيلدمان ويهودا كاتس الذي انفجرت أخته صائحة:"هذه ليست دبابة (يهودا)".
لا أعرف شيئاً عن معنى الهدية عند الشعب الروسي، ولكن عندنا، عند السوريين، الهدية لا تهدى. .سيدي الرئيس (بوتين).
----------
هنا صوتك

منذر مصري
الاحد 3 يوليوز 2016