نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


فنون الطهي تتحدى الفقر وتتجه للعالمية بالطهاة البوليفيين




لا باز - بفضل الشيف الدنماركي كلاوس ماير استطاع مذاق مطبخ السكان الأصليين في بوليفيا الوصول إلى العالمية، خاصة بعد أن افتتح في 2013 مطعم يحمل اسم "جوستو" على اسم مطعم فيلم "الفار الطباخ"، وهي كلمة من أصل كيتشوا وليست فرنسية وتعني المذاق، وقد أتاح هذا المشروع لكثير من الشباب البوليفيين الخروج من دائرة الفقر بالحصول على عمل في مشروعه "Escuelas Manq'a " وتعني "مدارس الطعام" بالأيمارا، لغة العرق الغالب من السكان الأصليين في بوليفيا وينحدر منها الرئيس إيفو موراليس.


انطلقت ثورة جوستو في البداية من حي كالاكوتو جنوب العاصمة لاباز، حيث حرص الشيف الدنماركي على استخدام محاصيل ومنتجات غذائية زرعت وصنعت بايدي السكان المحليين، بما في ذلك مختلف أنواع الجعة ونبيذ العنب ونبيذ الأجواردينتي القوي، وكلها مقطرة في بوليفيا. منحت مؤسسة "كوموسور" أو (ComoSur) المتخصصة في تقييم المطاعم، مطعم "جوستو" لقب أفضل مطعم في أمريكا الجنوبية خلال عامي 2013 و 2014، بناء على نتائج تصويت مفتوح. جدير بالذكر أن ComoSur، تقيم بالإضافة إلى المطاعم الطهاة ومهرجانات الطهي وفعالياتها في كل من الأرجنتين وبوليفيا والبرازيل وتشيلي وكولومبيا وبيرو وأوروجواي وفنزويلا.

وبالرغم من قائمة الطعام الفاخرة التي يطرحها "جوستو" إلا أن جميع مكونات أطباقها قوامها مواد غذائية محلية مثل (cañahua) وهو أحد أنواع الشمندر، الشبيه بالسبانخ ويعطي القدرة على تحمل المرتفعات، نظرا لأن العاصمة لا باز مقامة على ارتفاع 3600 مترا فوق مستوى سطح البحر، بالإضافة إلى الأراكاشا الصفراء، وهي أشبه بجذور البطاطا، والياكون الحلو أو "أجاص الأرض"، التاروي أو الترمس البري الغني بالنتروجين، والكينوا والأمارانث الأصفر الغني بالكالسيوم، وهو من بدائل الحبوب. يضيف جوستو أيضا بقول وخضر أخرى مثل التشونيو وهو نوع من البطاطا المجففة والمطحونة، ويستخرج من درنات البطاطس التي تزرع في وديان الالتبلانو غرب بوليفيا.

بالرغم من ذلك كان الشيف الدنماركي أكثر حماسا للعمل مع "مدارس الطعام" بإقليم الألتو المجاور للعاصمة لاباز. يشار إلى أن كلاوس ماير شارك في تأسيس مطعم النوما (Noma Resturant) الشهير بالعاصمة كوبنهاجن، والذي تحول بعد ذلك لأحد أهم مراكز ثقافة الطهي في غرب أوروبا.

في مقابلة مؤخرا مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب. أ) قال الشيف الدنماركي "أشعر بسعادة غامرة حينما أرى كيف تنمو بذرتنا الصغيرة. بوليفيا تعتبر حديقة خصبة للغاية. أتأثر كثيرا حين أعلم أن الكثير من النساء تأتين سيرا على أقدامهن لساعات طويلة لكي تصلن إلى مدرستنا في هوارينا لاكتساب هذه المهنة. اعتقد أنه من المهم أن تدعم الحكومة الطهي البوليفي. لقد تم تشييد خط تليفريك، ومن ثم بوسعهم القيام بذلك".

ولا يتأخر كلاوس عن حضور أي فعاليات ينظمها السكان المحليون عن الطهي، ويسعده اصطحاب عائلته للقيام بذلك، مهما كان الجو حارا أو باردا أو ممطرا. هذه المرة قدم الشيف الدنماركي اثنين من الطهاة البوليفيين "ماوريسيو لوبيز" و"مرسية " تم ترقيتهما لتولي الإشراف على مطبخ مطعم جوستو.

تجدر الإشارة إلى أنه منذ عام 2014 وحتى الآن تم إنشاء ثلاث عشرة مدرسة طعام، منبثقة من جوستو، تسع منها تمارس نشاطها في إقليم الألتو، حيث يعاني غالبية السكان من ظروف معيشية واقتصادية صعبة، فضلا عن نقص الموارد الزراعية. على سبيل المثال توجد مدرسة بهوارينا على ضفاف بحيرة تيتيكاكا التاريخية، وتوجد أخرى ببلدة لاخا، التي تعتبر المركز التاريخي للعاصمة لاباز، على الطريق الرابط بين بيرو وبوليفيا. كما افتتح الشيف الدنماركي مدرستين أخريين في كولومبيا.

يقول ماير "أنا على قناعة بأن الطهي يمكن أن يؤدي إلى حدوث تغير اجتماعي في بوليفيا"، مشيرا إلى نجاح تجربة بلاده مع مدارس الطهي في تغيير الكثير من أوضاع المؤسسات العقابية. ويوضح الشيف الدنماركي أن "في إقليم الألتو نجح أكثر من 2500 متقدم لتعلم فن الطهي وتقنيات المطبخ الأساسية وعمل الخبز والحلويات. اقتنعت من خلال التجربة بأن الشعب البوليفي محب للعمل بصورة رائعة وأن لديهم قدرات لا حدود لها إذا توفرت لهم الموارد والفرص". وبالفعل وفرت مؤسسة " Melting Pot " التي يشرف عليها ماير فرص تدريب لنحو عشرين شابا من إقليم الألتو في أرقى مطاعم أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية.

ويؤكد ماير أن مدارس الطعام تمكنت من انتشال الكثير من الشباب من براثن الجريمة والعنف والمخدرات والكحوليات، وقد غير هذا حياتهم للأبد. وهو ما يؤكده الشاب فرانكو كاربيو /23 عاما/، وهو يتيم الأبوين منذ كان في العاشرة من عمره. ويعتبر توفير فرص عمل من أهم التحديات التي تواجه حكومة البلد الأنديزي، حيث ينضم 200 ألف شاب سنويا، أنهوا تأهيلهم الدراسي لطوابير الباحثين عن عمل، ينجح 2500 من بينهم فقط في الحصول على فرصة عمل احترافية، بحسب بيانات المعهد القومي للإحصاء.

تخرجت ماريا إيوخينيا أباظة من مدرسة الطعام، وتقول إنها تعلمت الكثير لأنها في منزل أسرتها لم تكن تطهو سوى الأرز والبطاطا وبعض البقول مثل التشونيو، أما الآن فنظام التغذية قد تغير وأصبح بوسعها إعداد أطباق أخرى مفيدة وشهية.

يشار إلى أن تجربة مدارس الطعام اختيرت العام الماضي بين البدائل والحلول المئة الأكثر ابتكارا واستدامة على مستوى العالم من قبل مؤسسة (Sustainia) العالمية، كما حصلت على العديد من التقديرات والجوائز من قبل الأجهزة الحكومية البوليفية، نظرا لإسهامها الإيجابي في تعزيز سوق العمل بين قطاعات الشباب.

ماريو روكي كايوخا
الاحد 14 ماي 2017