نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


هل تنجح الأمم المتحدة في إعادة أطراف الحرب اليمنية للمفاوضات؟






صنعاء - عاودت الأمم المتحدة، عبر مبعوثها في اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، جهودها وتحركاتها الرامية إلى إعادة أطراف الصراع إلى المفاوضات مرة أخرى، لحل الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عامين.


 
وأجرى ولد الشيخ خلال الأسابيع الماضية تحركات شملت لقاء العديد من المسؤولين اليمنيين بينهم الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه على محسن الأحمر، مع زيارته للعاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين ولقائه عبد العزيز بن حبتور، رئيس ما تسمي بالحكومة المشكلة من ( الحوثيين والرئيس السابق، علي عبدالله صالح)، في حين أخفق في لقاء الوفد المفاوض للحوثيين وحليفهم صالح.

وجاءت هذه التحركات بعد ثلاث جولات سابقة من المفاوضات عقدت برعاية الأمم المتحدة خلال الفترة السابقة، في كل من سويسرا والكويت، فشلت كلها في حل أزمة اليمن التي تبدو أكثر تعقيدا.

وفي نهاية شهر آيار/مايو الماضي، قدم ولد الشيخ إحاطته لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في اليمن، داعيا أطراف الصراع إلى الانخراط الفوري في المفاوضات، لتجنب المزيد من إراقة الدماء، ووقف الانزلاق نحو المجاعة، وإعادة الالتزام بالتوصل إلى نهاية سلمية للأزمة.

وقال ولد الشيخ إنه "مع بداية شهر رمضان ينبغي علينا أن نتذكر أن 7 ملايين يمني على حافة المجاعة، وأن ربع سكان اليمن لا يستطيعون الحصول على احتياجاتهم الغذائية".

وأعلن المسؤول الأممي حينها أنه اقترح العمل على تنفيذ توافق من أجل تجنب العمل العسكري في ميناء الحُديدة غربي اليمن الواقعة تحت سيطرة الحوثيين وحلفائهم، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق ينبغي التفاوض بالتوازي معه على ضمان استئناف دفع رواتب الموظفين على مستوى الدولة والمتوقفة منذ تشرين أول /اكتوبر الماضي. تعقيدات الأزمة اليمنية، واتساع الهوة بين طرفي النزاع، جعلت الأمم المتحدة تقترح حل الصراع بشكل جزئي، ابتداء بالعمل على منع العمل العسكري في ميناء الحديدة، والعمل على تنفيذ اتفاق من أجل دفع رواتب الموظفين، بهدف التخفيف من تداعيات الأزمة الكبيرة على السكان .

ودعا المبعوث الأممي إلى تسليم ميناء الحديدة الحيوي لجهة محايدة، بدلا من دخوله خط النار، وهو ما رحب به التحالف العربي والحكومة اليمنية، في حين اعتبر تحالف ( الحوثي- صالح) تسليم الميناء الذي يدخل منه 70% من الواردات والمساعدات، بأنه "ينتهك سيادة البلاد". ومما يزيد الأزمة تعقيدا في اليمن، تمسك طرفي النزاع بمواقفهما المتصلبة، دون تقديم أي تنازلات.

ففي الوقت الذي تطالب فيه الحكومة اليمنية الحوثيين وحلفائهم بالانسحاب من المناطق التي يسيطرون عليها قبل أي اتفاق سياسي، يصمم الأخيرون على ضرورة إيقاف ما يصفوه العدوان( إشارة إلى عمليات التحالف العربي بقيادة السعودية) قبيل أي اتفاق.

وأمام هذه التعقيدات التي تعاني منها الأزمة اليمنية، يتبادر إلى أذهان الكثيرين تساؤل مفاده، هل تستطيع الأمم المتحدة الضغط من أجل إعادة المفاوضات بين أطراف الصراع لحل النزاع؟

على هذا الصعيد قال المحلل السياسي اليمني سمير الصلاحي " لا أعتقد أن المبعوث الأممي قادر على جمع الأطراف لجولة مفاوضات جديدة ، خصوصا في ظل تراجع تحالف( الحوثي - صالح )عما التزموا به في المفاوضات السابقة". وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن الصراع العسكري على الأرض بات مختلفا كليا عما كان عليه سابقا، مشيرا إلى أن كل المناطق النفطية والمواقع الاستراتيجية والمنافذ البرية، و6 من أصل 8 موانئ باتت مع السلطات الموالية للرئيس هادي.

وتابع الصلاحي " إضافة إلى ذلك هناك منطقة باب المندب وخليج عدن والمخا وهي مناطق تهم المجتمع الدولي أصبحت مع السلطات الحكومية، وهذا سيدفع المجتمع الدولي لمزيد من التأييد للحسم العسكري لصالح الشرعية، طالما أصبح في يديها كل مايهم المجتمع الدولي".

وقال المحلل السياسي اليمني إن "عدم إحراز أي تقدم في عمل المبعوث الأممي خلال الفترة الماضية يرجع إلى أن جماعة الحوثي تحمل مشروعا مرتبطا بصراعات تاريخية، وأنها لاتؤمن إطلاقا بالشراكة والديمقراطية" ، لافتا إلى أن الجماعة المسلحة تريد استعادة الإمامة في اليمن، وهو ماجعلها تتعامل مع كل جولة مفاوضات كاستراحة لالتقاط الأنفاس وإعادة التموضع العسكري. وحول ما يفترض أن يكون في سبيل حل الأزمة اليمنية أفاد الصلاحي أن علاج الأزمة يكمن في تنفيذ المخرجات الثلاث ( المبادرة الخليجية ونتائج مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن) المتفق عليها بما فيها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216( قضى في أهم بنوده بانسحاب الحوثيين وحلفائهم من مناطق سيطرتهم). ومضى بالقول "في حال عدم تنفيذ هذه المخرجات الثلاث، فإن اليمن ربما ستستمر في حرب طويلة الأجل سيدفع فاتورتها الشعب بشكل أخص، موضحا أن" تحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين أمر ليس له اهمية للمجتمع الدولي والإقليمي، لذلك ستسير عجلة التحرير بخطوات بطيئة خصوصا إذا ما تم تحرير مدينة الحديدة وهي آخر ورقة اقتصادية يلعب بها زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي".

وفيما يتعلق بأسباب طول الأزمة في اليمن، أشار الصلاحي إلى أن ذلك مرتبط مباشرة بالرئيس السابق، علي عبدالله صالح الذي سلم إمكانيات البلد لجماعة الحوثي، التي كان يمكن القضاء عليها بوقت قياسي لولا الدعم الكبير الذي تحظى به والغطاء السياسي والشعبي من صالح.

ضعف قدرة الأمم المتحدة

الحرب اليمنية التي أدت إلى تفاقم الوضع المعيشي في اليمن، ودفعت الملايين إلى حافة المجاعة، وأدت إلى انتشار الأوبئة وإصابة مئات المئات من المواطنين بوباء الكوليرا، خلال قرابة شهر، جعلت اليمنيين في حاجة ماسة للعودة إلى السلام، عن طريق استئناف المفاوضات التي تتعثر أيضا بالبعد الدولي والإقليمي، وليس بالبعد المحلي فقط.

يقول الباحث السياسي توفيق السامعي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن أزمة اليمن تتمثل في خلافات بين مشاريع ودول كبيرة، قبل أن تكون خلافات يمنية - يمنية. وأضاف أن " الأطراف اليمنية ليست إلا ممثلة لهذه الأطراف الدولية والإقليمية ومشاريعها المختلفة، مشيرا إلى أن المبعوث الأممي ليس سوى موظف علاقات عامة أو مراسل بريدي، لا قدرة له على اتخاذ القرارات الحاسمة أو المقنعة لأي من الأطراف".

وتابع السامعي " فيما مضى جرت الكثير من المفاوضات والاتفاقات منذ أن كان الحوثيون في صعدة( المعقل الرئيس للحوثيين) قبل الانقلاب على السلطة، وكان آخر اتفاق بين الجميع هو اتفاق السلم والشراكة الذي فرض بقوة السلاح من الحوثيين بعد سيطرتهم على صنعاء نهاية أيلول/سبتمبر 2014 ، وبرعاية ودعم وضغط أممي أيضاً كان على رأسه المبعوث السابق جمال بنعمر، ورغم ذلك تم نقض هذه الاتفاقات ليراد للمشاريع الدولية والإقليمية أن تمضي حتى النهاية، حسب السامعي.

واضاف الباحث السياسي اليمني بالقول" قد يعود اليمنيون لطاولات المفاوضات، لكن المهم ليس العودة للمشاورات، بل الاتفاق على إنهاء الاقتتال والحرب"، مشيرا إلى أن تداخل المشاريع الخارجية وتقاطعها في اليمن هي أهم العوائق أمام اتفاق أطراف الصراع .

واتهم السامعي إيران بأنها مصممة على التمدد في المنطقة والتحكم بمضيق باب المندب، وهذا الأمر يقابله تصميم عربي على منع إيران من ذلك.

وقال إنه" لا يمكن أن تفرض حلول سياسية على الأرض بدون ضغوط عسكرية موازية.. . من لديه التقدم عسكرياً هو الذي يفرض نفسه ومشروعه على الأرض". واختتم بالقول" كل ماذكر يؤكد إطالة أمد الصراع في اليمن واستنزاف الجميع في الداخل والخارج، ويعمل على تدمير البلاد وعدم تعافيها على المدى القريب.

الخارج يملك زمام الأمور

استمرار الأزمة اليمنية دون حل منذ أكثر من عامين، جعل محللون يقولون إن الصراع اليمني أصبح في يد الفاعلين الدوليين والإقليميين، وهو ما يجعل خيار المفاوضات بين الأطراف اليمنية، غير مجدي، إن لم يتفق الفاعلون الخارجيون مع العامل الداخلي. وعلى هذا السياق يقول الكاتب والباحث السياسي اليمني، ثابت الأحمدي إن " القضية اليمنية لم تعد يمنية"، مشيرا إلى أن زمام الحل قد أفلت من يد اليمنيين أنفسهم وصار بيد آخرين إقليميا ودوليا.

وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "أن مسألة مفاوضات طرفي النزاع اليمني مع ولد الشيخ حالة من العبث والترف التي لا طائل منها خاصة أن الأمم المتحدة ومندوبيها لم يعودوا يحظون بأي مصداقية لدى الأوساط الشعبية بعد المسرحية العبثية والهزلية الطويلة التي لعبها المندوب السابق جمال بنعمر وانكشفت سوأتها آخر المطاف".

وقال الأحمدي إن ولد الشيخ بات مجرد وسيط وناقل مقترحات بين طرفين يرى الشارع أن اتفاقهما مشكلة واختلافهما أيضا مشكلة، مشيرا إلى أن لغة الحوار تبدو منعدمة أصلا بينهما، وهذا يؤكد ألا تفاهم إلا بالقوة العسكرية الحاسمة، وأن الخيار العسكري هو الأقرب اذا ما أريد حل القضية مستقبلا علی صعوبته. وتابع الأحمدي أن " المفاوضات ليست مجدية بأي حال من الأحوال مع الحوثيين لأن الحلول السياسية تعمل علی إعادة خلقهم من جديد في المشهد السياسي القادم وهو ما يرفضه اليمنيون أصلا".

وحول طول الأزمة اليمنية أفاد الباحث السياسي الأحمدي أن هناك تعمدا من قبل بعض قيادة السلطات الحكومية الموالية للرئيس هادي الذين رأوا في الحرب تجارة مربحة لهم، مشيرا إلى أنهم قد صاروا بموجبها تجارا كبارا. واختتم بالقول" بعض القيادات الكبيرة اليمنية ستنتهي فاعليتها السياسية بمجرد انتهاء الحرب والانتقال الی مربع جديد من الحياة السياسية وهو ما لا يتفق ورغباتها، فهي تعمل علی إطالة الحرب من أجل البقاء علی رأس السلطة السياسية لمزيد من الكسب اللامشروع".

امل اليريسي
الاثنين 26 يونيو 2017