نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


داعش بين التذكير والتأنيث




بقيام "الدولة الإسلامية في العراق والشام" مستكملاً الطريق التي مشى فيها شيخه الزرقاوي، وشاطباً من الوجود كلاً من "جبهة النصرة"، و"الدولة الإسلامية في العراق". لم يتوقف كثيرون أمام هذا الأمر واعتبر عادياً في سياق الوضع السوري الذي كان يشهد بشكل متواتر إعلان تأسيس كتائب وتوحيد كتائب في جبهات وإندماج أخرى.


شّر البغدادي المؤمنين في أرض الشام والعراق في 9 نيسان/إبريل عام 2013د لكن الذي أخذه بأقصى الجدية والحذر ورد عليه في اليوم التالي كان "الفاتح" الجولاني "المسؤول العام لجبهة النصرة"، معلناً بيعةً مباشرة للظواهري، الذي رفض لاحقاً تمدد "حكم" البغدادي نحو الشام معلناً بقاء النصرة.

مع استيلاء "الدولة"، بحسب الاختصار الذي استخدمه الأهالي، على إرث ومقر جبهة النصرة في الرقة، أصبح لها مقراً وعنواناً معلوماً وعاصمة تحت التأسيس بعد أن كانت محمولة على سيارات الدفع الرباعي في بادية العراق.  

ومن الأحرف الأولى للاسم الرسمي الطويل، الذي أعلنه البغدادي لدولته التي "تحكم البلاد والعباد بأحكام الله"، نُحت اسم "داعش" والذي استخدم للسخرية بداية أكثر من أي شيءٍ آخر.  

وسائل الإعلام الأجنبية التي لا تضحي بمهنيتها، استخدمت اختصار ISIS مصحوباً بالإسم الرسمي، الذي تلاشى لصالح الاختصار، الذي أخذ حرفه الأخير من Sham  لكنه يشير أيضاً إلى سوريا، لكن الرئيس الأمريكي أوباما المولع بالفصاحة والخطابة استخدم اختصار ISIL الذي أخذ حرفه الأخير من  Levant/ الشام أو المشرق العربي.

لايمكن التقصي بدقة عن الذي استخدم اسم "داعش" أول مرة، لكن أول من استخدمه في تويتر مغرد سعودي بتاريخ 18  حزيران/يونيو من العام 2013 وجاء استخدامه في سياق يوحي بأنه معروف، بينما يخبرنا اليوتيوب أنه استخدم بتاريخ 4 أيار/ مايو من نفس العام في عنوان شريط فيديو عن عملية للجيش العراقي في صحراء العراق غير محددة المكان. لكن المؤكد أن استخدامه في المواقع الاخبارية باللغة العربية بدأ بتواتر من مواقع تبث من إيران أو مقربة منها.

ولإسبابٍ متباينة انتشرت التسمية، بتناسبٍ طردي مع تمدد "الدولة" على الأرض، و ازدياد تواجد أنصارها على شبكات التواصل رافعين راياتها تحت شعار "باقية وتتمدد"، فقد كان أعداؤها يتكاثرون كلما تمددت، وتزداد المساحات التي تحتلها في الإعلام.  فالصراع على الأرض بين "الدولة" وأعدائها؛ رافقته حرباً إعلامية كان أحد وسائلها استخدام "داعش" تسمية لها، بصيغة أصبحت تميل إلى التحقير أكثر من السخرية، والذي ردت عليه بجلد من يستخدمه في مناطق نفوذها. لكن الاسم كان مؤنثاً بنسبته إلى الاسم الرسمي.

وجد الكثيرون في تسمية "داعش" حلاً لهذا المولود القادم من سيارات الدفع الرباعي، فهو بالإضافة لشحنته الإحتقارية يبعد "الإسلام" عن هذا التنظيم الإرهابي ويبعد التنظيم عن "الدولة"، الذي أصبح يحتكرهما. هذا شكل مخرجاً حتى للإسلاميين الذين لا يخالفون التنظيم في مبادئه ومرجعيته وسلوكه، ولا حتى في دعوته لقيام دولة الخلافة، كونه لم يعط أحداً منهم حصة وموقعاً في هذه "الدولة" وأراد إلحاقهم به.

المتحمسون لهذا الاسم في وسائل الإعلام التي تبث بالعربية، كانوا كثر ومن توجهات متباينة، من إيران إلى العراق إلى السعودية، وعلى رأسها قناة العربية، التي كانت أول وسيلة إعلام رصينة بالعربية تستخدمه في موادها. وقد بدأت باستخدامه مؤنثاً، قبل أن تذكّره بنسبته إلى "تنظيم"، بشكلٍ مبالغ فيه، ذلك أن "الدولة" التي بدت أشبه بمزحة دولة الزرقاوي في العراق، أصبحت واقعاً يثير المخاوف، وتسيطر على أراضٍ شاسعة تمتد من ريف حلب إلى أطراف بغداد، بما فيها الموصل أحد أهم مدن الشرق حتى وقتٍ قريب، والرقة التي تكنى بعاصمة الرشيد أشهر الخلفاء العباسيين. وهشم مقاتلوها حدود سايكس- بيكو المقدسة، ولم تعد موجودة إلا الخرائط.

وقبل ظهور "الخليفة إبراهيم" في الموصل التي أصبحت عاصمة "الدولة"، خاطباً في الناس من جامعها الكبير، ومعلناً قبول "ابتلائه" بالبيعة، كان العدناني "المتحدث الرسمي للدولة" قد مهد لذلك بتسجيلٍ مطول، أعلن فيه قيام الخلافة الإسلامية، ومبايعة "أهل الحل والعقد" فيها لسليل بيت النبوة إبراهيم البدري خليفة للمسلمين، وإلغاء "اسم العراق والشام من مسمى الدولة في التداولات والمعاملات الرسمية ويقتصر على اسم الدولة الإسلامية". الاسم الذي لم يقبل به أحد نكاية بها، واستمر استخدام "داعش" بشراسة أكثر من قبل وتم التشدد في تذكيره أكثر من ذي قبل مع ازدياد خطر "الدولة"، وتمددها الذي وصل للحدود السعودية.

ومشكلة السعودية مع "الدولة الإسلامية" أعقد من مسألة الحدود، فهي ذات صلة بمرجعية "الدولتين"، فهذه "الدولة" الجديدة تنازعها المرجعية وتخطفها منها، خصوصاً بعد أن تراخت وتهاونت في تطبيقها، فكلا "الدولتين" تعلنان أن مصدر شرعية الحكم هو الإسلام، ودستورهما كتاب الله وسنة رسوله، وهدفهما تحكيم شرع الله وإقامة الحدود. أما بعد قبول البدري للبيعة فقد "صار إماما وخليفة للمسلمين في كل مكان، وصار واجبا على جميع المسلمين مبايعة ونصرة الخليفة" كما ذكر العدناني.

 

وإذا أضفنا لذلك وجود آلاف من السعوديين كمقاتلين في صفوف"الدولة الإسلامية" ندرك أنها أصبحت خطراً حقيقياً يتاخمها. وسنفهم الحماس السعودي لمحاربتها، وكذلك لاستخدام اسم "داعش" وتذكيره. فبينما بقيت كل وسائل إعلامها وكتابها يستخدمون صيغة المؤنث مع القاعدة رغم أنها تنظيم أيضاً، فلا يقال "قام القاعدة..." وذلك بنسبتها إلى جماعة، تم الإصرار بشكل غريب على تذكير "داعش" رغم السياق الشاذ للنطق، وذلك كي لا يحدث لبس للمستمع أو القارئ ويعتقد أن النسبة هي إلى "دولة" وليس "جماعة". 
------------------
هنا صوتك

 

خلف علي الخلف
الثلاثاء 14 أكتوبر 2014