نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


اهلا بك في برلين.. عاصمة العزاب والعازبات في أوروبا!




برلين - بابلو سانجينيتي - "يأتي الناس إلى برلين للتعامل مع الأشياء بهدوء، لا أحد يرغب في تحمل مسؤوليات أو الارتباط"، هكذا ترد ماجي على سؤال بخصوص السبب وراء عدم استمرارها مع رفيق عاطفي واحد بشكل ثابت.. تجربتها ليست استثنائية بل تتشارك فيها مع ملايين الأشخاص الذين يعيشون في أشكال جديدة من الرفقة والوحدة المختلطة في العاصمة الألمانية التي لا تهدأ.


وتعتبر العاصمة الألمانية بمثابة واحة للعزاب نتيجة للطابع الشبابي والمتنقل والروح الليبرالية التي تتمتع بها حيث أن نسبة الأشخاص الذين ليس لديهم رفيق ثابت أو حتى يبحثون عنه في تزايد مستمر منذ 25 عاما حينما سقط جدار برلين، وهو الأمر الذي تسبب في تغيير الصورة الاجتماعية والديموغرافية والاقتصادية للمدينة.

ماجي واحدة من ضمن سكان المدينة التي قررت التمرد على وحدتها حيث بدأت في متجر صغير للملابس تمتلكه في حي نيوكولن، الذي تقطنه أغلبية من الشباب، في ابتكار نمط جديد من التعارف باسم "الموعد الصامت"، وهو لقاء لا تتعدى مدته دقيقة واحدة لا يتخللها أي حديث.

تقول ماجي التي تحمل في الأساس الجنسية البريطانية وانتقلت لبرلين منذ خمس سنوات في تصريحات لـوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) "إنه أسلوب أصيل لتقديم الذات دون حاجة لإبهار الآخر، أعتقد أن هذا الأمر كان ما ينقص برلين، بمعنى آخر مكان يسمح للأشخاص بالارتباط دون الحاجة للجوء للسكر كما يحدث في الملاهي الليلية".

بالنسبة لماجي الأمور تسير بصورة جيدة بدون رفيق ولكنها في نفس الوقت ترى صعوبة كبيرة لخلق روابط وصلات دائمة في برلين خاصة مع تقدم علاقات "الارتباط الالكتروني"، حيث أضافت بسخرية "بمرور الوقت أصبحنا لا نعتمد على أنفسنا بصورة كبيرة، فأصدقاء عطلة نهاية الأسبوع لم يعودوا موجودين، فبالضغط على زر تفتح تطبيقا لمعرفة أصدقاء جدد".

الإنترنت تحول بصورة كبيرة إلى المكمل المثالي لتفجر ظاهرة العزوبية في برلين وقاعدة كثيرة للعلاقات العابرة والتي لا يترتب عليها أي التزامات، فكلا الطرفين يعرف ما يريده من الأخر وأيضا كيف يتهرب منه، والخيارات المتاحة عليه لا حصر لها مثل حفلات "العزاب" التي يتم الإعلان عنها على شبكة (فيس بوك) الاجتماعية أو مواقع المواعدة التقليدية مثل (بارشيب) أو تطبيق (تيندر) الذي يحدد عن طريق الهاتف عزاب في الجوار، إلى أفكار مستفزة مثل موقع (تسوق رجل)، الذي يعرض فيه الرجال كمنتجات يمكن للنساء "اقتنائها".

أدى هذا الأمر لجعل مسألة البحث عن رفيق الكترونيا في برلين تفقد أي تأثير لها في الإصلاح الاجتماعي لدرجة وجود مواقع يقدم خلالها المستخدم نفسه في شكل حوار وبمقاطع فيديو وصور نفذها محترفون ليظهر كما لو كان أحد المشاهير في مجلة للموضة.

وتلخص نونا /26 عاما/ في حسابها على (تيندر) شعور الكثيرين أمام هذه البانوراما حيث تقول "في الوقت الذي أرى خلاله مئات الوجوه، أدرك أن تيندر مثال جيد للأسلوب التقليدي للحياة في برلين، فرص ليس لها نهاية لممارسة الجنس، ولا شيء من الوقت لكي تهتم بأي شخص، هذا أمر يعشقه السائحون، ولكن أعتقد أن برلين مليئة بناس تعاني من الوحدة".

وتدعم الإحصائيات صحة هذه الملاحظة، فعدد الوسائل الكثيرة المتاحة للتعارف لا يقلل عدد العازبين بل العكس هو الصحيح، فعدد المنازل التي يعيش بها عزاب في برلين يقترب من 3ر54% ، وهي نسبة ترتفع عن أي مكان آخر في ألمانيا، وتزيد عن مثيلتها منذ خمس سنوات في آخر دراسة أجريت عن الأمر بمعدل 4ر1%.

وترجع هذه الزيادة جزئيا إلى ارتفاع آمال الحياة وتدفق الشباب المهاجرين من شرق وجنوب أوروبا، مع العلم بأن هؤلاء العزاب تتراوح أعمارهم من 20 إلى 40 عاما، حيث يعيش بعضهم حياة العزوبية بفرح، ويرى أخرون الأمر كأحد أسباب الشعور بالإحباط والفشل.

يقول شتيفان /33 عاما/ والذي يعمل في مجال العلاقات العامة إنه لا يزال عازبا لأنه بكل بساطة يحب الوحدة حيث أضاف لـ(د. ب. أ) "عقب علاقة استمرت 10 سنوات، أنا عازب منذ عامين وسعيد، ولا أفكر في تغيير الأمر، في هذه اللحظة أرى أن التعرف إلى نساء لا تسعين وراء التزامات أمر إيجابي للغاية، فأنا الآخر بعد كل شيء لست مهتما بتحمل هذه الالتزامات".

بالنسبة لماريا /36 عاما/ ، طالبة دكتوراة، من مواليد كازاخستان وانتقلت لألمانيا وعمرها 15 عاما، الأمر مختلف حيث تقول "العثور على رفيق في برلين صعب، حضرت لقاءات العزاب وبحثت في مواقع المواعدة وشاركة في أحداث طهي يشارك بها العزاب، لم تنفع كل هذه المحاولات، فإما يكون الرجال مملين وسلبيين أو ليسوا مهتمين بي".

وسأل موقع المواعدة (اليت بارتنر) أكثر من أربعة آلاف شخص عن أسباب عزوبيتهم وكان الرد الأكثر تكرارا هو "لدي الكثير من التطلعات ولا أرغب في التزامات" يليه "أنا خجول للغاية وأعرف القليل من الأشخاص"، هذا بجانب أسباب أخرى مثل التركيز في العمل أو المسيرة المهنية وعدم الشعور بوجود جاذبية خاصة وانخفاض الدخل الشخصي.

أسباب هذا الوضع وتبعاته متنوعة حيث أن زيادة عدد العازبين يدفع لإعادة فتح النقاش حول ظواهر مثل كبر أعمار سكان المدينة، وهي المشكلة الديموغرافية الكبيرة في ألمانيا أو التحديات العمراينة مثل العروض العقارية، فضلا عن خلق أشكال جديدة من المسميات المجتمعية مثل الـ"مختلطين" أي الذين يدخلون في علاقات ولكن بدون التزامات فيكونوا عزابا ومرتبطين في نفس الوقت.

ويؤكد الخبراء أن الوقت الحالي بدأ يشهد ظهور نوع من الاقتصاديات الموجه لحياة العزاب، على سبيل المثال بدأت المتاجر الكبرى ووكالات السفر أو شركات التأمين توسع عروضها نحو ضرورات من يعيشون بمفردهم، حيث أن الشباب يعتبروا مستهلكين يتمتعون بقدرة شرائية عالية.

في هذا الصدد يقول رئيس معهد الأبحاث الديموغرافية بألمانيا لجريدة (تاجشبيجل) التي تصدر في برلين إنهم "يفضلون الذهاب لمطعم عن الطهي وينفقون الكثير من الأموال على الملابس أو أدوات التجميل للعثور على رفيق أو جذبه".

وتعتبر ظاهرة زيادة العزاب في العواصم العالمية أمر متعارف عليه وعادة تقليدية حيث تواجه مهمة إنشاء العائلة هجوما لأسباب تتعلق بالوضع الاقتصادي المتقلب الرغبة الشخصية في الحرية وتطوير المسيرة المهنية أو المناخ العام للمدينة نفسها، إلا أن برلين أيضا لها خصوصيتها في هذا الصدد بسبب كثرة الشباب واعتمادهم على العالم الالكتروني.

بابلو سانجينيتي
الاحد 20 يوليوز 2014