نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


عاصمة التهريب بالنيجر ... مفترق طرق الأمل والأحلام المحطمة




أجاديز (النيجر) -
باتريك فورت
– بنظرة غاضبة وشعر متلبد بعد قضاء أربعة أيام في شمس الصحراء الحارقة ، يترجل إبراهيم كاندي من شاحنة صغيرة استقلها من ليبيا ليعود إلى غبار أجاديز في وسط النيجر.

وتعد مدينة أجاديز حاليا عاصمة تهريب البشر في أفريقيا ، كما أن أجاديز هي مفترق طرق للأمل والأحلام المحطمة ، حيث مسارات المهاجرين المحتملين المنطلقين على أمل الوصول إلى حياة أفضل في أوروبا ، ومسارات هؤلاء الذين فشلوا في تحقيق الحلم نفسه العائدين إلى ديارهم.


 
وسجلت المنظمة الدولية للهجرة 335 ألف مهاجر توجهوا شمالا أنطلاقا من النيجر في عام 2016 ، و111 ألفا آخرين من المسافرين في الاتجاه المعاكس.
ويتوجه بعض هؤلاء إلى الجزائر ، ولكن المعظم يتوجه إلى ليبيا على أمل العثور على عمل هناك أو الصعود على متن قارب إلى أوروبا.
وفي محاولة لوقف التدفق ، تبنت النيجر تشريعا قاسيا للغاية في أيار/مايو 2015 . ولكن بدلا من وقف هذا النزوح الأفريقي ، فقد جعل فقط الرحلة أكثر خطورة.
ويقول كاندي ،وهو شاب نحيف عمره 26 عاما من السنغال في غرب أفريقيا :"إنني مرهق ، مرهق ، مرهق، الصحراء قاسية ، في الحصول على الماء ، في الحصول على الغذاء".
وإلى جانب عملية اجتياز الصحراء الصعبة التي تركت على وجهه طبقة من الرمال الناعمة، كان كاندي يحمل عبئا ثقيلا : حيث لم يفشل فقط في الوصول إلى أوروبا بل عاد بذكريات مظلمة من شهور تعرض فيها لانتهاكات بدنية ونفسية.
ويقول كاندي :"هذا كل ما لدي" مشيرا إلى ملابسه المغبرة. ويضيف :"وهذه هي حقيبتي" مشيرا إلى سرواله ،المكان الذي يخفي به النقود.
- "المال أو حياة المرء":
يقول الشاب الذي كان ذات يوم خياطا نفدت أمواله ودفع له أحد أقاربه الأكبر منه سنا تكلفة رحلة الهجرة التي باءت بالفشل :"كنت أرغب في كسب المال لأسرتي ولكن الآن الأمر صعب للغاية".
وبعد أن أمضى شهرين في بلدة مرزق الليبية ، حيث اختطفته ميليشيا محلية ولم تطلق سراحه إلا بعد أن دفع فدية ، فإنه "سعيد بالعودة".
ويقول كاندي :"إنهم يتصلون بأقاربك في وطنك ، وعليك أن تقول لهؤلاء الأقارب /أرسلوا لي المال وإلا سيقتلونني/".
وكاندي ليس وحده الذي مر بذلك . ويروي آخرون من السنغال وجامبيا وغينيا بيساو وغينيا وكوت ديفوار وغانا ونيجيريا قصصا مشابهة عن تعرضهم للسرقة والاختطاف وإجبارهم على العمل في ظروف "تشبه الرق".
ولكن المهاجرين لا يزالون يصلون بالمئات إلى أجاديس، معتقدين تماما أنهم يمكن أن يصلوا إلى أوروبا أو أن ليبيا لا تزال أرضا للفرص.
- عار الفشل:
وبعد أن لجأ أبوبكر صديقي /35 عاما/ ،وهو من سكان مدينة كينديا في غينيا، إلى بيع أرض عائلته بمبلغ 17 مليون فرنك غيني (1700 يورو) ، انتهى به الأمر في "سجن" ليبي.
ويقول أيضا إنه تعرض للتعذيب من قبل خاطفيه الذين كانوا يضربونه "على باطن قدميه بالعصي أو الأسلاك الكهربائية".
وتمكن صديقي من العودة إلى أجاديز ، وولكن لا يستطيع العودة إلى دياره "بالعار الذي ألحقه به بيع جميع أراضي العائلة". وبدلا من ذلك ، سوف يحاول مجددا التوجه إلى الشمال.
ولكن عبور الصحراء في الجزء الخلفي من شاحنة تحمل ما يصل إلى 30 شخصا أمر صعب وخطير.
وتستغرق الرحلة التي تقطع مسافة 750 كيلومترا (465 ميلا) من أجاديز إلى الحدود الليبية بين يومين إلى ثلاثة أيام ، ولا يتخللها سوى مرات توقف قصيرة للغاية للتزود بالوقود أو قضاء الحاجة.
ولا تعد الحوادث غير شائعة ، ويجب على المهاجرين توخي الحذر لتجنب دوريات الجيش وخاصة قطاع الطرق الذين ليس لديهم أي مانع من التخلي عن المهاجرين والمهربين أنفسهم في المناطق نائية في الصحراء.
- أريد أن أعمل:
يقول إريك مانو /36 عاما/ ،وهو بنَّاء غاني عاد إلى أجاديز بعد عامين في ليبيا :"رأينا جثثا قد دفنت، الصحراء ليست مكانا آمنا".
وفي المدينة المليئة بالغبار ذات المنازل المبنية من الطوب اللبن ، يبقي المهربون المهاجرين في أماكن إيواء تعرف باسم "جيتوس" أو "المضيفة"، وتقع عادة في مناطق نائية بعيدة عن أعين الناس والسلطات.
لا تتوافر سوى مستلزمات معيشة أساسية للغاية -سقف من الحديد المموج أو القماش للتظليل من الشمس، والحصير على الأرض للنوم، وربما مقلاة أو إبريق شاي، ولكن نادرا ما تكون هناك مياه جارية أو كهرباء.
ويقول عبد الله فاني ،وهو تاجر خردة سابق من جنوب السنغال أنفق مدخرات 10 سنوات -600 يورو- على الوصول فقط إلى أجاديز، :"إذا كان الأمر يتطلب أن أنتظر سنة كاملة، فسوف أفعل".
الآن وقد أصبح مفلسا وعاطلا ، يأمل فاني في أن ترسل له أسرته أموالا أو أن يجد عملا لدفع تكلفة "نقله" إلى ليبيا ثم إلى أوروبا.
ويقول فاني /25 عاما/ :"أريد أن أعمل . لكنني لم أتمكن أبدا على الإطلاق من العثور على وظيفة منذ أن كنت صغيرا".
واضطر الشاب لأن يدفع رشاوى لموظفي الجمارك والشرطة ، ولكنه يعرف أن أصعب جزء في الرحلة لم يأت بعد – وهو الصحراء ، والجماعات المسلحة في ليبيا الفوضوية، واحتمالية الغرق في البحر المتوسط.
ويقول فاني :"لقد ولدت في أسرة فقيرة . إنها إرادة الله، إذا توفيت على الطريق ، فلن يكون ذلك شيئا سيئا : سأكون قد حاولت مساعدة عائلتي ... ليس هناك حل آخر . إنني أختار إما الحياة أو الموت".

باتريك فورت
الجمعة 16 يونيو 2017