نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


حمية الغذاء الخالي من الجلوتين بين العلم واستغلال الكتب الأكثر مبيعا




واشنطن - قوالب الحلوى المعروفة باسم "الكب كيك" المعروضة في الفاترينة وعلى الطاولة شكلها لا يقاوم، ولكن "هل تحتوي على الجلوتين؟"، يسأل الزبون. جرسونات المقاهي وباعة محال الحلوى في الولايات المتحدة أصبحوا بالفعل معتادين على مثل هذه النوعية من الأسئلة، علاوة على أن المطاعم الأمريكية تقدم سنويا ما يزيد على 200 مليون وجبة غداء خالية من مادة الجلوتين، حيث تشهد الولايات المتحدة هذه الأيام تزايدا واضحا في الإقبال على حميات الطعام الخالية من مادة الجلوتين، ذلك البروتين الموجود في القمح والحبوب الجافة.


بالرغم من ذلك، يُعزى الإقبال على هذه النوعية من الحميات لأسباب متنوعة للغاية. تعتبر هذه الحمية أمرا وجوبيا إلزاميا بالنسبة لمن يعانون من "حساسية القمح" أو ما يعرف بمرض السلياك، والذي قد يسمى أيضا بأنيميا القمح، وهو مرض مناعي ذاتي مكتسب يصيب الأمعاء الدقيقة لدى الأشخاص ذوي العرضة والذين يتمتعون بقابلية جينية للإصابة به في أية مرحلة عمرية منذ الطفولة وحتى الشيخوخة ومن أهم أعراضه الاسهال والنفخة وآلام البطن، كردة فعل للتعرض لمادة الجلوتين أو الجليادين الموجودة في الحبوب وخاصة القمح, مما يؤدي إلى حالة اعتلال معوي. وكذلك يعتبر الالتزام بها أمر حيوي بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أي منتج آخر يدخل فيه بروتين الجلوتين.

كما أن هناك من اقتنعوا بهذه الحمية وأهمية تطبيقها بعد قراءة الكتاب المتصدر قائمة الأعمال الأكثر مبيعا " Wheat Belly" أو "كرش من القمح" للدكتور ويليام ديفيز، حيث أكدوا أن مادة الجلوتين غير صحية، ومن الأسباب الرئيسية للإصابة بالبدانة. وتشهد هذه الحمية إقبالا منقطع النظير لدرجة أن الإحصاءات تفيد بأن واحدا من كل عشرة منازل في الولايات المتحدة يستهلك طعاما خاليا من الجلوتين، فيما يعتقد واحد من بين كل أربعة أمريكيين أن الغذاء الخالي من الجلوتين صحي ومفيد لأي مواطن عادي.

ومع ذلك توضح دراسة حديثة نشرتها دورية "بريتيش ميديكال جورنال" العلمية المتخصصة أن تناول أطعمة خالية من الجلوتين ليس له أي تأثير إيجابي أو فائدة تذكر على الصحة، بل على العكس من ذلك تماما: يؤدي تقليل الجلوتين إلى تقليص استهلاك كمية الحبوب الكاملة، والتي تفيد في حماية القلب من كثير من المشاكل. "وفقا لبياناتنا، أي نظام غذائي يحتوي على نسبة ضئيلة من الجلوتين، بدافع الحرص فقط على الصحة، لا ينصح بالاعتماد عليه، يوضح أخصائي الجهاز الهضمي والباحث المشارك في هذه الدراسة، اندرو شان، أستاذ طب الجهاز الهضمي بجامعة هارفارد.

وقد ساهم في إعداد هذه الدراسة فريق من الخبراء والإخصائيين من العديد من الجامعات والمراكز البحثية المرموقة، وعلى رأسهم البروفيسور بنجامين لبهول، أخصائي السيلياك بجامعة كولومبيا (نيويورك)، حيث أجروا أبحاثهم على عينة من المواطنين الأمريكيين تعدادها 110 ألف مواطن، خلال فترة طويلة للغاية امتدت من 1986 وحتى 2010 وخلال تلك الفترة الطويلة كان أعضاء الفريق يجتمعون مرة كل أربع سنوات لتبادل البيانات حول الصحة الغذائية للعينة قيد البحث، والتي قسموها إلى خمس مجموعات بحسب معدل استهلاكها للأغذية التي تحتوي أو لا تحتوي على الجلوتين.

يقول شان "تشير النتائج إلى أن المجموعة الأقل استهلاكا لمواد غذائية تحتوي على الجلوتين، سجل بين أفرادها نفس نسب الإصابات بأمراض القلب. صحيح أن الجلوتين مادة ضارة بالنسبة للمصابين بالحساسية منها أو المصابين بالسيلياك، ولكن أصحاب الكتب الأكثر مبيعا استغلوا الموقف لنشر الفكرة وتشجيع حميات غذائية منخفضة نسب الجلوتين أو خالية منه على اعتبار أنها صحية أكثر لأي شخص". ومن ثم يضيف لبهول أن الأشخاص الطبيعيين الذين يتخلون طواعية عن تناول الحبوب الكاملة لاحتوائها على الجلوتين، يعرضون أنفسهم لخطر فقدان قيمتها الغذائية المهمة بالنسبة للقلب.

ولهذا ينصح الإخصائيون بإجراء تحاليل طبية في حالة الإصابة باضطرابات معوية، وعدم الانقياد وراء اختبارات الانترنت أو المعالجين الشعبيين. وبناء عليه، يجب على الأسر التي تتخلى عن الجلوتين أن تتوخى الحذر في حالة إجبار أبنائهم على اتباع هذه الحمية، أخذا في الاعتبار تجربة الرضيع البلجيكي المؤسفة، والذي توفي في شهره السابع، وهو يعاني من الهزال، نتيجة لإصابته من حساسية السيلياك بسبب اتباع والديه لحمية تخلو من الجلوتين الموجود في الحبوب ومنتجات الألبان، بحسب التشخيص الطبي للحالة. وقد احتل الخبر عناوين الصحف في الآونة الأخيرة، وأثار جدلا واسعا.

بالرغم من ذلك، ومع تزايد فزع الآباء الذين روعهم الخبر، نصح أطباء الأطفال بالتحلي بالهدوء لأنه ببساطة "لا أحد يموت بسبب تناول الجلوتين"، حسبما أكدت على مدونتها طبيبة الأطفال الإسبانية، لوثيا جالان، مؤلفة كتب مثل "أفضل ما في أيام حياتنا" و "أنتِ أم رائعة"، مطالبة وسائل الإعلام بالتحلي بالمسؤولية. توضح الدكتورة جالان أن الرضيع البلجيكي توفي بسبب سوء التغذية، نظرا لأن والديه قاما بتغذيته بسوائل نباتية، من بينها حليب الكينوا، المستخرج من بذور هذا النبات الذي ينمو في جبال الأنديز.

مع ذلك، الحالة توضح أن "اتباع أو إجبار رضيع على اتباع حمية خاصة تمنع منها مجموعة من المواد الغذائية بدون إرشادات طبية، أمر غير مبرر ولا فائدة منه"، بحسب ما يؤكده أوسكار جارثيا، مدير مستشفى برشلونة كلينيك لحديثي الولادة. فيما تؤكد جالان بصورة قاطعة "المبرر الوحيد للتخلي عن الجلوتين في الغذاء هو وجود تشخيص طبي لمرض السيلياك أو أنيميا القمح، بخلاف ذلك قد تكون هناك تبعات لا تحمد عقباها".

اندريا بارثلمي وإيلينا بوكس
الاثنين 19 يونيو 2017