نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


عن أي دمشق يتحدثون





كلام يخرج كل فترة عن “أهالي دمشق” ويستهدف به ضمنا وحصرا “الدمشقيين” وليس كل من يسكن دمشق من غيرهم، كلام عن سكوت “الدمشقيين” عن حصار الغوطة وحصار أجزاء من دمشق كبرزة والقابون،


 

أو قرى وادي بردى ومنها عين الفيجة التي تغذي دمشق بالماء، كلام يخرج عن أهالي دمشق الذين يعيشون حياتهم وكان لا شيء يحصل بجوارهم فينزلون للأسواق ويتبضعون ويستعين من يطلق هذا الكلام بصور وبرامج تلفزيون النظام السوري الذي يصور “الحياة طبيعية”، كلام عن أن “تجار دمشق ومشايخها” هم الحلفاء الذين ثبتوا حكم آل أسد وهم من يحموه اليوم من السقوط ويعطون له الغطاء السياسي بل والمالي، بل يصل الأمر بالبعض بأن الطيارين الذين يقصفون ويلقون البراميل المتفجرة “دمشقيون” كما أن ضباط المخابرات المؤثرين والأكثر إجراما هم من الدمشقيين مشيرين لحالات “حسام سكر – زهير حمد (الشيعي) – علي مملوك (ذو الأصول العلوية)” مع التلميح إلى وجود كثير من الدمشقيين إلى جانب هؤلاء يلعبون الأدوار الأكثر قذارة.

أولا لابد بد من التنبيه إلى أن المصدر والمنبع لكثير من هذه المقولات هو وسائل التواصل الاجتماعي من مصادر تابعة للنظام الطائفي السوري، منها أولا مئات من الأشخاص بأسماء وهمية يدعون أنهم من مؤيدي الثورة أو ناشطيها لكنهم في الحقيقة عناصر مخابرات النظام ومهمتهم بث الفتنة والإشاعات في صفوف الثورة وتشويه صورة الثوار، ومنها ثانيا المئات من المخبرين الموجودين في صفوف الثورة والمناطق المحررة والذين يقومون بلإضافة إلى إيصال المعلومات، يقومون ببث الإشاعات، وهو أسلوب قديم للمخابرات الأسدية منذ وجدت وتستعمله بشكل يومي وفي كل مجال داخل المجتمع السوري، لكن المشكلة في انتشار هذه الأكاذيب والفتن لتصبح عند البعض حقيقة.

ترى، عن أي “دمشقيين” يجري الكلام؟ هل هم هؤلاء الذين كانوا يشكلون 20% من سكان دمشق قبل بدء الثورة وسافر ثلاثة أرباعهم بعد اندلاع الثورة وباتوا يشكلون 5% من سكان مدينة دمشق ويتركزون في عدد محدود من الأحياء؟ هل هم الدمشقيون الذين سكنوا الغوطتين (ريف دمشق) بعد أن عجزوا عن سكنى دمشق بسبب الارتفاع الخيالي لأسعار السكن في دمشق وباتوا يشكلون 15% من سكان الغوطتين وفقدوا كالآخرين ما يملكون وباتوا لاجئين في دمشق أو خارج سوريا أو محاصرين كباقي سكان الغوطتين؟ هل هم 25% على الأقل ممن يسكن دمشق اليوم ممن جاؤوا من الغوطتين الشرقية والغربية والريف الدمشقي، بعض منهم من الدمشقيين سكان الغوطتين وغالبيتهم من أهل الغوطتين الذين فقدوا ما يملكون؟ هل هم 25% ممن سكنوا دمشق قبل الثورة ولا زالوا فيها من موظفين لدى النظام ومهاجرين من مختلف مدن وريف سوريا “السنية” التي باتت بمعظمها محررة وتتعرض للقصف اليوم لكن هؤلاء جميعا فضلوا البقاء في دمشق وجزء مهم منهم “بعثيون” لا زالوا يعملون ويملؤون مؤسسات النظام المدنية بالإضافة إلى الموجودين منهم في دمشق ضمن أجهزة شرطته ومخابراته وجيشه، هل هم 30% ممن كانوا ولا زالوا يسكنون دمشق من الأقليات الآتية من خارج دمشق من مختلف أنحاء سوريا وخاصة العلويين المنتسبين جميعا لمختلف أجهزة النظام الأمنية والعسكرية والمدنية ويمثلون ما يقارب ثلث إجمالي العلويين في سوريا على الأقل.

ثم هل “الدمشقيون” هم من يقوم على مئات الحواجز التي تغطي ثلثي مدينة دمشق (باعتبار ثلثها محرر)، ويقومون على الحواجز وكذلك خارجها (كعمل إضافي) بأعمال التشبيح من قتل وخطف واعتقال وسرقة ونهب وإذلال؟ هل هم “الدمشقيون” بعشرات آلاف من يقوم على هذه الحواجز مما يسمى اللجان الشعبية والجيش الوطني المنتمين للأقليات وخاصة العلويين الذين استوعبت هذه اللجان الشعبية من كان منهم خارج عمل أمني أو عسكري؟ هل هم الأقليات المهاجرة إلى دمشق والتي انضم جزء مهم من أبنائها إلى هذه اللجان الشعبية والجيش الوطني الميليشياوي التشبيحي؟ هل هم بعض من مستوطني دمشق “السنة” الذين ينتمون لمناطق محررة في سوريا لكنهم يقيمون في دمشق؟ هل هم أجهزة المخابرات والشرطة التي بالكاد تراها فيها دمشقيا ويقتصر “سنتها” على من ينحدرون من المناطق السورية المحررة؟ هل هم كتائب البعث في دمشق مع العلم أن الدمشقيين هم الأقل انتماء إلى حزب البعث ونادرون كنسبة مقارنة بعدد الدمشقيين ومع العلم أن شعب الحزب الدمشقية يملؤها وافدون إلى دمشق من الأقليات و”السنة” المنحدرين من المناطق المحررة؟ ثم أليس من يحملون الحمل الوسخ الأكبر هم عشرات آلاف العراقيين واللبنانيين والإيرانيين المنتشرين في كل جبهات سوريا لكنهم يتركزون حصرا في دمشق “عاصمة الأمويين” دونا عن عن كل مدن سوريا المحتلة؟

هل هم من تبقى من عدد قليل من مشايخ دمشق المعتبرين في الصف الأول والثاني والثالث الذين بات معظمهم لاجئين أم هم كم كبير من مشايخ السلطة المتوزعين على كل الأرض السورية؟ هل هم تجار دمشق الذين كان جزء كبير منهم السند شبه الوحيد للغوطتين بالمال والمساعدات الإنسانية لكن بعيدا عن الأضواء والمعتقلات ما أمكن؟ أم هم بضع عشرات شاركوا النظام؟ هل هم ما تبقى من دمشقيين ساكنين صامتين (فالعمل السلمي اليوم انتحار مجاني) أسوة بكل مدينة محتلة مثل حماة واللاذقية وأدلب ونصف حلب الغربي ونصف درعا ونصف دير الزور، هذه المدن الصامتة التي تعيش حياتها بينما يجري القتل والقصف والتجويع على ريفها أو نصفها الآخر؟ هل تلك المدن “السنية” وأهلها يعانون من احتلال أقل شدة من احتلال دمشق الذي هو الأكبر والأشد كون نهاية النظام بسقوطها وهي ملأى بالمستوطنين بشكل لا يقارن به أي احتلال لتلك المدن؟

 نعم هناك خونة ومتخاذلين في دمشق التي خرجت منذ اليوم الأول للثورة، نعم هناك مشايخ سلطة وتجار سفلة مؤيدين للنظام، لكنهم ليسوا أكثرية، كما هو الحال في معظم (وليس كل مناطق سوريا الثائرة)، نعم هناك قلة صغيرة جدا تافهة لا تذكر من منتسبي المخابرات والجيش والشرطة والبعث وكتائبه واللجان الشعبية وميليشيات الجيش الوطني لكنها لا تقارن بما لدى الاخرين “السنة” في المناطق الثائرة، وهي أعداد تافهة لدى الجميع بكلا الأحوال فالنظام طائفي أقلوي حتى النخاع والباقي كومبارس.

نعم دمشق مدينة محتلة لكنها قامت منذ اليوم الأول للثورة (ولن أقارن حتى لا أثير حساسيات أتجنبها وعيا ورفقا بالثورة) وخرجت مظاهراتها رغم أنها كانت ولا زالت تحمل وحدها ثلث التجمع التشبيحي الأمني العسكري للنظام في كل سوري، نعم دمشق هي عشرة آلاف معتقل دمشقي في سجون النظام غطوا كل عائلات دمشق، نعم هي دمشق بثوارها العرب والكرد ذوي النكهة الكوردية الدمشقية الرائعة، نعم نصف الدمشقيين خسروا ما يملكون ومعظم تجارهم فقدوا أو كادوا ثرواتهم الصغيرة والكبيرة، ومعظم مهنييهم وورشاتهم أغلقت، وأكثر من 75% منهم باتوا لاجئين خارج سوريا؟ نعم الدمشقيون الأقل نسبة ومشاركة بل ونادرة بكل أجهزة النظام الامنية والعسكرية والشرطية والبعثية، ونسبة الموظفين الدمشقيين لدى أجهزة الدولة المدنية هي الأقل نسبيا، نعم في دمشق يسقط النظام وفي دمشق تقوم دولة الثورة، فلا تسقطوا في فخ النظام الذي يحمل حسدا وفي آن حقدا تاريخيا وآنيا خاصا على عاصمة الأمويين دمشق والدمشقيين، فهي عاصمة سوريا الحرة منذ وجدت وعز الثورة وفيها سيرفع علم الثورة بعد أن يدخلها كل السوريون محررين لا “فاتحين”، وعلى رأس جيش التحرير توأمها غوطة دمشق.

--------------------------------

الشبكة العربية العالمية

فواز تللو
الخميس 24 يوليوز 2014