نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


كوباني تنهض من تحت الرماد بعد طرد داعش منها






كوباني (سورية) - يان كولمان - أخيرا نجح المقاتلون الأكراد في طرد ميليشيات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من بلدة كوباني شمال سورية، بالقرب من الحدود التركية، إلا أن الثمن كان باهظا بشكل ملحوظ، حيث تعرضت البلدة الاستراتيجية ورمز المقاومة ضد داعش للدمار بالكامل، فيما أصبح كابوس الحرب والقتل يؤرق جميع أطفالها. ربما تكون الحرب قد وضعت أوزارها في البلدة، إلا أن سكان البلدة لا زالوا يعانون من آثار الصدمة.


 

يهرول أربعة رجال مسرعون ليهبطوا إلى القبو الذي أقيمت فيه مستشفى الطوارئ، ينادون على الأطباء، ليس هناك وقت ليضيعونه، يحملون بين أذرعتهم سيدة مصابة يغطي الدم وجهها، تئن بصوت خفيض قبل أن تفقد الوعي. هناك مصاب آخر حالته أسوأ، حمله الممرضون على محفة. كلاهما كان بين صفوف المقاومة خارج حدود البلدة يقاتلان ضد متطرفي داعش، والآن حان دور الأطباء ليقاتلا من أجل الإبقاء على حياتيهما. يهرع الطبيب حكمت أحمد لمعاينة الإصابات، بينما يضع كفيه في القفازات المطاطية. مثل جميع سكان كوباني يعيش الطبيب البالغ من العمر 45 عاما ظروفا استثنائية منذ هجوم مسلحي الدولة لإسلامية على البلدة قبل أربعة أَشهر.

نجح المقاتلون الأكراد بعد مقاومة شرسة في دحر داعش وتحرير كوباني من ميليشياتها، إلا أن رحى الحرب لا تزال دائرة عند أطراف البلدة بلا هوادة، وهو وضع لا يسمح للطبيب حكمت أحمد أو فريق معاونيه بدقيقة استرخاء واحدة.

رأى الأطباء الكثير من الأهوال والحالات الخطيرة في الشهور الأخيرة: شظايا في الوجوه ورصاصات في أجساد المقاتلين، الذين مات الكثير منهم لعدم تمكن الأطباء من إسعافهم. في كثير من الأحيان كان الحصار الذي فرضه مسلحو داعش على البلدة خانقا، مما اضطر الأطباء لتغيير أماكن مستشفيات الطوارئ لأكثر من مرة لتجنب القصف.

انتهى الحال بالمستشفى الآن في أحد الأقبية، مضاءة بمصابيح نيون شحيحة الضوء معلقة في السقف، ومدفأة كيروسين تفوح منها رائحة خانقة، لمقاومة برد الشتاء القاسي في هذه البقاع.

"ظروف العمل هنا قاسية للغاية" يعلق الدكتور حكمت، بالرغم من توافر مواد الإسعافات الأولية والأدوية البسيطة اللازمة للمرضى، وتوافر مكان لإجراء العمليات الجراحية العاجلة، كما يضم المكان غرفتين لتعافي المصابين. أما في حالات الإصابات الخطيرة، فيجب توخي الحذر لأن العيادة لا توجد بها الأدوات اللازمة للتعامل مع الأمر. كان الطبيب حكمت أحمد يتمنى لو أن العيادة بها جهاز أشعة إكس أو جهاز أشعة مقطعية حديث وأدوات معمل لتسهيل مهمة الأطباء.

جدير بالذكر أنه بالرغم من الصعوبات لم يفكر الطبيب الشهم في التخلي عن واجبه والرحيل عن كوباني، حيث يقول "حتى عندما كنت أسمع طلقات الرصاص وانفجارات القنابل، كان لدي أمل دائما في تحقيق النصر".

تمكن الأكراد في النهاية من تحرير البلدة، ولكن الثمن كان باهظا للغاية: حولت مدفعية ميليشيات داعش، وقتال الشوارع، والقصف الجوي الذي كانت تشنه قوات التحالف الدولي، أجزاء كبيرة من البلدة إلى تلال من الأنقاض وكومات من الأحجار والتراب، أحياء بالكامل تم تسويتها بالأرض.

تركت الحرب أيضا جراحا لم تجف دماءها بعد لدى جميع سكان البلدة الذين صمدوا في وجه العدوان بنسائهم وأطفالهم، يقول الطبيب حكمت "كلنا عانينا من القتال. تركت الحرب أثرا بالغ السوء لدى الكثير من الأطفال".

يحاول الأكراد الآن الصمود على قيد الحياة بين الأنقاض، ومع انهيار خدمات المياه والكهرباء بعد تدمير البنية التحتية للبلدة بالكامل، فلم يعد هناك محال أو مطاعم فقط دمار وأنقاض. لهذا يطالب الأكراد بإنشاء ممرات آمنة، تسمح بوصول المساعدات الأساسية، هذا الطلب موجه إلى تركيا بصفة أساسية، نظرا لأنها المنفذ الوحيد المتاح لدى كوباني التي لا يزال مسلحو داعش متواجدين على أطرافها.

بالرغم من ذلك تسري إشاعات في البلدة أن تركيا تعارض وصول المساعدات إليهم، فقد أوقفت السلطات التركية سيارة إسعاف جديدة كانت بطريقها إلى كوباني، وظلت محجوزة قرابة أربعة أسابيع عند الحدود، بحسب رواية مارتين جليزناب، متطوع بمنظمة أطباء ألمانيا العالمية، للإغاثة الإنسانية، والتي تبرعت بسيارة الإسعاف. يأمل الجميع في كوباني أن يتم رفع الحصار وفتح الحدود لمرور المساعدات العاجلة.

من جانبه يحذر المتحدث باسم المقاتلين الأكراد إدريس نسين من كارثة إنسانية إذا لم تصل المساعدات العاجلة إلى كوباني في أقرب وقت. بدون المساعدات سيكون من المستحيل إعادة إعمار كوباني. الآلاف من السكان فقدوا كل شئ كان لديهم، مثل عمار بكر، سائق عربة الإطفاء الذي رأي المنزل الذي شيده بنفسه يتحول إلى كومة تراب أمام عينيه جراء القصف. تكلف البناء 20 ألف دولار وهو مبلغ كبير بالنسبة لبلدة صغيرة، وبالطبع لم يتمكن من الانتقال لمنزل أسرته، لأن القصف طاله أيضا في وقت سابق.

تقف بدلا من جدران منزل عمار، أجولة رمل كشاهد على المعركة الشرسة التي جرت في نفس المكان بين المقاومة الكردية ومقاتلي داعش. بالرغم من ذلك لم يفقد أهل كوباني الأمل لأنهم في النهاية استعادوا بلدتهم أما الباقي فيمكن تعويضه.

يان كولمان
الاربعاء 25 فبراير 2015