نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


شكسبير والبيت الابيض





ما دام هناك حياة على كوكبنا، يبقى ما أبدعته عبقرية شكسبير صالحاً لكل زمان ومكان.


         في رائعته ” أوثيلو” / عُطيل /، يشغّل شكسبير “ماكينة” الغيرة، فتنتهي مشاهده ببركة من الدماء. تسحق آفة الغيرة قلب ” إياغو ” لإحساسه بأنه يستحق القيادة بدلاً من العبد ” عطيل “؛ فيسعى إلى إشعال قلبه بالداء ذاته؛ فيقتل ” عطيل ” عشيقة روحه ” ديدمونا “؛ ثم يقتل نفسه، بعد أن كانت دماء كثيرة قد سُفكت وأرواح عدة قد زُهقت.
         من قال إن ما التقطته عبقرية شكسبير لا يزال يتغلغل في ثنايا حياة البشرية، وخاصة السياسية منها؛ حتى يومنا هذا ؛ وسيبقى؟!
         من قال إن (هنري كسنجر) لا يرى في نفسه ملكا من ملوك اليهودية ، واكثر استحقاقا من ( ريتشارد نيكسون) للرئاسة الأمريكية؟ ومن يعتقد أن كسنجر لم يكن ضالعاً في فضيحة / ووتر غيت / التي أودت بمعلمه سيد البيت الأبيض؟
       وهل كان (جيمي كارتر) المزارع من ولاية جورجيا أكثر فقها من وزير خارجيته (سيروس فانس) أو من ثعلب السياسة والدبلوماسية ( برجينسكي ) رئيس مكتب الأمن القومي ليتركاه ينجز كامب ديفد بالطريقة التي يشاء؟ أم فصّلوا تلك الإتفاقات بالطريقة التي أرادوا، وبإشراف كسنجر ذاته ، وختموا له رئاسته بـ 444 رهينة أمريكي بيد عصابات الخميني عام تسعة وسبعين مهيئين المسرح لممثل هولوودي من الدرجة الثانية إسمه ( رونالد ريغن )؟!
       ألم يشعر (جيمز بيكر) أنه أكثر استحقاقا بالرئاسة من معلمه جورج بوش الأب عندما هندس تحرير الكويت وبداية نهاية العراق، لتنتشر بعدها شائعة في أمريكا ان (بيكر) سيكون مرشحا للرئاسة وليحرم رئيسه من ولاية ثانية ولا يحصل على الترشيح ؛ وليأتي (كلنتون) دون حسد أو غيرة إلا من أولئك الذين دبروا له فضيحة /مونيكا لونسكي/ ليبتزوه دون أن يغاروا منه أو يسقطوه ؛ وليتبعه (بوش) الابن الذي استخدمته إسرائيل مبعدة عنه كل حسد أو غيرة كي ينجز لها نهاية العراق.
نصل إلى عهد ((اوباما))، الملوّن الأول في تاريخ أمريكا، الذي يصل إلى البيت الأبيض؛ والذي ذكرني بعطيل شكسبير دون ان يكون ذلك القائد الجبار الذي لا يُشق له غبار. في فترته الأولى نافسته من الحزب الديموقراطي (هيلاري كلنتون) ؛ ولا بد ان المخلوقة قد شعرت انها الأكثر استحقاقا للرئاسة ؛ لتعود وتقبل بوزارة الخارجية كجائزة ترضية؛ ولتكون الأفشل بين من احتلوا هذا المنصب ؛ واجزم انه لا ضعفا بها أو عدم اقتدار على خلق منجزات تُذكر؛ فلا احد يستطيع أن ينكر أن لهيلاري دوراً خارقاً في رئاسة زوجها (بيل كلنتون) الناجحة لدرجة التألق. فما الذي أصابها كوزيرة خارجية تكاد تمر بلا ذكر في تاريخ هذه المؤسسة الجبارة؟ اهي الغيرة؟ أهي حالة من النكاية بالطهارة …؟ اهو إحساسها وإصرارها بأنها لا تريد ان تضيف أي منجز في سجل رجل تشعر انه اختطف منها ما تستحق؟ وهل يمكن اعتبار كتابها الأخير الذي تعري به هذا المختطف للبيت الأبيض دلالة على غيض وغيرة تحرق قلبها فآثرت أن تقتص منه حتى لو كان ذلك يؤذيها؟ ألم يكن كتابها الأخير سجل من اللعنات والسقطات والتقصيرات التي أرادتها ان تدخل في سجل الرجل الذي تكره. ألم يدفع العالم وخاصة سورية برك دم لا بركة واحدة ثمن هذه الحالة المرضية؟!
وإذا ما انتقلنا إلى فترة (أوباما) الرئاسية الثانية، فلن نجد أمامانا إلا العجوز” كيري ” ( الصديق الحميم للنظام السوري عندما كان مرشحاً للرئاسة…. ليس لدي وثائق ؛ ولكن شبه متأكد من خلال بعض الاطلالات على أحاديث داخلية جدا أن حملة الرجل تلقت دعما من السلطتين السورية والإيرانية… قد يكشفها الزمن).” كيري” هذا ربما يشعر أيضا ؛ بسجله الحافل بالانجازات للجمهورية الأمريكية ؛ أنه أكثر استحقاقاً للرئاسة الأمريكية ممن جعله الرجل الثاني لا الأول. صحيح أن (أوباما) يمركز كل السياسات الخارجية بيده شخصيا؛ إلا أن “كيري” – وعلى ضوء الفشل الذي يصيب السياسة الأمريكية الخارجية- لا يضيره أن يراكم من حرمه من البيت الأبيض ما تيسّر من الفشل؛ حتى ولو كان ذلك يدخل كنقائص في سجله الشخصي ؛ فلم يعد البيت الأبيض ممكنا أمام عمر الرجل الذي قارب الثمانين.
قد يستغرب القارئ إقحام المسألة الشخصية في السياسات الكبيرة؛ واستعداد الأشخاص إيذاء أنفسهم والتأثير على مسيرات عمرهم لأسباب داخلية شخصية. ولكن من قال إن كل شيء في عالمنا مبرمج موضوعيا والأمور الكبيرة المتعلقة بمصائر الأمم لا تحددها أو تقف وراءها مسائل خاصة وشخصية في كثير من الأحيان. من يخسر البيت الأبيض لن يتردد عن القيام باي شيء حتى إيذاء نفسه. المصيبة في كل ذلك أن أوباما سيمضي سنتيه الأخيرتين في البيت الأبيض كما يشتهي وبخطوط حمراء أو بدونها؛ وسيستمرمن يغار منه باجترار خيباته ولخبطة توجهاته كرهاً أوانتقاماً؛ ولكن هناك شلالات من الدم والأرواح تُسفك وتُزهق في بقاع الأرض. رحم الله شكسبير كم كان قاسياً وعبقرياً.
----------------
    كلنا شركاء  

د. يحيى العريضي
الاحد 9 نونبر 2014