نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


هدى الفلسطينية تتفنن في الازياء وتجدد في الملابس التقليدية المغربية




الرباط - مروة سالم - في أحد أشهر المراكز التجارية وسط العاصمة الرباط، اختارت هدى أحمد عبد الله، الفلسطينية، أن تقيم مشروعها، فأصبح اسم "هدى الفلسطينية"، أشهر من نار على علم ،في المركب التجاري المشهور، غير البعيد عن المدينة العتيقة، استقرت هدى الفلسطينية، التي تخصصت في الزي التقليدي المغربي، الخاص بالنساء، ونسجت علاقات واسعة مع زبونات من مختلف الفئات.


هدى الفلسطينية تتفنن في الازياء وتجدد في الملابس التقليدية المغربية

 

 فتحت هدى قلبها لوكالة الأنباء الألمانية (د.بأ)، وحكت قصتها المشوقة وكيف وجدت هذه الفلسطينية، المزدانة في العراق من أبوين فلسطينيين، نفسها فجأة في قلب العاصمة المغربية، حيث شقت خريجة معهد الفنون التطبيقية، قسم تصميم الأزياء بالعراق طريقها المهني، واستقرت ثم كونت أسرة، بعد زوجها من مغربي.
لم يكن يخطر ببال هدى أن تعمل في المغرب، وتقيم مشروعا يعد من أبرز المشاريع في مجال الألبسة التقليدية في عام 1998، كتب لهدى أن تزور المغرب، فكانت تلك أول زيارة، كما شكلت هذه الخطوة بداية في مسار مهني حافل، فقدرت هدى ضرورة المضي في الفن الذي تخصصت فيه، تقول "كانت بدايتي بالاشتغال على تصميم فساتين الزفاف وفساتين السهرات، لكن وخلال مشواري ،أعجبني القفطان المغربي، واستغربت كيف أن القفطان المغربي يعتمد بالأساس على الصناعة اليدوية، ثم حاولت الدمج بينه وبين الزي الشرقي، وقد لقي استحسانا كبيرا، وهكذا تغيرت وجهتي من الاشتغال على الفساتين إلى الاهتمام بالقفطان المغربي وتطويره، لكني لم ادخل هذا الميدان عشوائيا، بل تعلمت تفاصيله كاملة في المغرب".
 
فضلت هدى أن لا تنتقل خارج الرباط لتعلم فنون الخياطة التقليدية، وأبت إلى أن تتعلم جميع التفاصيل وتضبطها في العاصمة، كما حرصت أن لا تغيب عنها أية معلومة، صغيرة كانت أم كبيرة، متعلقة بفن الخياطة التقليدية، حتى تضمن إلمامها بكافة أسرار هذا الفن الذي أثار انتباهها.
 
لم تتعلم هدى الفلسطينية "الصنعة" على يد "معلم"، أولا لأنها تتقن فن الخياطة، لكنها كانت تمسك بقطعة تقليدية، وتجتهد في صناعة قطعة أخرى مثلها، إنها طريقة تختلف عن ما هو معتاد، حيث يضطر الراغب في تعلم الصناعة الخياطة التقليدية عموما، اللجوء إلى "معلم" يلقن أبجديات الصنعة، أو الحرفة.
 
بالنسبة إليها، فإن الاختصاص في خياطة القفطان المغربي فرض نفسه، "إنها الأقرب إلى المرأة المغربية، فهو زي محتشم، يعيد للمرأة أنوثتها، ويجعلها في المستوى، وهذا هو اللباس العربي التقليدي". وبالنظر إلى الخلفية التي كانت تتوفر عليها في مجال فن الخياطة، فقد أبدعت هدى كثيرا في صناعة القفطان المغربي وباقي أنواع اللباس التقليدي حتى لو لم تكن تستفد من إرشادات معلم خاص.
 
وعن وجهة نظرها في مسألة المزج بين ما هو شرقي وما هو مغربي في اللباس التقليدي للنساء، اعترفت هدى بأن اقتحامها لعالم القفطان المغربي لم يكن سهلا، وأن الزي المغربي التقليدي يبقى صعبا، ليس من حيث التصميم،وإنما من حيث "الصنعة"، أو "الحرفية" التي يتطلبها، "فيمكن أن نضع أي تصميم نريده، لكن تلك الإضافات بالطرز، وتحويلها إلى زي مغربي بتلك الرسوم، والتشكيلات ليس من الأمر السهل ولا يمكن أن تجديه في أي بلد".
 
ورغم شغفها للقفطان المغربي خصوصا والزي التقليدي المغربي عموما، فإن هدى ما زالت تحتفظ بالزي الفلسطيني في الأعمال التي تنجزها، "لقد أخذت الطرز الفلسطيني بألوانه، ثم قامتبإدخال تلك الأفكار على الزي المغري، لكن التصميم و"العقاد" ذات الطابع المغربي، و"الطرز" يكون فلسطيني، وعندما زاوجت بين الزيين أعجب به كثيرون"، إنه مجال لفرض الهوية والثقافة الفلسطينية في بلد تعيش فيه هدى وتعترف أنه لا يخالجها الشعور بالغربة، وهو شعور منذ السنة الأولى من إقامتها في المملكة، "الآن زوجي وأبنائي الثلاثة مغاربة، وأنا معهم مغربية" ،تحرص هدى على تصميم ملابس تقليدية لأبنائها، التي غالبا ما يرتديها في مناسبات الأعياد الدينية.
 
ثم إن هدى الفلسطينية نسجت شبكة من العلاقات مع زبونات من مختلف الشرائح الاجتماعية، بل تحول بعض منها إلى علاقات إنسانية وعائلية، فالمصممة هدى بدأت تتحدث اللهجة المغربية، كأنها مغربية، داحضة المقولة التي تتحدث عن كون المشارقة لا يتقنون اللهجة المغربية، لكنها في الآن نفسه حافظت على لهجتها الفلسطينية، خصوصا أنها في تواصل مستمر مع عائلتها القاطنة في فلسطين، وأيضا مع المشرقيين الذين تتعامل معهم في المغرب.
 
خلال حديث(د.ب. ا) مع هدى في محلها بالمركز التجاري، لا تخفي إعجابها الكبير بالقفطان المغربي، "أنا معجبة بالقفطان المغربي كثيرا، لذلك، أرى أنه لا يجب أن يقف عملي عند حدوده من حيث التصميم، لكن بدمجه مع أزياء أخرى، ولقد أقمت عرض أزياء عن القفطان المغربي مدمج مع الزي الفلسطيني، ولقي هذا النشاط إقبالا كبيرا". في عام 2010، شاركت هدى في النشاط الخيري الذي تقيمه سفارة فلسطين في الرباط، والذي حضرته الأميرة لالة حسناء شقيقة العاهل المغربي محمد السادس، اقترحت أن تدخل أزياء أخرى من كل دولة، ويدمجها بالزي المغربي، وهي قد طرحت الفكرة في هذه المبادرة مع السلك الدبلوماسي للعام المقبل، وما زالت تنتظر الجواب للتنسيق لمبادرة من قبيل ما أقيم مع الزي الفلسطيني.
 
لكن في المقابل، تعترف هدى الفلسطينية أن هناك إقبال كبير للفنانات والممثلات العربيات اللواتي يشاركن في المهرجانات التي تقام في المغرب على ارتداء القفطان المغربي، لذلك، سبق لها أن أشرفت على تصميم أزياء لعدد منهن، مثل الفنانة" ديانا كرزون "والفنانة " داليا البحيري" التي حضرت مهرجان السينما بمدينة مراكش، إلى جانب مجموعة من الفنانات المغربيات. كما فكرت هذا العام هدى الفلسطينية في دمج الزي المغربي بالزي التركي، على خلفية فكرة استوحتها من مسلسل "حريم السلطان"، فالأزياء العربية تتسم بطابعها التركي بسبب مخلفات الاحتلال التركي لعدد من الدول العربية، "بمعنى أن الثقافة التركية حاضرة حتى على مستوى اللباس، لذلك قدرت ضرورة إدراج هذا النوع من الأزياء التقليدية، ووجهت دعوات إلى مصممين أتراك للمشاركة في التظاهرة، فهدفي أن نطور الثقافة فيما بيننا وبين تركيا، وأن تصير الأزياء التركية حاضرة، علما أنه سبق لي أن اشتغلت على اللباس التركي، لما له من إقبال عربي كبير، فهذا سيشجعنا على الانفتاح على الثقافة التركية".
 
ومن وجهة نظرها كمصممة أزياء، تلاحظ هدى الفلسطينية الغزو الكبير للزي التركي،خاصة العصري منه، و"هنا في المغرب هناك إقبال للمغاربة عليه، كما لو كان هناك حنين لتركيا، هذا مؤشر كبير على نجاح المبادرة فيما يخص الزي التقليدي التركي الذي يبقى قريبا من الزي العربي بحكم الاحتلال التركي للدول العربية".
 
وفي حالة فتح الباب أمامها لكي تعرض الأزياء في تركيا، اعترفت هدى أنها ستشتغل على دمج الزي المغربي بالزي الفلسطيني وأيضا بالزي التركي في تصميم واحد، علما أنه عمل سيتطلب منها الكثير من الابتكار.
 
فأهم خطوة هي طرح الفكرة، للوصول إلى ابتكار واحد دون الإخلال بالأزياء، "إن دمج الزي التركي بنظيره المغربي، يتطلب احترم خصوصية كل واحد منهما على حد سواء، ما يجعلنا أمام ضرورة بذل مجهود كبير بالإضافة إلى صعوبة الاختيار".
 
أما في ما يتعلق بحضور القفطان المغربي، خصوصا في المجتمعات الغربية مثل ألمانيا، عبرت هدى الفلسطينية عن إعجابها لحرص المغربيات على التمسك بعاداتهن وتقاليدهن، "وهذا ما ألاحظه في زبائني في ألمانيا أو فرنسا، ففي أعراسهم التي يقيمونها يكون الزي المغربي حاضر، يحافظن بذلك على تقاليدهن، مما يجعل الحضارة المغربية تنتقل إلى دول أخرى".
 
أما في ما يخص باللباس الأمازيغي، المعروف بطابعه المتميز، فإن هدى ما زالت لم تقتحم هذا العالم، "لأنه يشكل ثقافة أخرى، وإذا فكرت في عرض أزياء أمازيغية، فلا يمكن المشاركة بقطعة أو قطعتين، بل يجب أن يكون العرض كله مخصص للزي الأمازيغي".
 
وفي محاولة لتعميق النقاش مع هدى والغوص في عالمها الفني، كشفت أنها تستعمل مواد من المغرب، وأخرى مستوردة، دون أن تتحيز إلى هذا الجانب أو ذلك، لأن المهم بالنسبة إليها أن تستعمل كل ما من شأنه أن يضفي جمالية أكثر على الزي، لكن في ما يخص بالأحجار، فإن أغلبها تستوردها من فرنسا، في حين تبقى الهند وجهتها في تسوق الأثواب، "إنها ثقافات العالم التي أجمعها في القفطان المغربي، الذي يلعب من وجهة نظري، دورا دبلوماسيا جوهريا، زبوناتي من السفيرات أو زوجات سفراء، مثلا زوجة السفير الفلسطيني في كل الحفلات يكون هناك الزي المغربي مدمج بالزي الفلسطيني ،أيضا زوجة السفير العماني، وعدد من زوجات السفراء أصبحن يظهرن إعجابا بالقفطان المغربي، دون أن ننسى سفراء مغاربة الذي يقتنون هدايا على شكل قفطان مغربي لإهدائها لزوجات السفراء في الدول الأخرى، في إطار ما يعرف بالمجاملة بين السفراء". المهم أن الدمج بين الحضارات في القفطان المغربي، المصنوع من قبل هدى الفلسطينية، يلقى إقبالا كبيرا. وفي ما يتعلق بالعلاقة بالزي العراقي، تقول إن للعراقيين لباس خاص ورائع، لا يلبس في المناسبات، بل في عروض الأزياء، إنه زي يطرز بالحروف العربية، أو بالآيات القرآنية، فيكون من الصعب على المرأة ارتداءه في المناسبات الخاصة، خلافا مثلا للباس المغربي الذي يمكن استعماله في مختلف المناسبات، وحتى في الأوقات العادية، كما هو الشأن بالنسبة إلى الجلباب المغربي، الذي تفضله هدى كثيرا.
 
وغير بعيد عن فن الخياطة، فإن هدى الفلسطينية تفننت في طهي الأطباق المغربية، مثل الكسكس والدجاج المحمر والطاجين، "زوجي مغربي وأبنائي يعشقون الطبخ المغربي، دون أن أغفل الأكلات الفلسطينية وأيضا العراقية التي أحرص أن تكون حاضرة في مائدة العائلة الصغيرة".

مروة سالم
الاربعاء 2 ماي 2012