نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


بعد الحصار والتهجير والاستبدال، ما الخطط السورية لمجتمع جديد؟





ر
دمشق - زيمون كريم -عندما يحل الليل في حلب يصبح الحي الموجود عند القلعة القديمة شبيها بمدينة أشباح. لا يكاد يكون هناك ضوء خلف النوافذ الفارغة التي أتت عليها القنابل.

ليس هناك وقع خطوة تقريبا يسمع صداه قادما من أحد أرصفة هذه المدينة التي كانت مليونية السكان.

لم يعد هناك سوى ضجيج باب صفيح يجوب الشارع عندما أغلق أبو عادل كشكه الصغير ثم صعد طابقين إلى مسكنه الجديد.


 
قبل بضعة أشهر كان هناك خلف المنزل مباشرة خط يفصل بين جبهتين.

لا تزال أجزاء كبيرة من السوق القديمة على شكل أنقاض.

عندما فر أبو عادل من ضواحي حلب بأسرته من تنظيم الدولة الإسلامية(داعش) لم يكن هناك أحد تقريبا يسكن في المنطقة "في البداية كنت أشعر وكأني حيوان" حسبما قال الرجل العجوز مضيفا: "لم يكن هناك ماء ولا كهرباء".

ولكن وبعد أن طرد الجيش السوري المسلحين وحرر شرق حلب تحسن الوضع "حيث فتحت الكشك الخاص بي هنا حتى يرى الناس أنه من الممكن العيش هنا بشكل جيد".

منذ أن غادر المسلحون حلب في كانون أول/ديسمبر العام الماضي عاد وفقا لبيانات الأمم المتحدة أكثر من 200 ألف شخص للمناطق التي دمرت جزئيا في شرق حلب.

وليس كل هؤلاء كانوا يسكنون هناك من قبل. أبو عادل أيضا سكن هو وأسرته منزلا في مدينة حلب القديمة وجده مهجورا.

المجتمع في سورية يتغير جراء الحرب. أكثر من نصف السكان تركوا منازلهم بسبب المعارك وعمليات الطرد والتهجير.

جزء كبير منهم هرب إلى خارج سورية، وأعيد توطين ملايين آخرين. ستنشأ مدن ومناطق بأكملها بالاتحاد مع مناطق أخرى داخل سورية نفسها.

ورغم أن الحرب لا تزال مستعرة في أجزاء أخرى كثيرة إلا أن القيادة في دمشق تخطط مستقبل البلاد وإعادة الإعمار بالفعل.

تتهم منظمات غير حكومية الرئيس بشار الأسد بأنه يتعمد التلاعب في التركيبة السكانية للبلاد.

تبرق رؤية سورية المستقبل في شاشة عملاقة في مبنى زجاجي يستشرف المستقبل وسط دمشق.

تنشأ عمارات حديثة من أرض الصحراء لأكثر من 65 ألف إنسان ، تتسلل طرق دراجات عبر المنتزه.

وتدعو مراكز التسوق في المدينة للقيام بجولات تسوقية "فنحن نعيد هنا بناء منطقة تختلف كثيرا عما كان الوضع يبدو عليه هنا" حسبما أكد جمال يوسف، مدير "المشروع 66".

يعود اسم المشروع للمرسوم رقم 66 الذي وقعه الرئيس الأسد عام 2012 بعد اندلاع الثورة بقليل.

رسميا يهدف المرسوم لاكتشاف المناطق التي تم البناء فيها بشكل غير رسمي. وكانت ساحة المزة إحدى هذه المناطق ، ولكنها كانت عند اندلاع الثورة معقلا للمعارضة السورية ضد الرئيس.

ركزت دراسة لمنظمة NRO Pax الهولندية ومعهد سورية الأمريكي " TSI " على التغير السكاني في سورية.

وحسب الدراسة فإن الحكومة السورية طردت بالتعاون مع شريكيها روسيا وإيران مئات المدنيين من منازلهم في دمشق وحلب وحمص "من خلال استراتيجية اشتملت على الحصار والتجويع والتدمير والتبادل" حسبما أكد معدو الدراسة الذين أضافوا: "لهذا التغيير السكاني الذي تم بالقوة تأثيرات ثقافية واجتماعية وثقافية بعيدة المدى تجعل المصالحة صعبة فيما بعد".

بالنسبة لمدينة حمص شمال سورية بالذات فإن المنظمات تتهم قيادة الرئيس الأسد بإجبار السكان المدنيين من خلال القصف والمذابح والحرمان من المساعدة الطبية على النزوح خاصة من الأحياء التي تقطنها أغلبية سنية. وترى هذه المنظمات أن الإجراءات العسكرية تجاوزت مجرد محاربة المعارضة المسلحة "وأصبحت حمص بمثابة مخطط لمدن أخرى مثل داريا وحلب 2016".

إنها مدن يذكرها أيضا جمال يوسف، مدير مشروع الأسد الرائد الذي قال: "سنبني سورية كلها من جديد.. داريا وحمص على سبيل المثال".

وذلك على الرغم من أن عمليات إعادة التوطين كانت تسير في إطار قانوني. فإذا استطاع شخص ما إثبات أنه كان يمتلك منزلا بشكل قانوني يتم تعويضه بالشكل المناسب. ولكن خبراء يرون استحالة تقديم هذا الدليل في كثير من الأحوال.

ومدعوما بالنجاحات العسكرية بدأ الأسد أيضا في استبدال سكان مناطق كاملة بعضها ببعض حيث سمحت اتفاقية بين الحكومة والمقاومة المسلحة لأنصار الأسد بمغادرة مدينتي الفوعة كفريا شمال غرب سورية اللتين يحاصرهما المسلحون في مقابل تهجير سكان منطقتين قريبتين من دمشق باتجاه محافظة إدلب؛ وهما منطقتان تسكنهما أغلبية سنية.

تبرم القيادة السورية أو شركاؤها مثل هذه الاتفاقات منذ عام 2014 لتبادل السكان وتم تهجير عشرات الآلاف من السكان بهذه الطريقة.

وأصبح هناك جزء كبير من الثوار المسلحين في إدلب بينما عادت السيطرة للنظام السوري على المدن الكبيرة حلب وحمص ودمشق.

يضاف إلى هذه التغيرات السكانية التي ربما كانت متعمدة سكان مثل صاحب الكشك المشار إليه، أبو عادل، من حلب، وهم سكان يفرحون عندما يجدون بيوتا يتخذونها ملاذا آمنا ومُقاما أثناء هروبهم.

تقول الحكومة السورية إنها تعلم هذه المشكلة وتعمل على حلها، ويأمل أبو عادل أن يظل على المدى البعيد في سكنه في حلب. وقد فتح أبو عادل محله الصغير قبل نحو ثلاثة أشهر فقط. ومثله مثل الكثير من السكان الذين يقيمون في حلب يثني أبو عادل باستفاضة على الجيش السوري.

ليست هناك أصوات ناقدة في هذه المناطق التي كانت من قبل تحت سيطرة الثوار. ولكن الجنود الذين يجلسون في القلعة على بعد بضعة أمتار هم أيضا أفضل زبائن أبو عادل

زيمون كريم
الاربعاء 20 سبتمبر 2017