نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


هادي العبد الله : الثورة السورية تواجه كل مجرمي الأرض






في مثل هذا اليوم، الـ15 من آذار/ مارس انتفضت سوريا من أقصاها الى أقصاها منادية بفكاك أسر”المفاهيم”، وتحرير”الوطن”، شعاع النور الذي ولد في حوران فتيّا لم يشب حتى أنار صفحة الأرض السورية على امتدادها ووعي السوريين على كثرتهم، مبشرا بشكل آخر من الحياة.. حياة بمقاييس تنصف الحّر ولا ترضي المستبد.


 

لم يكن الحراك الثوري في سوريا غير متوقع لوعي الأسد ونظام الحكم الذي ورثه عن أبيه، والذي بقي ممسكا بمقاليد الحكم لأكثر من أربعين عاما، ولا سيما بعد أن اشتعلت المنطقة العربية بثورات الشعوب ضد مستبديها.

ولم يكن متوقعا كذلك أن يكون حجم الرد بذلك الشكل الوحشي منطقع النظير، بالرغم من تذوق السوريين لحر جحيم النظام البعثي في تجربة سابقة، وذلك في ثمانينات القرن المنصرم حينما سوّت دباباته أحياء مدينتي حماه وجسر الشغور بالأرض وتم إعدام الرجال وسحل جثثهم في الطرقات أمام الناس، فيما بقي عشرات الآلاف قابعين في سجون مجهولة بعد أن بدلت أسماؤهم بأرقام كي لا يترك السجان لذوي المفقود سبيلا للعثور عليه.

إلا أن الشارع السوري أدرك أن العام 2011 هو فرصته التي أتت بها رياح التغيير فاغتنمها، ولم تك مهمة سهلة كما لم يكن وصفها سهلا البتة، إلا أن شهودها ما زالوا أحياء ليرووا ما حصل لملأ الأرض، بينما يروي شهداؤها ما رأوه لملأ السماء.

ومن أولئك الذين خاضوا جميع مخاضات الثورة السورية، الإعلامي والناشط الميداني “هادي العبدالله” الحاصل على جائزة حرية الصحافة من منظمة مراسلون بلا حدود والذي كان لموقع أخبار الآن وقفة معه، ليستجيب بالرغم من ظروفه الصحية الحرجة، حيث استهل الحديث بوصف شباب الثورة الذين صاغوا وعاشوا مجرياتها قائلا:

“هم سوريون أتوا من كافة الأعمار والبيئات والمشارب ليجتمعوا في العام 2011 على هدف واحد وهو إسقاط نظام الأسد وانتزاع حرية وكرامة الشعب السوري.

أما الناشطون منهم، فهم أولئك الشباب الذين امتلأت ساحات التظاهر بهتافاتهم ضد الطغيان في طور الثورة الأول وسرعان ما شرعوا في توظيف اختصاصاتهم لدعم الشارع الثائر وفي شتى المجلات، الإغاثي والطبي والإعلامي، والخدماتي.

نعم آثروا مصلحة وطنهم على مصالحهم الخاصة، بعضهم غامر بمستقبله العلمي وبعضهم ضحى بمستقبله المهني، أطباء ومهندسون وأصحاب حرف، جميعهم لم يتأخروا لحظة عن الإستجابة لأقدار بلدهم”.

ربما أورثت التجارب المرة “هادي العبد الله” وأشقائه في الكفاح، فلسفة في استشراف الغد، وإيجابية في قراءة ما استعصى على الفهم من طلاسم الواقع، وفي وصفه لنتائج الثورة السورية يقول:

“شعبنا هب لانتزاع حريته من نظام مجرم لكنه فوجئ بأنه يواجه منظومة إجرامية عالمية، ابتدأت بمليشيات حزب الله اللبناني، والميليشيات العراقية، الى كتائب المرتزقة الأفغانية، ثم تدخلت إيران بشكل جلي ومباشر من خلال إرسالها فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني، وحينما عجز سليماني وجميع المذكورين آنفا مجتمعين عن قمع الثورة السورية، أتبعته إيران بسرايا من القوات الخاصة في الجيش الإيراني.

لم تنته المواجهة هنا، روسيا وهي قوة عظمى لم تتأخر كذلك عن مد يد العون لنظام الأسد الذي مكنها من احتلال الأراضي السورية بطلب رسمي منه، هذا وعلينا كذلك أن لا ننسى الخنجر المسموم الذي تسلل لطعن الثورة السورية من الظهر والخاصرة، متمثلا بقوى التطرف مثل تنظيم داعش الإرهابي ومن لف لفه.

ومع ذلك لم تستطع تلك الحشود المعبأة بالحقد والسلاح وإرادة القتل من قهر إرادة السوريين وإخماد ثورتهم.

صمود الثورة السورية والحديث دائما هنا للـ”العبدالله” طيلة 6 سنوات والآن دخلنا بالسنة السابعة أمام جميع هؤلاء المجرمين، وهي لا تمتلك إلا العدة القليلة من السلاح، ولا يوجد لها حلفاء حقيقيون كما هم حلفاء الأسد ونظامه، صمودها كل هذه المدة إن لم يكن انتصارا فما هو الإنتصار إذا، نعم الثورة السورية انتصرت رغم كل المآسي والمصائب التي حلت بها.

ومن مكاسب الثورة أيضا أنها كشفت ضعف الشرعة الدولية التي وقفت عاجزة عن نصرة الملايين من المدنيين الذين تسلطت عليهم آلة الحرب، من طائرات ودبابات وقنابل وصواريخ.

كشفت أيضا أن من كان يحكم سوريا هو مجرم حرب ونحن كسوريين لسنا بنادمين على قيامنا بهذه الثورة، لأننا ندرك حجم سوريا وعمق حضارتها وأنها جديرة برجل دولة يكون أهلا لقيادتها وصون كرامتها.

يترجم “العبدالله” دور المرأة في خضم أحداث الثورة السورية بالقول: “المرأة السورية كان لها دور كبير في الثورة، ربما يفوق دور الرجل في كثير من الأحيان، المرأة هي أم الشهيد وزوجه وأخته، هي أم المعتقل وزوجه وأخته، هي الشهيدة والمعتقلة.

دفعت أثمانا باهظة من أجل حرية بلدها، وقفت ولا تزال بجوار الرجل كتفا بكتف، غطت مهام وأماكن لا يستطيع الشاب أن يغطيها، لأجل المرأة استمرت الثورة، ولأجل المرأة المعتقلة ضحى الثوار بأنفسهم.

المرأة ركيزة أساسية وتعد من أهم ركائز الثورة السورية إن لم تكن الأهم على الإطلاق، ولا تسعفني المفردات في الوصف أكثر.

يقول “العبدلله” عما يعتمل في خلده لأجل غد بلده وكيف يرى هو وجميع السوريين الواقع:” هنالك فرق كبير ما بين كيف يرى أحدنا وكيف يتمنى، فلا أحد يستطيع أن يحكم ما الذي سيكون عليه المستقبل، التنجيم في الوضع السوري هو ضرب من ضروب المستحيل، لأن القرار السوري خرج من أيدي السوريين، ولا أدري الى أي جهة يحملنا المركب.

ولكن ما أثق به أننا لن نتخلى عن ثورتنا حتى تثمر قطوفها المتمثلة بالحرية والكرامة، لن نتخلى عن ثورتنا حتى ترجع سوريا بلدا مزهرا آمنا سالما يعيش جميع أبنائه بحرية وسلام، أتمنى أن نصل يوما الى بناء دولة مدنية عادلة يحكم فيها السوريون أنفسهم بأنفسهم.

يقول “العبد الله” في جعبتي الكثير من التجارب التي لن تمحى من ذاكرتي، بعضها حلو وبعضها مر، ولربما تكون التجربة الأسوء والأبشع بالنسبة لي هي فقداني لمن كانوا رفقاءً لدربي في مرحلة من المراحل.

نتكلم عن طراد الزهوري الذي استشهد في القلمون بقذيفة من قذائف ميليشيا حزب الله اللبناني، نتكلم عن فقداني لخالد العيسى الذي استشهد جراء استهدافنا بعبوة ناسفة في حلب، استشهد خالد وأصبت أنا بإصابات بالغة في قدمي وبطني وبقية جسدي، فقداني لخالد وطراد جعلني أشعر باليأس لفترة، ولكني تمكنت من تحويل هذه المحنة الى منحة واليأس الى أمل.. 

أسعفني العهد الذي قطعته لهما بإكمال مسيرتهما، أنا وجميع من حولي من شباب سوريا لن نتتزحح عما عزمنا عليه قيد أنملة لكي نفي بوعدنا للوطن ولنحقق أمنيات شهدائنا.

في كلمته الأخيرة في هذا الحوار المرهق له قال “هادي العبد الله”: “ما أتمناه من كل سوري في ذكرى ثورته، أن يثبت على عهده وأن يكون وفيا لدماء الشهداء الذين سبقونا، أن يبقى وفيا لصرخات المعتقلين وعذاباتهم، أن يبقى وفيا لمعاناة المهجرين والنازحين، ولآلام الجرحى والمصابين، إذا ما استذكرنا كل تلك القيم وكل تلك الأوجاع فأنا على يقين بأننا سنعود جميعا الى ثورتنا الأولى التي نحب، ثورة الحرية والكرامة، الثورة السورية تحولت من ثورة شعب ضد نظام مجرم وطاغية مستبد الى ثورة شعب ضد كل مجرمي العالم”..
----------------------
كلنا شركاء: أخبار الآن


أخبار الآن
الجمعة 17 مارس 2017