نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


هل اندلعت الثورة لتنفيذ المخطط التنظيمي الجديد لسوريا؟




قبل حوالي ثلاث سنوات ذكر أمامي الباحث السوري جورج كدر مصطلحاً جديداً سماه "الهندسة الديمغرافية في سوريا"، أي إعادة توزيع السكان في سوريا حسب خرائط طائفية ودينية ومذهبية وعرقية جديدة. وقد ظننت وقتها أن الأخ جورج قد شطح قليلاً وأن نظريته بعيدة عن الواقع، ولا تعدو كونها شطحة مثقفين.


لكن ما كنت أظنه شطحة بدأ الآن يتحقق أمام أعيننا بشكل فاقع ومفضوح. لم أكن أتوقع أبداً أن سيناريو جورج كدر قد يصبح حقيقة تفقأ العيون، إلا أن ما نراه الآن في سوريا من إعادة توزيع وتطهير ديمغرافي لم يعد بحاجة إلى أي براهين بعد أن راح الجميع، وعلى رأسهم النظام وحلفاؤه الشيعة يقطّعون سوريا ويعيدون تركيب خارطتها البشرية بسكين حاد جداً، وعلى مرأى ومسمع الجميع، لا بل إن الأمم المتحدة تبصم بحافرها على الخرائط الجديدة كما شاهدنا في داريا، حيث أشرفت الأمم المتحدة شخصياً بباصاتها الخضراء على تهجير سكان داريا الأصليين إلى شمال سوريا رغم أنهم عاشوا في داريا لمئات السنين.

سأحاول من الآن فصاعداً أن أفكر من خارج الصندوق. هل كانت الثورة السورية ثورة شعب فعلاً، أم "ثورة" كانت تقف وراءها جهات خارجية عدة، وكانت تريد من خلالها إعادة تشكيل سوريا بشرياً. وربما لم ينتبه النظام السوري للأمر في البداية، لكنه عندما أدرك الملعوب الخارجي، قال لنفسه: بما أن الجميع يريد العبث بالتركيبة السورية، فلماذا لا أدخل أنا اللعبة وأخذ حصتي من الكعكة. وقد لاحظنا أنه ما أن أدرك النظام وحلفاؤه الإيرانيون والشيعة أن اللعبة انطلقت حتى راحوا يمارسون لعبة الهندسة البشرية في سوريا على أكمل وجه. 

لاحظوا كيف تم حرق السجلات المدنية وتهجير سكان حمص من المسلمين السنة وعددهم أكثر من مليون، ولم يُسمح لهم بالعودة إليها. لاحظوا كيف اندفع حزب الله وداعموه الإيرانيون إلى السيطرة على مدينة القصير بمحافظة حمص، وطردوا أهلها قبل سنوات كي يؤمنوا مناطق حزب الله الشيعية في لبنان ويدمجوها بالمناطق السورية.

لقد ظن البعض قبل ثلاث سنوات أو أكثر أنها مجرد خطوة لاستعادة بعض المناطق من المعارضة في معارك الكر والفر، لكن الأيام أثبتت أنها خطة محكمة تقع ضمن مخطط إعادة تشكيل الخارطة السورية ديمغرافياً. 

وحينما نرى حزب الله الآن يطهّر منطقة الزبداني ومضايا الحدودية من سكانها، ويدمر عشرات الألوف من الأشجار ليحفر الأنفاق، ويحول المنطقة إلى منطقة عسكرية نتذكر كيف قام بتطهير القصير قبل سنوات. 

الرابط واضح بين ما فعله بالقصير وما يفعله الآن بالزبداني. ولا ننسى منطقة تدمر المهمة التي لم تأخذ نصيبها من الدعاية الإعلامية المطلوبة، فقد تم تهجير سكانها لأنها تقع على الطريق الذي يصل إيران عبر العراق إلى حمص إلى لبنان حيث معاقل حزب الله. 

لكن لعبة التغيير الديمغرافي في سوريا لا تقتصر فقط على النظام وحلفائه، بل إن أطراف كثيرة دخلت عليها منذ زمن كما أسلفنا، وكانت تخطط لها منذ بداية الثورة، فالأكراد بدعم أمريكي وغربي بدأوا يطهّرون المناطق العربية التي يريدون السيطرة عليها في الشمال منذ سنوات، وربما بتنسيق مع النظام. وعندما نرى القواعد الجوية الأمريكية الجديدة في رميلان تصبح لعبة التمزيق الديمغرافي أكثر وضوحاً. 

هل يا ترى ستكون عملية "درع الفرات" التركية مجرد عملية عسكرية خاطفة لتطهير الحدود التركية السورية من خطر داعش والأكراد، أم إن لها ما بعدها؟ ألم يتعهد نائب رئيس الوزراء التركي بإعادة إعمار المناطق السورية المحررة في الشمال؟ ماذا يعني ذلك؟

ولا ننسى الدور الإسرائيلي في الجنوب، حيث لن تسمح تل أبيب لإيران بالاقتراب من جنوب سوريا، ولهذا فمن المتوقع أن تقتطع حصتها من الجغرافيا السورية. 

ما نراه الآن من مخططات بدأت تتضح. ألا يجعلنا ذلك نعيد التفكير بكل شيء؟ عمليات التهجير القسري والتغيير الديمغرافي والاجتياح الإيراني لسوريا وتقاسم مناطق النفوذ بين الأمريكيين والروس، ودخول قوى كثيرة إلى الأرض السورية بالتنسيق مع النظام ألا تدفعنا إلى التفكير بأنها كانت حركة ملعوبة منذ بدايات الثورة لعبتها قوى خارجية ثم لحق بها النظام وحلفاؤه، فراح ينفذ ما هو مطلوب منه دولياً في سوريا على صعيد التدمير والتهجير وإعادة رسم الخرائط؟ هل كان تدمير حمص وتهجير شعبها المرحلة الثانية من مشروع "حلم حمص" الذي كان قد بدأه المحافظ السابق إياد غزال؟ اليوم يتحدث النظام عن بناء مجمعات كبرى في حي الوعر الذي يعمل الآن على تهجير سكانه الباقين. هل وضع النظام وشركات دولية مخططات تنظيمية للكثير من المناطق التي دمروها وشردوا سكانها، حتى قبل أن تنتهي عملية التهجير القسري. بعبارة أخرى، هل كانوا يخططون لهذه المشاريع منذ زمن طويل، وربما قبل الثورة؟ لاحظوا أن الطيران السوري مثلاً كان يقصف مناطق معينة في مدينة قدسيا بدمشق، ويدمرها تماماً، ويتجنب مناطق أخرى، وكأنه يقول لنا: إن المناطق التي ندمرها مطلوب إعادة بناؤها بشكل مختلف حسب المخطط التنظيمي الجديد لسوريا الذي وضعناه ربما قبل الثورة. لاحظوا كيف بدأت إيران تعيد إعمار داريا بعد تهجير سكانها. ولا ننسى مشاريعها في منطقة المزة بدمشق وتهجير سكانها بحجة تطوير المنطقة.

إن تعقيدات الوضع السوري وتشابكه تدعونا أن نخرج من قوالب التفكير التقليدية، حتى لو بدا تفكيرنا الجديد ضرباً من الجنون والتخريف والسريالية والهلوسة. لا تنسوا أن الكثير من سيناريوهات الأفلام الأمريكية التي شاهدناها قبل عشرات السنين وكنا نعتقد أنها خيالية أصبحت الآن حقيقة واقعة.
--------
اورينت

د.فيصل القاسم
الخميس 22 سبتمبر 2016