نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


سياحة الفساد نوع جديد من الزيارات في التشيك بات مصدر جذب للآلاف




براج - ميشائيل هايتمان - يتدفق السياح منذ زمن طويل على عاصمة التشيك لمشاهدة جسر تشارلز والحارة الذهبية التي تضم مجموعة من المباني التاريخية وقلعة براج ،ويسعى الكاتب المسرحي والمخرج التشيكي بيتر سوريك حاليا إلى اجتذاب السياح ليس عن طريق عرض الكثير من الآثار وأمجاد الماضي ولكن بعرض مشكلات الحاضر وفي مقدمتها قوة الفساد.


سياحة الفساد نوع جديد من الزيارات في التشيك بات مصدر جذب للآلاف
ومن بين معالم الجولة التي يطلق عليها اسم " جولة الفساد " وتنظمها الشركة التي أسسها سوريك المولود في براج زيارة أماكن الوحدات السكنية الفاخرة التي يقطن فيها أعضاء جماعات الضغط المحترفين والسياسيون الفاسدون، إلى جانب زيارة مشروعات الأنفاق التي يتم أثناء تنفيذها نهب المال العام بالمبالغة في أسعار الإنشاء.
 
والهدف من تنظيم هذه الجولات هو كشف النقاب عن الجانب المظلم من المجتمع التشيكي بعد انهيار النظام الشيوعي، ويقول سوريك : " إننا اخترعنا سياحة الفساد ".
وتجمعت مجموعة صغيرة من السياح الفضوليين خارج مقر وزارة الداخلية الذي ربما يكون أكثر المباني حراسة في العاصمة التشيكية ذات المناظر الرائعة.
 
ويقدم المرشد السياحي فيليب نفسه وهو يرتدي ملبسا يلفت الأنظار يشمل شرائط ذات ألوان لامعة وقبعة من القش ذات حافة ملتوية، ويعد فيليب المجموعة بأن يعرض عليها مناظر تتراوح بين " نصب تذكارية قيمة ومبان خرسانية وعناوين شركات لا وجود لها ".
 
ومن بين مجموعة السياح يقف رجل مسن جاء من النمسا خصيصا للمشاركة في هذه الجولة والتعرف على ما يشغل بال أبناء التشيك، وقطع الرحلة بالسيارة في غضون أربع ساعات، وأعرب الرجل عن اعتقاده بأن هذا النوع من السياحة يمكن أن يصبح نشاطا سياحيا عالميا يحقق الأرباح، وقال إنه لم يتم استغلاله بعد ويمكن أن يكون هو الإتجاه المستقبلي في قطاع السياحة.
 
ويقود فيليب مجموعة السياح إلى ما يشير إليه بوصف " أكبر منجم للذهب " في جمهورية التشيك، ويجد السياح أنفسهم ينظرون إلى أسفل شطر موقع بناء ضخم من المقرر أن يوجد فيه في النهاية " نفق بلانكا "، ويعد هذا النفق الذي يبلغ طوله 4 ر6 كيلومترات أطول نفق يقام داخل مدينة أوروبية.
 
ويشير فيليب بلهجة انتقاد لاذعة إلى الخيميائيين الذين كانوا يجرون التجارب الكيميائية بحماس في بلاط الامبرطورالروماني رودلف الثاني وإن كان ذلك بدون جدوى للتوصل إلى سر تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب، ويقول إن الشركات التي تقف وراء المشروعات الهندسية الكبرى في التشيك نجحت الآن في التوصل إلى هذا السر.
 
ويضيف فيليب إن أي شخص يتحمل هذا العناء الكبير يجب أن يحصل على مكافأة، مشيرا إلى أن فتات المكاسب يتساقط في كل اتجاه، وكان موضوع النفق محل تغطية واسعة في وسائل الإعلام التشيكية منذ فترة طويلة بغض النظر عما إذا كانت له أهمية على الإطلاق، هذا على الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح بدقة من الذي حقق أكبر استفادة حتى الآن من تكلفة المشروع التي المبالغ فيها والتي حفلت بتجاوزات.
 
وبالقرب من قلعة براج التي تعد من المزارات الواجبة بالنسبة لمجموعات السياح الأكثر تقليدية يتوقف فيليب أمام منزل فاخر مكون من طابقين ويقول لمرافقيه في همس بطريقة مسرحية أن أحد أفراد جماعات الضغط يقيم بداخله.
 
ويعرب أحد المشاركين في الرحلة عن اعتقاده بأنه لأمر مثير للسخرية  أن هذه المنطقة السكنية الراقية تقع قريبة جدا من عدد من وزارات الحكومة، ويقول متهكما إن هذه المنازل تم بناؤها بشكل يراعي الاعتبارات الاستراتيجية.
 
وحينئذ يظهر الرجل المنتمي لجماعات الضغط بنفسه وهو يمشي في حديقة عامة قريبة مصطحبا كلبه في نزهة سيرا على الأقدام، وهذا الرجل معروف لأن صورته تظهر في الصحف وتقارير برامج التلفاز.
 
ويشعر سوريك الذي طرح هذه الفكرة بالتيقن من أنه عثر على منجم للذهب خاص به، ويقول إن عدد النصب التذكارية التي تمثل الفساد في بلاده كبير.
 
ومع ذلك يحمي سوريك نفسه من التعرض للمساءلة القانونية حيث يستهدف فقط زيارة مواقع قضايا الفساد التي حظيت بالفعل على تغطية إعلامية واسعة حتى يكفل ألا يصبح هو نفسه هدفا لإجراء قانوني يتخذ ضده، ويقول إن السياح الذين يشاركون في الجولات التي ينظمها كانوا يواجهون الأمر بابتسامة.
 
ويقول مشارك في الجولة من التشيك إن هناك غضبا عاما في بلاده من الطبقة السياسية، ويضيف إن المواطنين يشعرون بإحباط بالغ إزاء السياسيين بشكل عام.
 
ولا تتمتع جمهورية التشيك بسمعة براقة على الصعيد الدولي حيث جاءت في المركز 57 في جدول الإحساس بالفساد الذي تعده منظمة الشفافية الدولية ومقرها برلين.
 
ومع ذلك أعرب عدد من الأجانب المشاركين في الجولة عن اقتناعهم بأن بلادهم يمكن أن تحتل مرتبة أكبر في مجال الفساد، وقال مواطن نمساوي بغضب في نهاية الجولة إن تنظيم جولة مماثلة في فيينا لزيارة مواقع الفساد لا يكفيها ساعتين ونصف الساعة مثل جولة التشيك.

ميشائيل هايتمان
الجمعة 21 نونبر 2014