نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


معلومات خطيرة عما يتم التخطيط له لمستقبل سوريا






مع بداية شهر آب ارتفعت نبرة معاذ الخطيب بالدعوة إلى الحوار مع النظام، عبر فيديو نشره بمناسبة عيد الفطر؛ علماً أن معاذ هو أول من فتح باب دعوات الحوار مع النظام بمبادرته الأولى التي لم يسبقه إليها أحد، وتلقفها المجتمع الدولي بعد أن وجد مريدين للفكرة على صفحة الشيخ، المدعوم باستقالةٍ من الائتلاف سبق وافتعل مثلها عبد الناصر، ففي مجتمع لم يشهد طيلة خمسين عاما من الدكتاتورية استقالة واحدة من منصب سياسي، يعتبر العامة أن مثل هكذا استقالات عملٌ يرقى الى أعمال العظمة! عكس المجتمعات الغربية التي ربما لا يهتم كثير منهم لاستقالة رئيس وزراء!
دعوة معاذ تلقفها (أسد) وروّج لها، فتبناها المجتمع الدولي آنئذٍ وبنى عليها مؤتمرا جنيف، وبالتالي تحوّل الدكتاتور (أسد) ونظامه المارق الذي يقتل شعبه المطالب بالحرية السياسية، إلى طرف شرعي يحق له التفاوض مع شعبه الثائر عبر شخصيات معارضة!؟


 
هل سمعتم في حياتكم بشعب ثائر يفاوض دكتاتوراً؟ يعني لو أرسل الشعب وفداً للدكتاتور وطالبه بالرحيل، هل سيرحل من تلقاء نفسه، بلا تظاهرات ولا مقاومة؟! وعلى ماذا يمكن التفاوض مع الدكتاتور؟ وماذا سنعطيه مثلاً؟! قطعة أرض سورية وللشعب قطعة؟! هل يعطينا الحرية وله الديمقراطية؟! هل يعطينا التربية وله التعليم؟! ولعل أخطر فخ وقع الشعب السوري به هو انتظار نتائج دعوة معاذ التفاوضية، وبين التحضير لمؤتمري جنيف وانعقادهما، ضحى بسنتين إضافيتين من الآلام!
هذه المرة، معاذ يدعو الى مؤتمر لحوار النظام، وصاحبتها همسات بدأنا نسمعها في أروقة الإعلام الخلفية، وبدأت تقفز بعض الأسماء معها إلى الواجهة. وفي جلسة مع زملاء العمل في (أورينت) الإعلامية نستعرض الموضوع، أكدوا جميعاً أن اسميْ رياض نعسان آغا ومحمد حبش، تتفق كل الهمسات على ذكر مشاركتهما بالدعوة. فقررتُ التواصل مع (نعسان آغا) لمعرفتي به، ولأنه سبق وتواصلنا وتناقشنا مرات عدة بشأن الحدث السوري؛ وخصوصاً أني كنت قد انتبهت إلى أن صفحته على الفيسبوك شهدت قفزتين مثيرتين خلال الخمسين يوماً الماضية، بعدما احتل (أسد) بيته في دمشق، القفزة الأولى: انشغاله عمّا يحدث في سوريا تماماً بالكتابة عن غزة ومعاناة الفلسطينين وشتم الإسرائيليين، والقفزة الثانية كانت يوم 8/آب عندما – وفجأة بلا مقدمات- بدأ يكتب ويدعو للحوار مع النظام عازفاً على أوتار الوجع السوري!
وفعلا تواصلت معه عبر الفيسبوك وأخبرته عن خطورة انضمامه إلى دعوة معاذ، واتفقنا على اللقاء يوم 15/الشهر الحالي.
أستطيع تقسيم اللقاءإلى ثلاث مراحل:
- الأولى دامت ساعة ونصف الساعة، كلها كانت تعزف على أنني شخصية عامة وأن اسمي وأعمالي الوطنية وما قدمت أصبح أكبر من شخصيتي الحالية! وأنه يجب عليّ تغيّر خطاب تلفزيون وإذاعة وموقع (أورينت) ليصبحوا أكثر اعتدالاً، والسعي لخلق خطاب يتماشى مع مرحلة المصالحة بين النظام والشعب! وطالبني حتى بالتوقف عن الكتابة على الفيسبوك لأنني – وكل ذلك حسب تعبيره- رمز وطني كبير، وكأن الرموز الوطنية صنعها صمتها!؟
- الساعة التالية: تحدث فيها عن تحول الثورة إلى “عباءة داعشية”، وأنها أصبحت عبئاً على الشعب السوري، وأن (داعش) هي خطر أكبر من نظام أسد والدور الإيراني في المنطقة! وبعد أخذ ورد في الساعة اللاحقة أكد (نعسان آغا) التالي:
1- أنه يتواصل مع معاذ يومياً وأنه يلعب دور مستشار سياسي له.
2- أكد على الدعوة إلى مؤتمر وطني يحضره شخصيات وطنية بما فيها شخصيات من النظام، ولا وجود للمعارضة السياسية فيه (الائتلاف والمجلس الوطني). وذكر أمامي عدة شخصيات يحترم الناس مواقفها ودورها وأنها ستكون معهم. وعندما تواصلت مع أربعٍ من هذه الشخصيات أنكرت بشدة هذا الموضوع، وأنها لن تنجرّ لهكذا مستنقع، وأنه في جلسة عادية طرح كل من (نعسان آغا) و(محمد حبش) عليهم هذه الأفكار، لكنهم كانوا غير موافقين بالمطلق، وكل ظنهم أنها مجرد جلسة طبيعية على فنجان قهوة، ولم يذهب ظنهم أن (رياض) اعتبرها جلسة تنسيق وموافقة. ربما لدي أسباب عدة لأصدّقهم، أهمها أن تاريخهم وموقفهم الحالي لا يشبه هذه الطروحات.
3- أكد على التواصل والتنسيق الدائم بين معاذ وجهات إيرانية لم يسمِها، ومنذ مدة.
4- أكد أن المؤتمر سيقدم مبادارت (معاذ) كلّها دفعةً واحدةً، على شكل أوراق للأمم المتحدة والجهات الدولية، برعاية من البرلمان العربي.
5- أكد أنهم يعدّون للقاء (دي ميستورا) بصفته المبعوث الجديد، وتوجيه جميع خططه باتجاه (مبادرات معاذ)، مقدرين أن خبرة (دي ميستورا) ضعيفة عن الوضع السوري، وبالتالي تكريس عمله نحو تبنّي طروحات مؤتمرهم المزعوم.
6- الأغرب أن (نعسان آغا) أكد لي أنه هو صاحب الدعوة للمؤتمر، وأن معاذاً رجل من الخلف!؟.. ويبدو أن (معاذ) يطبق قاعدة دمشقية شهيرة هنا.
7- أكد أن المبادرة ستغلف بطلب تبنّي دستوراً جديداً يكون فيه الحكم برلمانيا، كما شرح الحكم لرئيس الوزراء، وليبقَ (أسد) في منصبه كمنصبٍ فخري لاحول له ولا قوة!؟
8- أكد أنهم رتبوا للقاء (لافروف) وأنهم سيطلبون منه إقناع (أسد) بطرحهم. وهنا قلت لرياض: “إن لافروف حاد في موقفه المحابي لـ (أسد)، وسيقول لهم:اذهبوا إلى دمشق وتفاهموا مع (أسد) وحققوا مبادرتكم، فماذا سيكون ردكم لمجابهته وما هي نقطة قوتكم؟”، فقال لي: “سنهدده أننا سنبايع داعش”. سكتُّ وكتمتُ بصعوبة ضحكة ستنفجر وهي تقول: “وكأن لافروف دخلتْ في قدمه شوكة إن بايعتم داعش”!؟.. كان واضحاً أن أقصى ما يتمناه الرجل هو تحيدي تماماً، والابتعاد عن الدرب الذي قرروا – لا محالة – السير فيه، كما فهمتُ منه.
***
في أوسلو، وعلى هامش ورشة عمل دعاني إليها معهد (بروكنجز) قبل أيام، التقاني مساءً أحد المشاركين وهو طبيب، وحاصل على درجة عالية في العلوم السياسية أيضاً، أعرفه وأكنُّ له مودّةً، فقد كان له دور في أعمال الإغاثة الطبية يُشكر عليه، ولكن يبدو أن معاذاً اختصره ليكون داعياً له، وظنّ الرجل أن احترامي له يُسهّل عليه المهمة المكلف بها، وربما هذا ما جعله واضحاً في طرح دعوته وبلا تكلّف أو تنميق! هو الآخر تمنى أن أكون بينهم أو مرّة أخرى في أحسن الأحوال أن أكون على الحياد(!؟) ولم ينسَ أن يهددني بسطوة الشيخ وشعبيته. (*) وفي نهاية دعوته ونقاشه قال بالحرف الواحد: “الأسد وقّع اتفاقيات مرعبة مع الحرس الثوري الإيراني عام 2006، وهؤلاء قوة لن يستطيع الشعب السوري الصمود أمام قدرتها العسكرية والبشرية والاقتصادية، وأمام سطوة تجييشها الديني، والثورة حاولت ودُمِرّتْ البلد، فلنترك لأسد الجيش والأمن والسياسة والمالية، ولنأخذ نحن وزارات الدولة وإداراتها المحلية” ؟!!
وعندما نهضت قلت له: “لو حملت الشعوب وجهة نظرك لما تحرر العالم من سطوة المحتل أبداً، ولبقي المحتل جاثماً أبدَ الدهر! وطالما ترضون بـ (أسد) أن يسوق باص الأمن وباص الجيش وباص الخارجية وباص المالية، فهل وقف الأمر على قيادته لباصات النقل الداخلي؟! أعطوها له، ولن نترك لأولادنا وطناً قبِلْنا به بهذا الشكل وبهذه القسمة”!
***
أعود إلى طروحات (معاذ) التي يطرحها دائماً في ظل ظروف خاصة يمر بها الشعب السوري، وللأسف يتلقفها بعض العامة على خلفية الخلاص واحتراماً لـ “منصبه الديني”، والقلّة من يربطها بما قبلها وبما بعدها، وهؤلاء القلّة لا يناقشونها على الملأ تخوّفاً من سطوة مريدي الشيخ عليهم، وعلى صورتهم ومستقبلهم السياسي القادم!؟
عناوين مبادرات (معاذ) الأربعة:
1- الوطن فوق المعارضة والنظام: ومفادها أن الوطن أكبر من النظام والمعارضة. هي كلمة حق يراد بها باطل، فجمع النظام والمعارضة في كفّة واحدة يجعلهما متساويان بالإجرام والمسؤولية!؟ فالمعارضة – وعلى الرغم من موقفي السلبي تجاهها- لا يمكن مقارنة سلوكها بسلوك النظام. المعارضة ركبتْ التظاهرات وادعتْ تمثيل الشعب السوري وفشلتْ فشلاً ذريعاً، وارتبطتْ وارتهنتْ لمواقف دول متصارعة سياسياً وليس لها موقف سياسي موحد من رؤية الحل.
المعارضة بددتْ أموالاً قُدّمتْ لمساعدة الشعب السوري، وبأسوأ الاتهامات: ربما سرق بعض ضعاف النفوس شيئاً منها، ولكن النظام، وليس المعارضة، هو من حرق القرى والمدن وجلب المحتل الإيراني بصفة (مستشارين عسكريين)، وحرّض طائفياً، وشتّت شمل المجتمع السوري، وضرب المدن بالصورايخ والسكود والكيماوي، وسجن وغيّب نحو مليون شخص، والمعارضة ليس لديها سجون، والنظام هو الذي استجلب مليشيات القتل الطائفية وهو من أخرج المجرمين من السجون وسلّطهم على حياة الناس، وهو من دعم المتطرفين واستجلبهم إلى سوريا وفتح لهم الحدود، وتأكيدي على ذلك مثلاً: “شارع في قرية يحتاج لعشرات المحاولات حتى يستطيع الثوار تحريره، بينما أخلى (أسد) مراكز الحدود في الشمال والشرق مع اللحظات الأولى للثورة ليتركها مفتوحة لمن هب ودب!؟”.
ما الذي يحدث لو قدّم مؤتمر (يدّعي تمثيل الشعب السوري) للمجتمع الدولي وثيقةً تؤكد أن النظام والمعارضة سواء بالمسؤولية والاجرام؟!.. بكل بساطة سيتحول كل من عارض النظام ومن معه إلى مجرمين مطلوبين للعدالة الدولية، ويتساوى الظالم بالمظلوم. وبظلّ عدم وجود ممثل معارض آخر ستبقى الأزمة إلى يوم يصعب انتظاره!
2- سوريا تدمر بسبب تدخل المحوريين (الخليجي، التركي الأردني، والايراني)!؟.. ليس خافياً أنه ليس هناك محور خليجي مما يحدث في سوريا، مثلا ما هو دور عُمان، أين هو دور البحرين والكويت؟! هناك أدوار قطرية وسعودية وإماراتية لكنها مختلفة في كثير من الأمور مما يحدث في سوريا، لا بل حتى أنه يشاع عن خلافات في المواقف تجاه سوريا بين القوى النافذة في بعض هذه الدول نفسها، فأين هو هذا الحلف أو المحور؟!.. فالإمارات استضافت حوالي 600 ألف سوري يعملون على أحسن وجه، وكذلك السعودية، استضافت نحو مليون سوري، أما الدور التركي فيستضيف نحو 2 مليون لاجئ يعاملهم معاملة إنسانية حسنة، الأردني يستضيف نحو مليون لاجئ، وتسرب أن بعضهم يسرّب أسلحة فردية باستحياء للجهات المصارعة لـ (أسد)، فهل يقارن دور هؤلاء بالدور الإيراني الذي ساهمت قواته: (فيلق القدس) و(الحرس الثوري) بقتل حوالي مليون سوري؟! والذي يسلّح (أسد) لأقصى مدى ببواخر تعبر المتوسط لتصب أسلحتها علناً في مرافئ (أسد)، وبأموال طائلة لـ (أسد)، وبكتائب مقاتلة إيرانية مع (أسد)، ومستشارين عسكريين مع (أسد)، وتدريب عسكري عالي المستوى لقوات (أسد) في إيران وعلى الأراضي السورية، وبدعم سياسي، ودعم دعائي ديني، أدى لاستجلاب كتائب وأحزاب طائفية من كل أماكن تواجد الشيعة في الأرض؟!.. وبعض هذا الدعم بدأ حتى قبل أن تبدأ الثورة في سورية، منذ اليوم التالي لسقوط الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، في حين أن مواقف الدول الخليجية التي ذكرتها من الثورة، لم تظهر إلّا بعد أشهر من انطلاقها، كما أن المحور الإيراني استقطب دولاً عدة، تموّل (أسد) أيضاً بشرياً وعسكرياً وسياسياً، كحكومة المالكي في العراق، وحكومة حزب الله في لبنان!
ماذا يحدث لو جمعنا الدورين معاً وساويناهما بالشرور؟!.. سنتخلى عن أصدقاء داعمين مجاورين لنا ونتهمهم بالشر الأكبر، وهذا نكران للجميل، ربما يؤثر بردّات فعل على وضع اللاجئين السوريين في هذه الدول إن لم يؤثر على الثورة كلها، وسنعطي شرعية وقوة للتدخل الإيراني، بحجة وجود طرفٍ ثانٍ مساوٍ له، ونُترك وحيدين في مواجهة الكابوس الإيراني الصلف!
3- تبنّي (معاذ) الواضح لفكرة الخصومة السياسية مع نظام (أسد) عبر مراكز الاقتراع!؟ عندما تبنّى الدعوة إلى ترشّحه مقابل (بشار أسد) في الانتخابات الرئاسية وروّج لها. فهل يعقل أنّ ما بين الشعب السوري ونظام (أسد) خصومة سياسية اقتراعية؟! وماذا بخصوص تدميره لسوريا بالبراميل وبصواريخ سكود والتسبب بتبديد موارد سوريا البشرية ما بين قتيل ولاجئ ومعدم، وموارد اقتصادية ووو…. فهل هذه خصومة انتخابية؟! رغم ذلك، لاحظوا أن (الخطيب) في المبادرتين الأولى “الحوار مع النظام”، والثانية “إعطاء شرعية انتخابية لـ (أسد) بدعوى الترشح مقابله”، لم يدخل لا في وفد جنيف المفاوض ولا حتى بالترشّح، إنما دور الشيخ فقط فتح الأبواب لغيره. هو يرسل إشارة ويخلق أرضية شعبية لها وغيره يتلقاها وينفذها!؟
4-المبادرة الأولى بالدعوة للحوار مع النظام. وقد ذكرتها وذكرت آثارها في بداية المقال.
***
نعود إلى دعوى المؤتمر، إن دعوى المؤتمر للحوار مع النظام بالاختباء خلف من لم تتلوث أيديهم بالدماء، ربما كانت تصلح في الأيام الأولى للثورة؛ أما بعد ثلاث سنوات ونصف، فالسؤال: هل فعلاً بقي أحد ممن حول (أسد) لم تتلوث يده بالدماء والفساد والتمويل للقتل وشرعنته ويصلح للحوار والشراكة السياسية معه؟!
إن هذا المؤتمر – إن حدث- هو ليس محاولة، كما يزعمون، لإيقاف الدم، بل أظنه بالعكس، هو محاولة لإعطاء (أسد) ومن معه طوق نجاة وخصوصاً أن النظام حالياً غارق تماماً، لاحظوا أن الصراع على أطراف وسط دمشق، وبعيداً عن الساحل السوري بين 20 و90 كم فقط، أما باقي سوريا فليس له سيطرة عليها، ومهما كان بها من اضطرابات وفلتان، لكن (أسد) غير موجود فيها؟ وكذلك ارتفاع نبرة الغضب والتمرد بين حواضنه الشعبية.
إن الدعوة لحضور مؤيدي النظام سيتلقفها النظام برغبة شديدة، وسيرسل وفده وسيوقّعون على الوثائق التي تدين التدخل الإيراني بالشأن السوري، لكنهم بالمقابل سيطلبون التوقيع بالمثل على إدانة الدور التركي والسعودي والإماراتي والقطري والأردني، كما سيوقعون على إدانة النظام و”فشله بالتعامل مع الأزمة” فالنظام لم يدافع يوما عن كونه أخلاقي لكنه طالما كان يقول للشعب السوري إنكم مثلي! لذلك بالمقابل سيطلبون من المشاركين بالمؤتمر إدانة المعارضة وتجريمها؟ وستقدم الوثائق إلى هيئات الأمم المتحدة.
هذه مكاسب لم يكُ (أسد) يحلم بها، لكنه الدهاء الملالي الإيراني!
يقولون إن المؤتمر سيكون برعاية البرلمان العربي أو مندوب الأمم المتحدة. إذا كان مؤتمر جنيف برعاية دولية، ولم يلتزم لا أسد ولا الإيراني ولا الروسي بنتائجه، في حين التزم فقط بقرار مجلس الأمن بخصوص الإغاثة دون الإذن المسبق من النظام، فهل هذا المؤتمر بشكله المخطط له سيلزمه؟! بالتأكيد لا. بل سينقذه لفترة أطول ونحو مزيد من الدماء.
***
سألتُ (نعسان آغا) عندما قال إن وفداً من المؤتمر سيلتقي مع لافروف: “ماذا ستطلبون منه؟” قال: “نظاماً برلمانياً الحكم فيه لرئيس الوزراء والرئيس بلا صلاحية وليبقَ بشار الأسد رئيسا بلا صلاحيات حكم، لكن الجيش والأمن سيتبع لرئيس الوزراء”!
هل نحن حمقى إلى درجة نصدق فيها أن (نعسان آغا) أو أي منهم، إنْ أصبح رئيسا للوزراء سيقول له اللواء جميل حسن: “حاضر سيدي”؟! ثم.. ألم نطلب هذا الطلب نحن وأصدقاء الشعب السوري قبل نحو ثلاثة أعوام ولم يقبل به (أسد)، ولا الإيراني ولا الروسي! وعن أي جيش يتكلمون؟! ألم ينتبهوا أن الجيش انتهى وتحول إلى مليشيات طائفية ومتنافسة فيما بينها على غنائم فدية خطف الأشخاص؟!
يدّعون أنهم سيُحرجون النظام بهذه الدعوة أمام العالم إذا لم يحضر؟! بربكم، نظام استخدم الكيماوي ضد شعبه في القرن الواحد والعشرين، ويومياً، يمطر القرى والمدن بالبراميل المتفجرة ويقتل المدنيين، وكلهم من طيف واحد من السُنة، وعلى مرأى ومسمع من العالم، أمّا الايراني فمستشاروه العسكريون برئاسة (قاسم سليماني) وكتائبه في دمشق… هل هؤلاء ستُحرجهم دعوة كهذه؟!
يدّعي (نعسان آغا) أنه من يدعو للمؤتمر ويجمع له، و(معاذ) من خلفه، الرجل الثاني بما معناه! من يتابع السردية التي خرجت بها مبادرات (الخطيب) يعرف أنها ليست طروحات (رياض) ولا حتى طروحات (معاذ)؛ إنها طروحات إيرانية يقدمها الإيراني اليوم ليجد مخرجاً لمأزقه في المنطقة، والذي استهلك إمكانياته بشدة فيها، وخوفه من وصول (داعش) إلى حدوده. إنه يبحث عن واجهات سُنيّة تكون في السلطة مع الحفاظ على ورقة الجيش والاستخبارات بيد الجهة المنتمية إلى محور الشيعة السياسية، وستكون وظيفة هذه الشخصيات تنظيف أفعال (أسد) ونظامه والإيراني الإجرامية طيلة مدة الثورة، ثم بعد سنتين أو ثلاثة من استلام هذه الشخصيات مهامها، سينقلب عليها ويعود النظام إلى الوضع الذي كان عليه قبل الثورة!
أليس الإيراني نفسه من ساهم بكتابة الدستور بالعراق بعد سقوط صدام حسين وقرر أن الملف الأمني والاقتصادي بيد السُنة، وهو نفسه من داسه بعد شهور وأذل سُنة العراق بسياسة المالكي؟! ألا يَعتبر هؤلاء؟!
تابعت طروحات معاذ الخطيب ونقاشات البعض على صفحته لاحظت أنه غالباً ما يِدعي أنه حَسن النيّة في طرحه، وأنه لا يفهم في السياسة(!؟) وأن هدفه من وراء طروحاته إيقاف الدم، لكن السردية التامة والكاملة في مبادرات (معاذ) وتناغمها مع طروحات الإيراني لا توحي أن الرجل ساذج أو حسن النية؟!
* مالك ومدير عام مجموعة أورينت الإعلامية
- هامش:
(*) تسرب عن احدى المصادر أن دراسة لإحدى شركات العلاقات العامة البريطانية أعطت الشيخ معاذ نسبة شعبية تفوق الـ40% من الشعب السوري! إن وجود قوى وكتائب سياسية مختلفة الاتجاهات من الجيش الحر الى كتائب السلفية والنصرة وداعش وأسد وما يتبع لهم شعبيا يدحض تماما هذه النتيجة. وكمؤسسة إعلامية نحن على اتصال دائم مع شركات العلاقات العامة الدولية لمعرفة نسب المتابعة، وعندما تكون لدى هذه الشركات دراسة نكون نحن جزءا منها، وليست لنا كلياً، يطلبون منا عليها مبلغ يفوق النصف مليون دولار، فمن أين للشيخ هذا المبلغ؟! أو من هي الجهة المستفيدة من تسريب هكذا أرقام!؟
------------------
*- أورينت نت

غسان عبود
الاحد 31 غشت 2014