نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


الولايات المتحدة و إيران.. رياء السياسة













لم تأت الوثائق الرسمية للولايات المتحدة التي رفعت السرية عنها, - الحدث الذي لم يأخذ حقه من اهتمام الصحافة - وأظهرت الدور الذي لعبته الولايات المتحدة بمساعدة الخميني على الإطاحة بالشاه وتأسيس دولته الإسلامية, أي جديد, على الأقل بالنسبة للمتابعين للسياسات الخارجية للنظم العالمية, فقد سبق هذا الكشف الكثير من التسريبات التي أشارت إلى تعاون استخباراتي وثيق ربط هاتين الدولتين, كذلك مع اسرائيل, وأن هذا التعاون كان قائما خلال أشد الفترات توترا, أو هذا ما بدت عليه العلاقات في العلن


في العودة إلى الطريقة التي تمت من خلالها الإطاحة بنظام الشاه, ورفض الدول التي كانت تعتبره صديقا وحليفا لها استقباله, إشارة إلى وجود بداية علاقة جديدة للولايات المتحدة مع إيران... علاقة سرية, تفعل في الخفاء غير ما تظهره للعلن, هذا لا ريب يخفي بين طياته خططا خبيثة وطويلة الأجل, وإن شاب هذه العلاقة بعض من الغموض الذي ظهر للعلن على أنه توتر, لكن الأحداث السياسية اللاحقة أثبتت العكس, فحرب إيران على العراق انتهت بتخبط صدام حسين في سياسته الخارجية, الأمر الذي أوصل لاحتلال أمريكا للعراق، ثم تصفية الرجل كما هو معروف, لم تتجه الولايات المتحدة لمحاربة عدوها الأكبر إيران, وجل ما فعلته ضغط اقتصادي لم يصل درجة المقاطعة الكاملة, ثم ترك لها الحبل على الغارب في سياساتها التوسعية نحو سورية, بعد أن انسحبت جيوش الأمريكان لمصلحة هذه الدولة. الآن بدأت هذه العلاقة تأخذ وجها سافرا لا لبس فيه, منطقة العالم العربي هي الهدف المنشود, مع التكتم على نشاط إيران في أفريقيا الوسطى, وأمريكا اللاتينية وان كان بنسبة أخف!.

تضليل الرأي العام إزاء السياسات الخارجية للدول, أمر تلجأ إليه معظم حكومات العالم, تتبوأ الصدارة فيه كثير من الدول التي تتباهى بشفافية سياستها, لكن تجنيد الاعلام بطريقة مباشرة أو غير مباشرة, يتم بقصد الترويج لمشاريع السياسات الخارجية, ويجري خلاله توجيه الرأي العام المحلي ودفعه لقبول ما يرتب في الكواليس على أنه هدف يعمل به من أجل المصالح العامة, ورفاهية حياة الشعوب وحمايتهم لهم أيضا, لكنه في حالة العلاقة بين إيران والولايات المتحدة, لم يكن مضللا بل مخادعا.

تشير متابعة سياسة دولة إيران الخارجية إلى وجود طموحات تاريخية لديها لبلوغ البحر المتوسط بمجاله الحيوي للتجارة العالمية, الأمر الذي اتخذ صورة أشد وضوحا وجرأة بعد اكتشاف النفط, الذي ترافق برغبة عارمة لتقليل كلفة الاتجار به وتحقيق نسبة أعلى من الربح. الوصول إلى الشواطئ الشرقية للبحر المتوسط تخفض كلفة النقل إلى النصف تقريبا ما يجعل  الصادرات مرغوبة أكثر من قبل الشركات المستوردة, لكن هذه الطموحات شهدت تطورا وإصرارا, بعد الإطاحة بالشاه وظهور ما أطلق عليه "الدولة الإسلامية في إيران" وتحولت إلى رغبة بفرض الهيمنة على أكبر مساحة ممكنة من العالم, هذا لا بد كان واضحا لدى الإدارة الأمريكية, والعمل عليه من أجل تحقيق المصالح الكبرى أمر تشير إليه التوجهات العامة لسياسة الدولتين, أما الشعارات الطنانة فهي لذر الرماد في العيون.
     
 ما يحدث الآن لا يمكن تسميته تخبطا سياسيا للإدارة الأمريكية, بل يمكن القول انه تتمة لمخطط طويل الأمد بدأ بإشعال الحرب الأهلية في لبنان التي انتهت بظهور حزب الله كقوة بديلة للفدائيين الفلسطينيين الذين قذفوا في أنحاء العالم عام 1982, وما كان هذا الحزب سوى الذراع الأول للأخطبوط الإيراني في المنطقة, ثم حروب العراق المنهكة, ولم تكن أمريكا التي سددت الضربة القاضية لهذا البلد بتحويله لمنطقة نفوذ إيرانية بغافلة عما تفعل, فهذا أمر بعيد عن التصديق, يكشف اللثام عنه الصمت على تمدد هذا النفوذ إلى سورية وموافقتها على دخول مقاتلي حزب الله للدفاع عن النظام السوري ورأسه الحاكم.

 لقد اعترف احد مسؤولي البيت الأبيض باعتماد البيت الأبيض في سياسته الاعلامية التركيز على المسائل التي يعتبرها هامة وانه يعتمد لتنفيذ هذا الأمر على صحفيين شباب مغمورين لا خبرة لديهم, وان البيت الأبيض احتكر عملية ارسال الأنباء وتسليط الضوء على ما يشاء منها, ومهما كان في هذا التصريح من مبالغة, لكنه يكشف بعضا من الأسباب التي تدفع الصحافة العالمية للتركيز على ممارسات تنظيم الدولة الإسلامية, مقابل اخفاء الجرائم التي ترتكبها المليشيات التابعة لإيران في كل من العراق وسورية, رغم أن ممارسات هذه المليشيات تفوقت في وحشيتها وأعداد ضحاياها, هنا علينا أن نتذكر ان كافة القوانين الدولية تنص على أن الجريمة هي جريمة بغض النظر عن فاعلها أو الدافع إليها, لكن ما يبدو للعيان أن العمل جاد وتبذل من أجله جهودا لا حصر لها, والغاية منه طمس حروب الإبادة التي تقوم بها أذرع إيران من حكومات وأحزاب ومنظمات ترعاها بعناية, وتنفق من أجل هذا الأموال, وفي المقابل يعمل الاعلام العالمي على توجيه الأنظار نحو مشاكل نتجت أصلا عن  فعل الإبادة هذه كمشكلة اللجوء, بعيدا عن أسبابها.

أخيرا, أطلقت حرية الوثائق, وبغض النظر عن التوقيت المدهش لوضع هذه الوثائق قيد التداول, وسواء كان الرئيس الأمريكي يعمد لتبرئة ساحته لدى خصومه أم لا, الا أنه كشف اللثام عن تعاون خفي غير عادي قائم بين دولتين خدعتا شعبيهما على مدى عقود, فسياسة إيران التوسعية ورغبتها بتأسيس منطقة نفوذ دينية على تخوم دولة اسرائيل لا تتعارض مع السياسات الأمريكية التي تؤيد يهودية هذه الدولة, أما شعارات دولة إيران القومية فيمكن لهؤلاء العمل على تغييرها, وتحويل وجهة شعوبهم باتجاه آخر, وما حدث في سورية مثال  يؤخذ به !. لكن هل كشفت الولايات المتحدة عن جميع الوثائق التي بحوزتها؟ ام أن ما خفي أعظم ؟.
------
اورينت

نداء الدندشي
الاثنين 20 يونيو 2016