نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


لمعركة حلب عنوان… طهران أم الملك وأردوغان







أصبح جلياً وواضحاً أن الجميع يتحدث عن الحلول السياسية لكن بأدوات عسكرية, ومن الواضح أن كل الذاهبين إلى جنيف أيديهم لم تغادر الزناد.


 

ما نشرته صحيفة “كيهان” الإيرانية والناطقة باسم “خامنئي” كانت رسالة واضحة الأبعاد والمرامي, فهي بقدر ما تشكل موقفاً ضاغطاً على الرئيس الروسي “بوتين”, بقدر ما تعطي صورة صريحة وبعيدة عن أي تعقيد في فهم مفرداتها, وترسم بكل عناية ما ستؤول إليه الأوضاع في سورية من وضع كارثي, وكان الزج باللواء (65) من الجيش الإيراني هي الرسالة الأوضح والتي أرادت من خلالها القول لروسيا قبل غيرها, أن رصيد إيران لم ينضب بعد, وأن إيران ما تزال ماضية بالزج بوحدات عسكرية جديدة في سورية, وأنها قادرة على تعويض غياب الطيران الروسي عن مساندة ميليشيات “الأسد”, ومن بعض ما قالته صحيفة “كيهان”:

– لتنسحب روسيا من سورية, لأن إيران لم تقدم كل هذه التضحيات الكبيرة أو هذا العدد الكبير من الشهداء في سورية على مدار خمس سنوات, لتسمح بأن يتحول هذا البلد إلى مجرد جزء صغير من اتفاق بين واشنطن وموسكو.
– الأسد يعرف أنه يدين ببقاء نظامه لإيران.
– إيران وحزب الله يسيطران على جزء كبير من خطوط الدفاع السورية في الوسط والجنوب والشمال, وأي اتفاق تبرمه روسيا مع طرف ثالث بدون موافقة طهران سيكون مصيره الفشل.
– روسيا تلعب في سورية بوجهين, على إيران استغلال الوجه الذي يناسب إستراتيجيتها والتصدي للوجه الآخر.

رسالة “خامنئي” لم تكن الوحيدة التي تم إرسالها للذاهبين إلى جنيف أو لرعاة هذا المؤتمر, بل كانت هناك عدة رسائل أخرى أيضاً, فعودة الطيران الروسي لقصف الفصائل الثورية والاشتراك بتغطية الهجمات المعاكسة لمليشيات إيران وحزب الله والأسد على المناطق التي استعادها الثوار في ريف حلب, كانت رسالة روسية تقول: (أنا فقط) القوة القادرة على حماية “الأسد” ونظامه وأن غياب طيراني في العشرة أيام الأخيرة تسبب بخسارة الكثير من المناطق والتي ذهبت لفصائل المعارضة.

“الجيش الحر” كانت له رسالة مزدوجة, إحداها أٌرسلت من جبهات القتال مع تنظيم الدولة “داعش” وحلفائه في جنوب درعا الغربي ومن محيط بلدة “الراعي” شمال حلب وتقول: أن الجيش الحر هو الأجدر والأقدر على مواجهة الإرهاب, وما حققه خلال الأسابيع الأخيرة يجب أن يكون نقطة بداية لشراكة إستراتيجية مستقبلية مع المجتمع الدولي إذا ما أراد الغرب التخلص من كل الإرهاب المعشش في سوريا بما فيها إرهاب عصابات “الأسد”, والرسالة الثانية أٌرسلت من جبهات الساحل وسهل الغاب وريف حلب الجنوبي والغوطة الشرقية لتقول: أن الجيش الحر وفصائل الثورة وبعد الانتصارات التي حققها مؤخراً واستعادة بعض البلدات والمواقع والتلال, أنه ما زال قادراً على الإمساك بزمام المبادرة والتأثير وقلب الطاولة على الجميع إن لم تكن هناك حلولاً تحقق مطالب الشعب الحر الثائر.

نظام “الأسد” كانت له رسالة عبر عنها رئيس وزرائه “وائل الحلقي”, أخبر من خلالها عن تحضير نظامه لخطة عسكرية بالاشتراك مع الجانب الروسي وتستهدف إعادة حلب لممتلكات “الأسد”, لكن سرعان ما نفت روسيا الخبر وبغضب شديد, الغضب الروسي لم يكن ناجماً عن التفريط بالخبر, بل في صياغته, فروسيا وبعد إغداق إعلامها خلال الفترة الماضية لتعداد وإظهار إمكانيات وقدرات وتهديدات “جبهة النصرة”, كانت تريد من خلال هذا التحشيد الإعلامي القول أن أي يعمل عسكري روسي في محيط مدينة حلب سيكون من مبدأ دفاعي, حتى لا تتحمل مسؤولية الأحداث وما سينتج عن فتح تلك الجبهة من نتائج كارثية أمام المجتمع الغربي وحتى في الداخل الروسي.

حلب التي لم تغب يوماً عن تصريحات مسؤولي روسيا العسكريين والسياسيين, روسيا التي تطمح لتحقيق إنجاز عسكري يتوازى مع إمكانياتها كدولة عظمى, وتستطيع من خلاله تحقيق متطلبات حليفتها إيران, وبنفس الوقت تحدث فارقاً في موازين التموضعات على الأرض يفرض حلاً بالقوة العسكرية وتحت شعار “سياسة الأمر الواقع”.

تركيا “أردوغان” التي يزورها العاهل السعودي “الملك سلمان”, من المؤكد أن ما يحدث على حدودها الجنوبية لن يغيب عن طاولة المحادثات, خصوصاً إذا ما علمنا أن العلاقات التركية_الأمريكية هي في حالة الحضيض خلال الفترة الأخيرة, بعد خلافات ثنائية حول الحرب على الإرهاب وحول هوية الشريك الواجب تبنيه للحرب على “داعش”, ما بين “قوات سوريا الديموقراطية” التي تتبناها الولايات المتحدة الأمريكية وما بين فصائل “الجيش الحر” الذي تدعمه وتطلبه الرياض وأنقرة.

كل المؤشرات تقول: أن الطريق إلى جنيف ما زال متعثراً, وجولة “ديمستورا” لم تكن موفقة, والدائرة المغلقة التي أقامها المبعوث الأممي مع أعضاء مجلس الأمن الدائمين لم تكن مغلقة, بعد اختراق الكتروني إيراني جعل أعضاء مجلس الأمن يتحدثون بسطحية وبعيداً عن أي تفاصيل بعد تحذيرات قدمها مختصون من اختراق طال دائرة الاتصال, وبخطوة أقل ما يقال عنها أنها تخالف كل الأعراف والتقاليد الدبلوماسية وتشكل انتهاك لخصوصية ضيف ومؤسسة دولية.

كل معطيات جبهات القتال تقول أيضاً: أن حفل وداع الهدنة قد اقترب, وأن طبول الحرب التي تدق وصلت لمرحلة إعلان النفير العام, التحذيرات الفرنسية والأمريكية خلال اليومين الأخيرين حمَلت رأس النظام وميليشياته وحلفائه المسؤولية عن تدهور هدنة وقف الأعمال العدائية, وحذرت روسيا من التبعات المترتبة عن الاختراقات الجسيمة التي ارتكبتها ميليشيات الأسد ومنها مجزرة “دير العصافير” والتي تقود المنطقة إلى بحر جديد من الدماء, وآخر التصريحات الغربية والأمريكية حملت في طياتها احتمالاً بتزويد المعارضة بالمضادات الجوية إذا ما استمرت إيران وروسيا بالدفع لتخريب مفاوضات جنيف, وهو أمر إذا ما تم يعني كارثة حقيقية لـ “بوتين” غير قادر على تحمل نتائجها.

بوتين يعتبر كل ما يحصل في سوريا شأن شخصي يهمه بالدرجة الأولى, لأنه يراهن على قرار انفرادي اتخذه بنفسه, وأردوغان الذي يعلم أن معظم ما يجري على حدوده الجنوبية يمثل انتقاماً روسياً يهدف إلى عزل تركيا عن الثورة السورية جغرافياً وعسكرياً بعد أن عزلها (تقريباً) سياسياً, وإن إقامة كانتون كوردي في شمال سورية هي رسالة روسية لأنقرة.

المملكة العربية السعودية والملك سلمان الذي يحمل على عاتقه وعاتق المملكة الوقوف بحزم ضد الاختراق الإيراني في جسم وحيثيات الأمن القومي العربي, والمملكة تشعر أن حربها غير المباشرة مع إيران هي معركة بين حق وباطل. معركة بين مشروع عربي يحفظ أمن المنطقة والمملكة وبين مشروع إمبراطورية فارسية تهدف للهيمنة على كامل مقدرات العرب, ساحات المعارك تقول أن إيران دخلت إلى جانب حليفها “الأسد” دون استئذان, والتحالف الإسلامي لم يٌنشأ ليبقى حبراً على ورق.

حلب التي تمثل بيضة قبان الثورة السورية ومرتكزها العسكري, عزلها عن تركيا وسيطرة النظام عليها يعني ضربة معنوية وعسكرية للثورة ولتركيا, ويعني أيضاً قطع معظم خطوط الإمداد عن الثوار, وتعني أيضاً أن دولة “صالح مسلم” المقلقة لتركيا أصبحت أمراً واقعاً.

وأمام كل تلك المتغيرات والمستجدات والوقائع يبقى السؤال:

في النهاية من ينتصر؟؟

بوتين والأسد وطهران؟؟

أم الثورة والملك وأردوغان؟؟

------------
كلنا شركاء
العميد الركن أحمد رحال

محلل عسكري واستراتيجي


العميد الركن أحمد رحال
الخميس 14 أبريل 2016