نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


تجربة لتتبع مسار الفراشات للتعرف على تفاصيل حياتها العجيبة




بيدرا هيرادا (المكسيك) - كيف نعرف المسار الذي تقطعه الفراشات؟ إذا كان من الصعب تقفي أثرها في الغابات، أو يبدو مستحيلا تتبعها عبر المسار الطويل في رحلة هجرتها عبر خمسة آلاف كيلو متر من كندا شمالا، مرورا بالولايات المتحدة، وصولا إلى المكسيك جنوبا، أصبح الأمر الآن ممكنا من خلال تقنية تقوم على لصق علامات صغيرة عليها، ومع كثير من الحظ.


"لدي أصدقاء عثروا على ما يقرب من عشر فراشات. أما أنا فلم أعثر على أي واحدة. عندما يحدث ذلك ننظر جميعا إلى الصور بتأثر شديد. الأمر اشبه بالحصول على الجائزة الكبرى"، تقول سيسليا أجيلار مرشدة بمحمية فراشات بيدرا هيرادا المليئة بأشجار الصنوبر وتنتشر بها مساحات خضراء شاسعة، وتقع على مسافة 110 كيلومترات جنوب غرب مكسيكوسيتي. خلال موسم الربيع بعد فترة الخروج من الشرنقة تنطلق بالملايين أسراب الفراش الملكي، وهو نوع عملاق يتسم بألوانه الزاهية: أجنحة برتقالية، خطوط سوداء مبرقشة بنقط بيضاء.

تبدأ رحلة هجرتها من الشمال إلى الجنوب، بين شهري تشرين أول/ أكتوبر و كانون أول/ ديسمبر، وتنطلق من منطقة البحيرات العظمى، لتضع بويضاتها شمال المكسيك وجنوب الولايات المتحدة، قبل أن تنتهي دورة حياتها في آيار/ مايو.

واحدة من تلك الفراشات التي وصلت المكسيك في موسم وضع البويضات، كانت أنثى قطعت مسافة 1800 كيلومتر، وكانت تحمل إشارة تم لصقها في البوركيركي، بولاية مكسيكو الجديدة الأمريكية، لتظهر بمحمية سيرو بيلون بوسط المكسيك.

على مدار عقود استمرت معامل جامعات وجماعات محبي الطبيعة في وضع علامات على أجنحة الفراش، وبصفة خاصة في الولايات المتحدة. ينتهزون فرصة ميلادها فوق براعم نبات الصقلاب المعمر، أحد فصائل إكليل الجبل، أويصطادونها بالشبك عندما تتوقف لارتشاف رحيق الأزهار أثناء عبورها نحو المكسيك.

في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية( د. ب. أ) توضح أستاذة علم الأحياء المكسيكية جلوريا تابيرا "معدل الطيران اليومي يتراوح بين 70 إلى 130 كيلومتراكلم، تتوقف للراحة وارتشاف الرحيق لتواصل رحلتها في اليوم التالي". تشغل تابيرا منصب أمين عام المجموعة الفنية رفيعة المستوى التي تضم الدول الثلاثة، وتعنى بحماية مسار هجرة الفراش الملكي.

يقوم المتطوعون والعلماء ومتطوعون من برنامج مونارش ووتش، ومقره جامعة كنساس، بلصق شارة دائرية ضئيلة الحجم تحمل رمزا كوديا من أرقام وحروف، ويتمنون من كل قلوبهم أن يحالف الحظ أي أحد ليعثر عليها ويقوم بإخطار جهة الإرسال بالرمز الكودي.

توضح تابيرا "يوجد فريق مدرب وكامل في الولايات المتحدة، يعتمد على جهود المجتمع المدني لخدمة هذه القضية، حيث يتولى التقاط الفراشات ولصق الأكواد عليها، يشير الرمز الكودي للمكان الذي قام بلصق الشارة، وهذا يفيدنا في التعرف إن كان هو أم لا نفس الفراش الذي وصل إلى محميات ولاية مكسيكو الجديدة أو ولايات متشواكان المكسيكية".

في غالبية الأحوال يتم العثور على الفراش الذي يحمل رموزا كودية في المكسيك، بواسطة القرويين أو المرشدين العالمين في المحمية الطبيعية، أو عندما تموت أثناء العواصف الثلجية أو لأسباب أخرى في الغابة حيث يقضون موسم الشتاء قارص البرودة.

وتتميز الفراشات الملكية بسمات تجعلها شديدة الخصوصية بين الحشرات قشرية الجناح، حيث يطلق عليها اسم "متشولح"، جد نبي الله نوح وفقا للعهد القديم، نظرا لطول عمرها، فهي تبدأ رحلة هجرتها في خريف نصف الكرة الشمالي من كندا مرورا بالولايات المتحدة لتصل إلى المكسيك، ويمتد عمرها إلى تسعة أشهر، إلا أن بعضها يعيش أحيانا لأقل من شهر.

وتجند كلا من الولايات المتحدة وكندا أعدادا غفيرة من أجل لصق الأكود على الفراش، حيث يتعين عليهم استخدام نوع خاص من اللاصق، واختيار بعناية المكان الذي سيوضع به الكود على جسم الفراشة. يتكون الكود من ثلاثة أرقام وثلاثة حروف فضلا عن إشارة إلى المؤسسة التي وضعت الرمز الكودي. ليس الغرض من الفكرة معرفة مكان كل زهرة توقفت عندها الفراشة أثناء الرحلة، بل التعرف بصفة عامة على مسار الرحلة العجيبة ومحددات إطارها وصولا إلى المكسيك.

بدأت عملية لصق الأكواد لأول مرة عام 1937، على يد عالم الأحياء الكندي فريد اوركهارت، وبعد رحلة انتظار استمرت نحو أربعة عقود تمكن في النهاية من معاينة ثمرة جهوده: تم العثور في المكسيك على واحدة من فراشاته، مما ساعدة على اكتشاف مسار رحلة هجرة الفراش.

أما وفقا لجمعية مونارش ووتش، عثر قبل بدء برنامجهم لتكويد الفراش عام 1922 على 99 فراشة ملكية، تحمل إشارة لرمز كودي من عمل فريق الكندي أوركهارت وزوجته نورا، فيما بعد عثر على ما يربو على 10 آلاف فراشة.

يوضح برنامج مونارش ووتش على صفحته على موقع الانترنت "تعلمنا الكثير من رحلة هجرة الفراش الذي يحمل رموزنا الكودية، فقد ساعدتنا على التعرف على أن هناك موديلا نموذجيا يخضع لمعايير زمنية ومعدلات سرعة الرحلة، ومعدل وفيات الفراش فضلا عن منظومة خلايا فترة الحضانة داخل الشرنقة".

في 2009، قام البروفيسور الألماني مارتن ويكليسكي، خبير الأحياء بمعهد ماكس بلانك للطيور، وإخصائي دراسات هجرات الطيور والحيوانات، بتعليق جهاز راديو إرسال بجسم فراشة ملكية بمدينة لورنس التابعة لولاية كنساس، في تجربة رائدة، بالتعاون مع شيب تايلور مدير برنامج مونارش ووتش.

لا يكاد يصل وزن الفراشة إلى نصف جرام، وكان الجهاز الملصق بجسمها يمثل حمولة زائدة، إلا أن الفراشة في النهاية تمكنت من قطع الرحلة، وتمكن العلماء من متابعتها طوال 18 كيلومترا، إلا أنها تحررت بعد ذلك من هذه الحمولة الزائدة.

بالرغم من هذه المحاولات، الطريقة الأكثر شيوعا لمتابعة الفراش لا تزال لصق العلامات، حيث تؤكد تابيرا أن "النجاح في الإمساك بفراشة تحمل رمزا كوديا يعد اكتشافا مذهلا، لأنه يفيدنا كثيرا في التعرف على المسافة التي قطعتها والظروف التي مرت بها".

لا يزال حتى الآن يتم لصق الرموز الكودية في كندا والولايات المتحدة، إلا أنه من المقرر أيضا بحلول الموسم الجديد 2017- 2018، أن تقوم المكسيك أيضا بالشروع في عملية لصق الأكواد، حيث توضح تابيرا "سوف نبدأ بلصق الأكواد لحين حلول موسم هجرة الفراش الملكي خلال الربيع القادم، وهي الأسراب التي شهدنا ميلادها، لنعرف كم من الوقت يستغرق وصولها إلى الشمال. بهذه الطريقة ستتكون لدينا فكرة أكثر وضوحا عن المسار الذي تقطعه لاحقا سلالة الفراشات الملكية التي تدخل الشرانق في المكسيك لتولد بالقرب من الحدود الأمريكية في طريق العودة.

أندريا سوسا كابريوس
الاثنين 8 ماي 2017