نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


فيلة فنزويلية تخسر 2000 كيلوجرام من وزنها بسبب نقص الغذاء




كاراكاس - ترتجف سيقان روبرتا الهزيلة، قبل بضعة أسابيع قليلة لم تكن على هذه الحالة، لم تكن مجرد كومة جلد على عظم، حيث يشير الأطباء البيطريون في فنزويلا أنها فقدت أكثر من طنين (2000 كيلوجرام) من وزنها، وقد هزت صور الفيلة المسكينة مشاعر العالم، مما زاد من غضب المجتمع الدولي على الحكومة الفنزويلية، فقد تحولت قضية الفيلة التي فقدت وزنها بسبب نقص الغذاء نتيجة للأزمة السياسية التي يعيشها البلد اللاتيني إلى قضية رأي عام، وشأن يشغل بال الدولة.


صحيح أنه منذ ذلك الحين بدأت الفيلة المسكينة أحوالها تتغير لتستعيد جزءا من وزنها المفقود، إلا أنه مع ذلك لم يعد هناك سائق يجرؤ على اصطحاب أحد إلى حديقة حيوان كوريكاواو، والواقعة في منطقة من أخطر أحياء العاصمة كاراكاس. وبالفعل أصبحت حالة هذه الفيلة رمزا لمدى عبثية الأزمات التي يعانيها بلد يتمتع بكل هذا القدر الهائل من الموارد البترولية.

في أوقات الأزمات، الحياة في هذا المكان تصبح بلا قيمة على الإطلاق، حيث يمكن لشخص أن يفقد حياته من أجل الاستيلاء على كاميرا تصوير يعلقها في رقبته. تحولت الحديقة إلى ما يشبه غابة بلا تنظيم تنتشر بها الأغصان المحطمة والأعشاب الضارة. لا يوجد سوى أربع سيارات متوقفة أمام البوابة. لا يوجد شباك تذاكر فعليا، مجرد لافتات معدنية متهالكة ويعلوها الصدأ وأكوام من القمامة. لا يكاد يرى مخلوق على الإطلاق في مكان يفترض أن يعج بالأطفال الصغار الذين يحلمون بالتنزه وسط الحيوانات والطبيعة.

انعدام الأمن ونقص المواد الغذائية، مع نظرية المؤامرة التي تروج لها حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، حولت هذه الحديقة مترامية الأطراف والمقامة على مساحة 630 هكتارا إلى انعكاس للمأساة التي تعيشها فنزويلا منذ اندلاع الأزمة. هناك جاموستان منهكتان تقبعان في كسل لا نهائي تحت آشعة الشمس، ترقبهما بحذر شديد أسراب من عشرات النسور والحدئات، لدرجة أن أحد هذه الطيور الجارحة، هبط بالفعل من عليائه ليضمن نصيبه سريعا من الغنيمة بعد أن أدرك أن البهيمة على وشك مفارقة الحياة، وعدد رفاقه من الجوارح كبير.

كما يتجول في المكان قردان شرسان، يبدو عليهما الهزال وسوء التغذية بكل وضوح، الأشجار جردت من أوراقها وتعرت من لحائها، أما النجيلة فقد ساد اللون الأصفر مكان الأخضر، ولا يكاد يرى مخلوق على الإطلاق. يوجد أيضا ثور بيسون كثيف الشعر تعلوه الأتربة والقاذورات، وقد تحول بالفعل إلى هيكل عظمي، لا يكاد يقوى على الوقوف على قوائمه. لم تكن الفيلة روبرتا ذات السبعة وأربعين عاما، والمجلوبة من أفريقيا، هي الوحيدة الضحية في هذه المأساة، ولكن تم عزل القسم الخاص بها عن باقي الحيوانات. عندما عرضت صور الفيلة في وسائل الإعلام العالمية قبل بضعة أسابيع، أثارت العديد من ردود الأفعال، كان من أشهرها إبنة مايكل جاكسون، باريس، التي كتبت على حسابها في شبكة التدوين المصغر تويتر "إنه وضع غير إنساني".

يؤكد البيطريون أن نقص الغذاء مع تعرض الفيلة لإسهال حاد كانا السبب وراء ما تعانيه من هزال شديد. بالنسبة للمعارضة السياسية "هذا دليل دامغ على فشل التجربة الاشتراكية بعد ثمانية عشر عاما من استمرارها في البلاد، ونحن في القرن الحادي والعشرين".

بمجرد ذيوع قصة مأساة الفيلة البائسة قرر عشرات المواطنين والفنانين تجميع طعام وإحضاره إلى الحديقة، ولكن إدارة الحديقة، على اعتبار أن قبوله يعد بادرة اعتراف بأن الفيلة تعاني من أزمة طعام. تجدر الإشارة إلى أن الفيل البالغ مثل روبرتا تلتهم ما لا يقل عن 40 كيلوجراما من الغذاء يوميا.

أدى ارتفاع التضخم لمعدلات غير مسبوقة وسوء إدارة موارد الدولة إلى انهيار فنزويلا. أما الرئيس مادورو الذي يحكم البلاد بيد من حديد، فلا يكف عن توجيه انتقادات حادة من خلال برنامجه التليفزيوني "الدعاية المغرضة التي تبثها شبكات التواصل الاجتماعي لتشويش عقلية المواطنين من الكبار والصغار، من خلال قصة روبرتا. "لقد بلغت فيلتنا المحبوبة من العمر أرذله"، أشار الرئيس مطلع الشهر الماضي.

يذكر أن عالم الأحياء اليكس فرجسون، البروفيسر بجامعة كاراكاس المركزية، تحدث مع أطباء بيطريين على دراية بحالة الفيلة روبرتا، وأكد أن "إنها حالة واضحة من أعراض سوء التغذية. يعكس كيف أن بلدا كان في يوم من الأيام الأكثر ثراء بين كافة دول أمريكا اللاتينية، تحول إلى بلد يعاني مش شبح المجاعة، لدرجة أن أكثر من 4000 طفل يموتون سنويا بسبب أمراض سوء التغذية".

كما يوضح البروفيسر فرجسون أن "بالإضافة إلى أن حجة تقدم العمر هذه واهية للغاية، لأن الفيل يمكن أن يعيش لأكثر من ثمانين عاما. حقيقة لا ندري أن نضحك أم نبكي، من عبثية الأمر، ففي بلد مصنف بين أكبر منتجي النفط في العالم، لا يوجد بنزين، وبالرغم من أن فنزويلا بلد لديه موارد مائية ضخمة، هناك مناطق محرومة من مياه الشرب، كما يوجد بها أفضل أنواع الأخشاب في العالم، ومع ذلك لا تنتج الورق، كما أنه يعتبر من بين أكبر الدول في العالم من حيث التنوع البيئي، ومع ذلك حتى الفيلة تتعرض للموت الآن في حديقة الحيوانات بسبب الجوع".

جورج إيسمار
الاربعاء 16 غشت 2017