ومرت العلاقات بمراحل صعود وهبوط في فترة الرئيس الروسي، يلتسين، الذي كان يتلقى أوامره من أميركا المعروفة بعلاقاتها المتوترة جدا مع طهران، إلى أن جاء الرئيس بوتين ففتح صفحة تعاون حقيقية بين البلدين. ومع ذلك، تعثرت العلاقات بسبب العقوبات الدولية على طهران، بسبب تجاربها النووية، علماً أن إيران كانت الدولة الثالثة المستوردة للأسلحة من موسكو من العام 2000 وحتى 2005. وجاء الرئيس ميدفيدف عام 2008 بتوجهاته الليبرالية الأقرب إلى الغرب بإيقاف التعاون مع إيران، وخصوصا رفض تزويدها بمنظومة صواريخ إس- 300، ما دفع طهران إلى تقديم شكوى ضد موسكو، ومطالبتها بتعويضات تقدر بأربعة مليارات دولار. وهذا موقف استاءت منه القيادة الروسية.
أما التعاون بين البلدين في المجال الاقتصادي فهو محدود عملياً، حيث كان حجم التبادل
التجاري عام 2016 حوالي مليار دولار، وارتفع 80%، حسبما صرح بوتين في مايو/ أيار 2017، عند لقائه مع الرئيس حسن روحاني في موسكو. ولكن هذا الرقم لا يعكس تعاونا استراتيجيا بين البلدين، على الرغم من أن مسؤولين إيرانيين وروسا صرحوا إن هناك توجها لتطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء بقيمة 45 مليار دولار عشر سنوات مقبلة. وعند معالجة موضوع طبيعة العلاقة بين طهران وموسكو من المفيد أخذ الملاحظات التالية بالاعتبار:
روسيا دولة كبرى، وتريد العودة قطبا مهما في العالم، بينما إيران دولة إقليمية قوية، وتريد أن تكون مستقلة في قراراتها، ولا تتبع لأي قوة دولية. سياسة النظام في روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي براغماتية، وتضع مصالحها الجيوسياسية فوق كل اعتبار. يفضلون في موسكو الحديث عن "الشراكة"، بدلاً من "التحالف"، وهذا يؤكد الفكرة السابقة عن براغماتية السياسة الخارجية الروسية. هناك عدم ثقة بين البلدين، فكل منهما يخشى أن يبيعه الآخر للغرب، لأن كلا منهما يحلم بتحسين علاقته مع الغرب.
ويشبّه خبير روسي العلاقات بين طهران وموسكو بزواج المتعة، ولها طابع مرحلي، وليست استراتيجية، ويضيف آخر إن طهران لا يمكن الثقة بها. وفي الوقت نفسه، هناك ساسة إيرانيون يؤكدون عدم ثقتهم بالمواقف الروسية التي تبحث عن مصالح خاصة على حساب العلاقات، وخصوصا في سورية.
ويورد المراقبون حادثة منع طهران الطائرات الروسية من استخدام مطار همدان لقصف مواقع في سورية بعد ساعات من السماح باستخدامها، في أغسطس/ آب 2016. وتحدث حينها وزير الدفاع الإيراني، حسن دهقان، عن روسيا التي أعلنت عن استخدامها المطار، بكلمات نابية، متهما روسيا بالميل نحو البروزة وعدم الاحترام. وكانت هذه حادثة أخرى جدية موجهة ضد موسكو تقوم بها طهران، بالإضافة إلى الشكوى بسبب صواريخ إس-300.
وحتى البرنامج النووي الإيراني، تعددت التكهنات بشأن حقيقة الموقف الروسي منه، فمنهم من يقول إن توقيع الاتفاقية يضر بمصالح روسيا، لأن إيران ستبدأ بتصدير كميات أكبر من النفط والغاز، وبذلك ستنافس روسيا. ثم أن روسيا تطبق، منذ بدء العقوبات الغربية على طهران، برنامج النفط مقابل الغذاء، وتحقق أرباحا كبيرة، وهناك من يقول بصراحة إن التفاهم الأميركي الإيراني يزعج موسكو. ولكن العقوبات المتتالية ضد الشركات النفطية الروسية قد تدفع موسكو إلى توثيق العلاقة مع طهران، على الأقل في التعامل مع ملفات المنطقة.
ويبقى الملف السوري الرابط الأكبر بين طهران وموسكو، وشهد تعاونا قوياً في دعم نظام
الأسد. ومع ذلك يمكن تسجيل أن لدى روسيا وإيران أجندات مختلفة في سورية. صحيح أنهما يدعمان بقاء نظام الأسد، لكن روسيا لديها أهداف جيوسياسية، بينما لدى إيران أهداف قومية طائفية. كما أن روسيا بعد سقوط حلب بدأت تعمل من أجل إنهاء الحرب، والبدء بعملية سياسية حسب مفهومها. وروسيا تفضل التعامل مع مؤسسات دولة، مثل الجيش السوري والأجهزة الأمنية، بينما عملت إيران على إلغاء دور الجيش، والاعتماد على المليشيات بتوجهاتها الطائفية. وظهرت بوادر اختلافات جدية في المشهد السوري، وخصوصا في حلب، وكذلك بعد فتح مفاوضات بين روسيا وفصائل المعارضة المسلحة، بمشاركة تركية وغياب إيراني. وحتى أول اتفاقية لوقف إطلاق النار في ديسمبر/ كانون الأول 2016 لم تشارك فيها إيران، وتلكأت كثيرا، ريثما أعلنت موقفا مؤيداً لها بضغط روسي واضح.
ومن أمور أخرى، يمكن تسجيلها أن السوريين الموالين للنظام، وخصوصا من العلويين، يفضلون الوجود الروسي على الإيراني، وبالتالي، فالحاضنة الشعبية للروس أفضل بكثير من الإيرانيين. وهناك اعتقاد قوي لدى أغلب المحللين بأن المشكلات الجدية بين روسيا وإيران ستظهر مع البدء بالعملية السياسية في سورية، بسبب اختلاف الأجندات.
------------
العربي الجديد
أما التعاون بين البلدين في المجال الاقتصادي فهو محدود عملياً، حيث كان حجم التبادل
روسيا دولة كبرى، وتريد العودة قطبا مهما في العالم، بينما إيران دولة إقليمية قوية، وتريد أن تكون مستقلة في قراراتها، ولا تتبع لأي قوة دولية. سياسة النظام في روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي براغماتية، وتضع مصالحها الجيوسياسية فوق كل اعتبار. يفضلون في موسكو الحديث عن "الشراكة"، بدلاً من "التحالف"، وهذا يؤكد الفكرة السابقة عن براغماتية السياسة الخارجية الروسية. هناك عدم ثقة بين البلدين، فكل منهما يخشى أن يبيعه الآخر للغرب، لأن كلا منهما يحلم بتحسين علاقته مع الغرب.
ويشبّه خبير روسي العلاقات بين طهران وموسكو بزواج المتعة، ولها طابع مرحلي، وليست استراتيجية، ويضيف آخر إن طهران لا يمكن الثقة بها. وفي الوقت نفسه، هناك ساسة إيرانيون يؤكدون عدم ثقتهم بالمواقف الروسية التي تبحث عن مصالح خاصة على حساب العلاقات، وخصوصا في سورية.
ويورد المراقبون حادثة منع طهران الطائرات الروسية من استخدام مطار همدان لقصف مواقع في سورية بعد ساعات من السماح باستخدامها، في أغسطس/ آب 2016. وتحدث حينها وزير الدفاع الإيراني، حسن دهقان، عن روسيا التي أعلنت عن استخدامها المطار، بكلمات نابية، متهما روسيا بالميل نحو البروزة وعدم الاحترام. وكانت هذه حادثة أخرى جدية موجهة ضد موسكو تقوم بها طهران، بالإضافة إلى الشكوى بسبب صواريخ إس-300.
وحتى البرنامج النووي الإيراني، تعددت التكهنات بشأن حقيقة الموقف الروسي منه، فمنهم من يقول إن توقيع الاتفاقية يضر بمصالح روسيا، لأن إيران ستبدأ بتصدير كميات أكبر من النفط والغاز، وبذلك ستنافس روسيا. ثم أن روسيا تطبق، منذ بدء العقوبات الغربية على طهران، برنامج النفط مقابل الغذاء، وتحقق أرباحا كبيرة، وهناك من يقول بصراحة إن التفاهم الأميركي الإيراني يزعج موسكو. ولكن العقوبات المتتالية ضد الشركات النفطية الروسية قد تدفع موسكو إلى توثيق العلاقة مع طهران، على الأقل في التعامل مع ملفات المنطقة.
ويبقى الملف السوري الرابط الأكبر بين طهران وموسكو، وشهد تعاونا قوياً في دعم نظام
ومن أمور أخرى، يمكن تسجيلها أن السوريين الموالين للنظام، وخصوصا من العلويين، يفضلون الوجود الروسي على الإيراني، وبالتالي، فالحاضنة الشعبية للروس أفضل بكثير من الإيرانيين. وهناك اعتقاد قوي لدى أغلب المحللين بأن المشكلات الجدية بين روسيا وإيران ستظهر مع البدء بالعملية السياسية في سورية، بسبب اختلاف الأجندات.
------------
العربي الجديد