نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


طفرة الـ"الهجي" الوصفة الدنماركية للحياة السعيدة




كوبنهاجن - جوليا فانشنباخ - ولدت هذه الظاهرة في الدنمارك، ولكن سرعان ما تحولت إلى أحدث صيحة في العالم لحياة الرفاهية السعيدة. أخذت ظاهرة "الهجي" تغزو العالم بوصفتها للاستمتاع بملذات الحياة البسيطة، وأصبحت مثل حمى اجتاحت بلدان متقدمة مثل إنجلترا والولايات المتحدة. وتشمل هذه الوصفة إقامة مساحات تتسم بالرحابة، ومشاركة الوقت مع الأهل والأحباب، وتزداد جاذبية هذه التوليفة خاصة مع الأيام الباردة، إلا أن الأمر لا يخلو من عيوب. اكتسب البلد الاسكندنافي سمعة بأنه من أكثر مناطق العالم سعادة على الإطلاق، ويؤكد خبير "الهجي أو الهايجي "جيب ترول لينت أن "لهذا تمكنت الدنمارك من الترويج لصرعة الهجي، بوصفها أحد مقومات السعادة الاسكندنافية


"هجي: السعادة في الأشياء البسيطة (تيمون ماس)، "هجي: وصفة السعادة" (جريالبو)، أو "هجي: فن الاستمتاع بالأشياء البسيطة" (بلانيتا)، هذه بعضا من عناوين الأعمال التي يمكن العثور عليها في الوقت الراهن في دور النشر والمكتبات الإسبانية.

ولكن، في حقيقة الأمر "علام تنطوي حقا الصرعة الدنماركية الجديدة؟". هجي تعني شيئا مختلفا لدى كل شخص: يمكن أن تكون تمشية بالدراجة في أحد أيام الربيع، أو بمنتهى البساطة الاستمتاع بفنجان قهوة عادي جدا، أو أبسط من ذلك: رشفة ماء بارد في يوم حر قائظ، أو قضاء نهار شتوي بارد ممدا على الأريكة بدون رغبة حقيقية في عمل شيئ على الإطلاق، باسطا غطاء صوفي على الركبتين وممسكا بكتاب لطيف بين يديك. فيما يعرف مواطن دنماركي الهجي على أنه أية لحظة يصل فيها المرء إلى أقصى درجات الاسترخاء، ولكن في الوقت نفسه يمكن أن يكون مشاهدة فيلم رعب أو حضور حفل لموسيقى الروك.

يذكر أنه في نهاية العام المنصرم، دخلت ظاهرة الهجي ضمن منظومة القيم الدنماركية أو الـ" Danmarkskanon"، والتي تحدد طبيعة الهوية الثقافية للبلد الاسكندنافي، وبحسب وصف المنظومة يعتبر الهجي "تعبيرا عن بهجات الحياة البسيطة".

ومنذ عقود تقدم دولة الرفاه الدنماركية لمواطنيها العديد من الفرص لعيشوا الهجي: هناك جهد مبذول يسعى في المقام الأول لجعل الفرد يعتني بنفسه وبالآخرين، ومن ثم يكتسب الزوجان، والأبناء والحياة الاجتماعية أهمية كبرى ولهذا يحرص أصحاب الأعمال على أخذها بعين الاعتبار تماما. "يكمن السر في الأمور التي لا يمكن التنازل عنها في الحياة وليس فقط مجال العمل أو المكانة الاجتماعية المرموقة"، بحسب ما يؤكد جيب ترول لينت، موضحا "كان هذا دائما رمزا لدولة الرفاه الدنماركية، وبات يمثل جزءا لا يتجزأ من مفهوم الهجي".

يشير الخبير إلى أن الدنماركيين يحتلون مكانة متقدمة في مؤشرات وإحصائيات السعادة، ويرجع هذا إلى أن الكثير منهم يشعرون بالرضا بما لديهم. الاحتياجات الأساسية تمت تلبيتها، وبات يسود بين المواطنين شعور بالثقة في منظومة الحكم وفاعلية العدالة الاجتماعية. ويضيف "ربما يتساءل البعض عن مدى مصداقية الاحصائيات، ولكن هذه قصة أخرى". في أوقات انعدام الأمان الاقتصادي والصراعات السياسية، تكتسب وصفة الهجي مزيدا من الجاذبية، بحسب وصف الباحث الدنماركي.

كما يضيف أنه "من ناحية أخرى، قد يؤدي الإغراق في الهجي إلى انغلاق الفرد على ذاته وينفصل عن العالم، الذي يصبح بالنسبة له بالغ التعقيد، ومصدرا للتهديد. قد يؤدي الهجي إلى حالة من الهروب من الواقع: يصبح العالم باردا وشريرا، بينما نحن نجلس في بيوتنا نستمتع بالحماية ونتناول فنجانا من الشيكولاتة الساخنة لنشعر بمزيد من السعادة".

في داخل تفاصيل الهجي العميقة، يتحول كل ما هو غريب إلى شكل من أشكال التهديد. وفي بلد صغير مثل الدنمارك، يصبح هذا عائقا أمام إمكانية التنوع والتسامح، بحسب تصور الباحث الدنماركي. "مشكلة الهجي أنه يمكن أن يتحول إلى أداة إقصاء، بسبب الخوف من اندلاع الصراعات ليحول البشر إلى بورجوازيين صغارا"، مشيرا إلى أنه منذ فترة أصبح مألوفا أن تفوز في الانتخابات الأحزاب التي تتبنى سياسات صارمة فيما يتعلق بقضية الهجرة، فيما يؤكد أنصار التيار الشعبوي الجديد أنه يجب تعزيز سياسات الحدود المغلقة من أجل المحافظة على دولة الرفاه.

ومع ذلك، وبالرغم من هذه الإشكاليات، لا يزال من الممكن استيعاب تزايد الإقبال على تبني أفكار ظاهرة الهجي. من منا لا يرغب في الاستمتاع بالشعور بالأمان، التلذذ بمذاق قالب حلوى خرج للتو من الفرن، أو قضاء المزيد من الوقت الجيد مع الأصدقاء؟. في الدنمارك، يندهش الكثيرون من الانتشار الكبير الذي حققته تلك الصرعة على مستوى العالم. من جانبه يؤكد جيبترول لينت أن "الدنماركيين عرفوا الهجي منذ سنوات".

وفقا للعرف الدنماركي "ترجع أسباب تحول هذا الشعب الصغير إلى بطل العالم في الهجي إلى عدة عوامل واضحة أهمها المناخ الدنماركي، فنظرا لطول فصل الشتاء المظلم البارد، يضطر الكثير من الناس إلى قضاء وقت أطول معا في المنازل. (د ب أ) ط ز/ ب ت 2017

جوليا فانشنباخ
الاحد 21 ماي 2017