نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


ايام "داعش" الاخيرة في الرقة




تتزايد التقديرات القائلة بقرب نهاية سيطرة “داعش” على الرقة. فاضافة الى التحشيد السياسي والعسكري المحلي والإقليمي والدولي للحرب على “داعش” وفي الرقة بشكل خاص، تتواصل التحركات العسكرية، لاحكام الحصار حول الرقة وحشد القوات حولها، وتقطيع الطرق مع محيطها من جانب الولايات المتحدة وحلفائها في اطار الحرب على “داعش” وإخراج الرقة من دائرة سيطرتها. وتميل اغلب التقديرات الى القول بقرب معركة الرقة، والتي يمكن ان تتم في غضون الأسابيع القليلة القادمة.


 
 
ورغم ان معركة الرقة، تحتاج بعض الوقت حتى تبدأ، فان مقدماتها الميدانية بدأت بصورة عملية عبر تصعيد الغارات الجوية اليومية، التي يشنها طيران التحالف الدولي في المنطقة، والهجمات، التي تقوم بها قوات سوريا الديمقراطية، التي يشكل عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي نواتها الصلبة في تحالف، تتمثل فيه اطراف أخرى بصورة شكلية وغير فاعلة.
وتفرض المقدمات العملية الجارية في الرقة ومحيطها، تطورات تتصاعد في مناطق سيطرة “داعش”، ولعل الأبرز في هذه التطورات، مايحيط بسكان الرقة وجوارها، حيث بدأت سلسلة من التغييرات السكانية، والاهم فيها مغادرة السكان للمناطق، التي تتعرض للغارات الجوية والهجمات البرية، والتي تسبب قتلى وجرحى ودمار. ولايقتصر امر مغادرة هذه المناطق على أهالي المنطقة، بل شمل عائلات مقاتلي “داعش” وخاصة النساء والأطفال، بل ان تقارير متعددة المصادر، أكدت ان مقاتلين من “داعش” انشقوا عنها، وتوجهوا لمغادرة أماكن انتشارهم، والبعض منهم سعى الى جانب سكان آخرين لمغارة مناطق سيطرة “داعش” كلها، رغم قرار داعش” بمنع السكان واعضائه من المغادرة الى مناطق خارج سيطرته تحت طائلة المسؤولية.
والمتغير الثاني في مظاهر الحياة العامة في الرقة، يمثله تهافت السكان على شراء السلع الاستهلاكية وتخزينها، مما أدى الى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، واختفاء كثير من البضائع المتوفرة في الأسواق وسط غياب عناصر “داعش” المكلفين ضبط الاسواق، وهو ما ترافق مع تردي الخدمات العامة من كهرباء وماء، المرتبطة بما أصاب سد الطبقة من اضرار مؤخراً.
واذا كانت مقدمات الحرب، فرضت تحولات في حياة السكان، فانها أدت الى تحولات اخرى في واقع “داعش” وعلاقاته الداخلية وسلوكياته، لاتقل أهمية وخطورة. فقد وجه التنظيم الى بعض مجموعاته أمر العودة الى الرقة ضمن خطوة هدفها إعادة تنظيم صفوفه، وتوزيع قواته وفق سيناريوهات الحرب المحتملة. فاعاد نشر مئات من المقاتلين في مناطق المواجهات، وقام بخطوة أخرى في موضوع تنظيم قواته، ومنها التركيز على ترتيب العمليات الانتحارية، وتحديد العناصر المنتظر قيامها بالعمليات ضد القوات المهاجمة، واغتنم “داعش” فرصة مايحدث لكشف أعضاء التنظيم المشكوك بولائهم بأختبار استعدادهم للقيام بعمليات انتحارية، وقد تمت تصفية وسجن بعض الأعضاء نتيجة التلكوء في اظهار استعدادهم ليكونوا انتحاريين محتملين.
ومن اهم الخطوات التي اتخذها “داعش” اللجوء الى تشديد قبضته على مدينة الرقة ذاتها. اذ أعاد انتشار بعض قواته ومواقعه، وخاصة حواجزه في المناطق الرئيسية، فزاد عدد الحواجز وافرادها في اطار اثبات سيطرته على المدينة، وضبط حركة سكانها ورسم حدود حركتهم.
وبخلاف ما ظهر على السطح من مظاهر الحياة العامة في مناطق سيطرة “داعش” في الرقة. فان معلومات تتوالى من الرقة عن ظواهر رشاوي، يأخذها الدواعش لقاء خدمات، وأخرى تؤخذ من السكان لتهريبهم خارج سيطرة “داعش” وعمليات فساد، واستيلاء على أملاك السكان، وسوق سوداء، تتعلق باخفاء واحتكار سلع استهلاكية، يقوم بها عناصر من “داعش” ومقربين منهم لزيادة ارباحهم فيها.
واذا سلمنا، بان اغلب المظاهر العامة في مناطق سيطرة “داعش” يمكن ان تحصل في أي منطقة، تعيش مقدمات الحرب من عمليات حصار وغارات جوية وهجمات برية. فان ثمة خصوصيات، لما يحصل في الرقة، واساس الخصوصية امران يتصلان ب”داعش” ذاتها، أولهما ان “داعش” ركز على انه تنظيم شمولي مسلح حديدي التنظيم والولاء قادر على مواجهة العالم كله، والامر الثاني، انه قدم نفسه قوة مثالية في التعامل مع الظروف الاستثنائية ومنها مقدمات الحرب وحتى الخوض في اعماقها.
وتكشف أيام “داعش” الحالية في الرقة ومحيطها، ان ما تقدم ليس أكثر من أكاذيب نسجها التنظيم عن نفسه واشاعها لدى أوساط معينة، وان الوقائع، تؤكد ان مايحصل في مناطق سيطرة “داعش” يماثل مايحصل عادة في المناطق التي تسيطر عليها عصابات وجماعات متطرفة وارهابية دموية، بل ان أنظمة لها نفس الطبيعة، يحصل فيها ما يحصل عندما تصير تحت أجواء الحرب وفي مقدماتها، تمهيداً لدخولها بوابة النهاية، ولاشك ان “داعش” سيكون امام بوابة النهاية، اذا اندلعت معركة تحرير الرقة.
-------------
مدار اليوم

فايز سارة
الاثنين 10 أبريل 2017