نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


تركي الفيصل يرمي سهامه على الحاكمية وولاية الفقيه









قد يبدو للوهلة الأولى أن القضايا المثارة في مؤتمر المعارضة الإيرانية المنعقد في باريس، مرتبطة بإيران وحدها، إلا أنها في العمق شديدة الالتصاق بالعالم العربي، فالتجليات - هنا وهناك - واحدة: همجية دينية متوغلة متوحشة، وإسلام سياسي يصطبغ بمسميات مختلفة، وإن كان في صميمه قد نشأ برعاية موهومة من بعض الأنظمة السياسية العربية ومن النظام الإيراني على السواء.


 
ومن هذا المنطلق، آثر الأمير تركي الفيصل رئيس المخابرات السعودية الأسبق تسليط الضوء على عناصر التقارب لا على مواطن الافتراق، فهو بقدر ما كان يخاطب الإيرانيين، كان يخاطب العرب، ويعبر عنهم، إذ أنهم مثل الإيرانيين قد عانوا وما زالوا يعانون أكثر من أي وقت مضى من الإسلام السياسي وشعاراته الزائفة وصنائعه البغيضة التي أطاحت بالروح واستنزفت الطاقات في حروب طائفية لا أول لها ولا آخر.

لطالما سعت تلك المرجعيات المهووسة على نحو شنيع في استغلال مشين للدين وبشعارات ومسميات لا حصر لها، إلى إضفاء الصبغات التي تظهر بأن الإسلام السياسي السني يتمايز عن الإسلام السياسي الشيعي، إلا أن النواة واحدة، إسلام سياسي، سني وشيعي، يتمسح بالحاكمية تارة وتارة أخرى يرزح في عبودية مريرة لولاية الفقيه، إذ التجليات والآثار والمصائر تتشابه، والمقاومة لها ينبغي أن لا تأخذها لومة لائم، وأن لا تتأرجح إلى شكل مذهبي طائفي بغيض على حساب آخر، فكلاهما على السواء ولاية الفقيه الشيعية أو الحاكمية السنية تفسد في الأرض، وتشيع الإرهاب والفوضى.

إن كلمة الأمير تركي الفيصل، من هذا المنطلق، ليست كلمة تخص الإسلام السياسي في إيران فحسب، وليست موجهة للإيرانيين فقط، وإنما هي في الأصل، في الفهم والتعبير، كلمة موجهة أيضا للعرب وتعبر عن أحوالهم، تزييفهم للدين وتضييعهم للدنيا، التي جعلت بل أتاحت الفرصة لإيران بأن تتمدد في المنطقة، إذ الحاكمية وولاية الفقيه شكلان بقدر ما يرفعان شعارات التمايز فيما بينهما، بقدر ما يرفدان بعضهما بعضا، وإن بدت هذه الشعارات مختلفة متناقضة متصارعة، إلا أنها متفقة في الأهداف والمسارات، ممتزجة فيما بينها في الاعتقاد والممارسة.

لقد اكتفت التحركات العربية في معارضتها للتوغل الإيراني في المنطقة بالشجب أو مقاومتها بعد أن توغلت في العراق وسوريا واليمن، دون اتخاذ التدابير القوية لصناعة التغيير داخل إيران نفسها، وإن بدت التحركات السعودية العربية متأخرة رغم الويلات المتكررة، إلا أن المشاركة الرسمية السعودية القوية في مؤتمر المعارضة الإيرانية بباريس خطوة مهمة، لابد أنها تصدر عن وعي بخطورة الأيدولوجيات الإسلاموية كافة تلك التي وجدت من يدعمها في إيران وفي العالم العربي سواء أكانوا من السلفية المتشددة أو السروريين أو الإخوان أو الصفويين ... إلخ، جميعهم وباء يتهدد الأمة العربية.

ولعل أهم ما حققه مؤتمر المعارضة السنوي المنعقد في باريس، أنه قد نجح في أن يجمع الإيرانيين بالعرب جمعا مدنيا لا دينيا، يمقت المنغصات التاريخية الممزقة للانسجام، ويقود كل منهما إلى الاعتراف بأن الإسهامات التاريخية والثقافية للعرب والفرس على السواء كانت مضيئة عندما لم تستند على دعامات الدين المخادعة، ولعل مثل هذا المسار يحتاج إلى مزيد من الدعم والرعاية خاصة من المملكة العربية السعودية والشرفاء من الإيرانيين، لتوحيد الرؤية السياسية والثقافية وحمايتها من أن تمتزج بالمواقف المسبقة الدينية، تلك التي أصبحت من الصعب النجاة منها بفضل الشحن الطائفي البغيض والمذهبية الدينية المنحطة، إذ سرعان ما ستعمل السلفيات الإيرانية والعربية على السواء في مواجهتها، إذ التقارب أو الالتحام بينهما هو تهديد للطرفين، الحاكمية السنية وولاية الفقيه الشيعية في الوقت نفسه.
---------
 موقع 24

د.علي بن تميم
الاحد 10 يوليوز 2016