نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


جبهة النصرة بين الخيارين الشعبي والعسكري






مأزق جبهة النصرة هو ذاته مأزق كل الحركات الإسلامية المسلحة، وربما كل الحركات المسلحة العالمية التي تفتقر إلى المشروع المتواضع المنسجم مع طبيعة الشعوب والواقع العالمي المعقد، فتخال هذه الحركات أن بمقدورها القفز لقرون هرباً من واقع أليم لتطبيق أو فرض الدولة الفاضلة التي لطالما حلمت بها هذه الحركات، فتصطدم بشعوب غير مستعدة ولا مؤهلة لهذه الاستحقاقات


 .
الشاهد هو ما حصل لجبهة النصرة خلال الأسابيع الماضية حين انقلب المزاج الشعبي ضدها بشكل خطير يوم هاجمت مقر الفرقة 13 في معرة النعمان وقتلت بعض منتسبيها ظلماً وعدواناً، فكان أن انفجر الشارع المعري بقوة في وجهها وهو ما أجبرها على مغادرة المعرة وإخلاء مقراتها، وقد أحسنت صنعاً وإلا فربما كانت نهايتها لو قررت الصدام، وأقدم المتظاهرون على حرق المقرات والمكاتب وهتفوا ضدها، وهم يقولون الشعب الذي ثار ضد أعتى نظام مجرم في التاريخ سيثور ضد جبهة النصرة حتى ولو أهدته نصراً مؤزراً بمشاركتها القوية والفعالة في تحرير وادي الضيف والحامدية اللذين كانا يدكان المعرة يومياً، ما دامت تحاول فرض مشروعها بالقوة عليه.
تراجعت جبهة النصرة عن معرة النعمان وصمتت مؤثرة أن تهدأ العاصفة الشعبية بعد أن افتعل بعض عناصرها معركة جانبية لا قيمة لها متمثلة بمنع المتظاهرين رفع علم الثورة في إدلب، بينما العدو الصائل مستبداً كان أو محتلاً يصول ويجول، ويجوس الشام من شمالها إلى جنوبها. لم يمض أسبوعان على هذا التراجع الشعبي لجبهة النصرة حتى رأينا عودته ولو جزئياً حين تمكنت مع فصائل جهادية وثورية عدة من تحرير العيس وبعض القرى والبلدات في ريف حلب الجنوبي، ومثل هذه العودة لا بد من استثمارها إن كانت الجبهة جادة وحريصة على المشاركة بمستقبل سوريا.
بالتأكيد فإن مأزق الجبهة كغيرها من الجبهات والجماعات المسلحة الوليدة التأريخ يتمثل في ضعف قاعدتها النخبوية نظراً لمشروعها المتشدد الذي لا يلائم النخب في الغالب، بالإضافة إلى طبيعة التشدد الذي تحظى به، ما يجعلها مفصولة عن الحاضنة الاجتماعية فكيف إن كانت موسومة عالمياً بالإرهاب فمن سيُعرض نفسه للوصم بأنه إرهابي من أجلها أو من أجل غيرها.
على جبهة النصرة أن تدرك وتعي تماماً الدرس الطالباني الأفغاني الذي شق طريقه منسجماً مع شعبه وقاعدته الاجتماعية ونخبه الفكرية، ففاوض الأميركيين، وتحالف مع الجماعات المسلحة الأخرى التي لم تبايعه بل وتخالفه مثل الحزب الإسلامي بزعامة قلب الدين حكمتيار وآخرين، ولم يمنع طالبان أفغانستان مشاركة باكستان الجارة في حربها عليها لسنوات من أن تقبل بها كوسيط، ولم يمنعها أيضاً من زيارة الصين ودول عربية والتعريف بمشروعها، ولذا لم يجد أي أفغاني غضاضة في أن يعلن أنه من مؤيديها. الخلاصة ربما تستطيع أن تكون هذه الحركات المسلحة مشاريع عسكرية ومشاريع هدم للأنظمة والاحتلالات ولكنها لن تكون مشاريع بناء لمشروع ما لم تلتزم بقواعد لعبة البناء، وما لم تحقق شروط العبور نحو الآخر، والآخر هنا هو الشعب، فعصر الإملاءات على الشعوب ولّى، ومن علّم الأمة والعالم كيف يكون الموت في سبيل الله أمامه تحدّ أخطر وأهم وهو كيف يعلمه الحياة في سبيل الله.
---------------
العرب القطرية

د. أحمد موفق زيدان
الاثنين 4 أبريل 2016