لكن دي ميستورا لم يشأ أن يمنح الوفد هذا الشرف امام شعبه ٫ وناور كعادته منتظرا ان يصل حجاب الى جنيف لعله يقنع الوفد بالاجتماع معه ٫ ففوجئ ثانية بامتناع رياض حجاب عن الذهاب الى الامم المتحدة بعد ان صار في جنيف الامر الذي اضطره ان يأتي الى فندق بريذدنت ولسون الذي لا يبعد كثيرا عن مقره لكن رمزية عدم ذهاب وفد الشعب السوري أحرجته ٫ وكان يخاف من الاحراج الاكبر حتى بعد ان اجتمع مع حجاب لذا سارع الى اعلان تعليق المفاوضات بنفسه كي لا يعطي الوفد السوري موقفا وطنيا امام شعبه ٫ وفي هذه رب ضارة نافعة فقد اراد دي ميستورا رفع الحرج عن نفسه ٫ فرفعه دون ان يقصد عن الآخرين ٫ هذا ماحصل نظريا لكن عمليا ٫ علقت المفاوضات منذ اعلنت موسكو عن لقاء بميونيخ في الحادي عشر من الشهر الحالي لمجموعة فيينا ٫ وتم ذلك قبل ان يصل وفد المعارضة لجنيف ٫ وكان غياب بوغدانوف والمبعوث الاميركي من مؤشرات الفشل المسبق الذي ما كان يمكن تحاشيه ٫ والذي اكتمل بالغاء حضور لافروف وكيري لجنيف بعد الاعلان عن حضورهما رسميا ٫ وقد اراد الروس ان يقولوا للجميع بقصفهم الوحشي لحلب وريفها لا يمكن ان تسير الامور الا وفق رغباتنا ٫ وكانت رغباتهم قد كسرت باهمال شخصيات قائمة موسكو التي اقترحوها لوفد المعارضة ٫ وحاولوا فرضها بالقوة كما كسرت رغبتهم باستبعاد احرار الشام وجيش الاسلام عن الوفد ٫ فلم يبق أمامهم الا التصعيد العسكري لاعادة الجميع للمربع الاول ٫ وقد عادوا ٫ وهي عودة لن تخدم الروس كثيرا فقد اقتنع العالم بأجمعه قبل السوريين انه لا حل سياسي في سوريا بوجود زعيم مافياوي في موسكو ٫ وزعيم جبان ومتردد في واشنطن ٫ هذا الادراك يوقف التشتت بين تيارين في الشعب السوري ٫ وينزع حجج الذين كانوا يضغطون لتجريب حل سياسي امكانية نجاحه تحت الصفر ٫ ويجعل الجميع يركزون على معركة التحرر من الاحتلالين الروسي والايراني ٫ وهي معركة قد تطول لكن لا خيار للشعب السوري إلا خوضها والانتصار فيها لأن كل الخيارات الأخرى قد أحرقت بغباء عصابة أسدية حاكمة لم يبق لها من الحكم الا اسمه بعد ان تحول عميلها بشار الكيماوي الى بيدق يتلاعب به الجميع ٫ ويظن مع اي تقدم عسكري طفيف ان المعركة حسمت لصالحه ٫ وهي معركة لا يمكن ان تتوقف ويكون لها نهاية سياسية - مهما كان اتجاه الريح - الا على حسابه وحساب عصابته ُ٫ فهذه المعركة كيفما ارادوها واداروها ليس لها الا نهاية وحيدة هي سقوط بشار الكيماوي وعصابته ونهوض سوريا الجديدة