نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


اليمن... انقطاع مرتبات المعلمين يقتل آمال الطلاب في التعليم






صنعاء "العلم أساس بناء المجتمعات، فإن ضاع ضاعت الأجيال وضاع مستقبلهم، وأطفال اليمن اليوم تائهون وسط كل هذا"، هكذا تقول، حياة سعيد، معلمة يمنية في إحدى المدارس الحكومية في صنعاء.
سعيد/ 47 عاما/ متزوجة ولديها أربعة أبناء، تعمل في مجال التعليم منذ أكثر من عشرين عاما.
تقول سعيد لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، "لم يعد التعليم في اليمن كما كان في السابق، (أي قبل الحرب)، اليوم معظم المدارس دون معلمين ومعظم أيام فصول السنة لا تعليم فيها نتيجة عدم حصول الكادر التعليمي على مرتبات تمكنه من ممارسة المهنة".


 

تعيش سعيد، ظروفا صعبة هي وأسرتها على حد قولها، بعد أن فقدت مصدر رزقها الوحيد، وتضيف "أكثر من عامين ومرتبي منقطع، استلم نصف مرتب كل أربعة أشهر تقريبا أي حوالي40 الف ريال يمني (70 دولارا) ... فكيف لنا أن نعيش حياة كريمة، وزوجي قد فقد وظيفته ايضا جراء الحرب ؟".
" نعيش على بعض المساعدات من فاعلي الخير ، وعلى نصف مرتب قد أحصل عليه كل بضعة أشهر"، هكذا تضيف سعيد بحرقة، متمنية تحسن الوضع في بلادها.
وتضيف :"لا يوجد تعليم في اليمن نتيجة لهذه الظروف ونتيجة لظروف الحرب، كل ذلك تترتب عليه أثار سلبية على الأطفال المحرومين من التعليم، وعلى المعلمين أنفسهم، وعلى أسرهم".
ومنذ حوالي عامين ونصف، لا يزال معظم المعلمين في اليمن، يعيشون بدون مرتبات نظامية، ما أدى إلى خلق ظروف معيشية صعبة لهم ولعائلاتهم الحالمة بتوفير الاحتياجات الأساسية من أجل مواصلة الحياة في ظل ظروف الحرب والمأساة التي صنعها الصراع المستمر منذ نحو أربعة أعوام.

وشكل نقل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، البنك المركزي من العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، إلى مدينة عدن في أيلول/ سبتمبر 2016، ضربة كبيرة للمعلمين الذين لم يتسلموا مرتباتهم منذ ذلك الحين، والذين يقع معظمهم في مناطق تحت سيطرة جماعة أنصار الله الحوثية.
وتتبادل أطراف الصراع اليمني، الاتهامات بخصوص المتسبب بإيقاف تسليم هذه المرتبات.
ففي الوقت الذي تؤكد جماعة الحوثي، أن سلطات هادي هي المسؤولة عن ذلك، كونها قامت بنقل البنك المركزي من صنعاء؛ تقول الحكومة اليمنية الشرعية إن الحوثيين هم المتسببون كونهم لم يسلموا الإيرادات المالية الكبيرة في مناطقهم إلى البنك المركزي في عدن ليتسنى لها توفير المرتبات.
وأدى توقف المرتبات عن المعلمين، إلى تدهور حاد في العملية التعليمية باليمن، خصوصا في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، التي تمثل الكثافة السكانية العالية في البلاد.
كما أدى عدم تسلم المعلمين لأجورهم إلى لجوء العديد منهم إلى الإضراب عن العمل، في حين لجأ البعض إلى البحث عن فرص عمل أخرى، من أجل إعالة أفراد أسرهم، ما أدى إلى توقف التعليم بشكل كلي في بعض المدارس.
وحتى اليوم، لا يزال اليمنيون يعانون من عدم تعليم أطفالهم في المدارس الحكومية بشكل مستمر وكاف، بسبب إضرار المعلمين في الكثير من المدارس، وهو ما جعل البعض يشير إلى أن العملية التعليمية في البلاد باتت بالفعل "شبه متوقفة".

ويقدر عدد المعلمين اليمنيين، الذين يعانون من مأساة انقطاع المرتبات، حوالي 130 ألف معلم.
أوجاع انقطاع الراتب

أدى انقطاع المرتبات عن المعلمين إلى خلق أوجاع حقيقية لديهم ولأسرهم الفقيرة، ووسع ذلك من رقعة المأساة المعيشية لدى الكثيرين.
فارس عبدالله، معلم يمني في إحدى المدارس الحكومية بصنعاء، يشكو من عدم تسلم مرتبه منذ عامين ونصف.
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ)، إنه يعيش ظروفا معيشية صعبة جراء انقطاع المرتبات.
ولفت إلى أن إدارة مدرسته فرضت عليه مواصلة تعليمه الطلاب رغم عدم تسلمه لراتبه، مشيرا إلى أنه واصل التدريس خشية فصله الدائم وخسران وظيفته، بعد أن تلقى العديد من المدرسين تهديدات بالفصل، إذا لم يواصلوا عملهم .
وتابع" كيف لنا أن نواصل التدريس ونحن لا نستطيع توفير المتطلبات الأساسية لأسرنا... نريد راتبا كي نعيش".
ومضى قائلا إن" هناك مدرسين استطاعوا مواصلة الإضراب، والبحث عن فرص عمل أخرى من أجل مواصلة العيش".
وعبر عن أمله في انتهاء الحرب باليمن، وتوافق الأطراف المتصارعة من أجل إعادة دفع مرتبات المعلمين وجميع الموظفين الذين انقطعت مرتباتهم.
معلمون يبحثون عن وجبة فطور
مأساة المعلمين في اليمن، جعل البعض يطالب بضغط دولي على أطراف الصراع من أجل العمل على حل أزمة المرتبات، خصوصا في ظل تدهور الوضع المعيشي للمدرسين بشكل كبير.
وقال باحث وناشط تربوي يمني، فضل عدم ذكر اسمه، لاعتبارات أمنية، إن الوضع السيئ والمخيف جدا الذي يعيشه المعلم في بلاده، قد انعكس سلبا على ما تبقى من هامش تعليمي.

وأضاف لـ (د.ب.أ)، أن" التعليم في اليمن، بات يعاني أسوأ تدهور بين بلدان العالم أجمع".
ولفت إلى أن عددا كبيرا من المعلمين اليمنيين، باتوا يعيشون بلا مرتبات... متسائلا "كيف نتوقع من معلم أن ينتج أفكارا تعليمية، وأن يؤدي مهمته، وهو وأسرته دون وجبة فطور؟".
وتابع" هناك عملية إضراب في كل المحافظات التي توقف فيها صرف أجور المعلمين، مشيرا إلى أن الإضراب المعلن أدى إلى توقف حركة التعليم للفصل الدراسي الثاني بشكل كلي في معظم مدارس المحافظات، في حين هناك مدارس أخرى لا يتواجد فيها سوى المدراء وبعض المتطوعين".
وحمل الباحث اليمني، الحكومة الشرعية في المقام الأول، مسؤولية ذلك، لأنها، حسب قوله، هي من تنصلت عن مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية في حل أزمة المعلمين.

ومضى قائلا" لم تقم الحكومة بواجبها تجاه المعلمين النازحين من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين حيث نزحوا واستقبلتهم وزارة التربية في عدن واستكملت إجراءاتهم الإدارية، ومارسوا أعمالهم في المحافظات الخاضعة لسلطة الشرعية، لكنهم بلا مرتبات حتى الآن".

ودعا المجتمع الدولي وكل المنظمات في العالم، الوقوف مع المعلم اليمني، بالضغط على كل الأطراف لصرف مرتبات المعلمين الذين يعولون ملايين الأسر.
دعم ألماني يخفف مأساة التعليم

معاناة آلاف المعلمين المستمرة، يسمع بها الكثيرون، لكن القليل من تنبه لهم وقام بمساعدتهم وعونهم والتخفيف من آلامهم.

وكان الدعم الألماني حاضرا في تخفيف أوجاع العديد من المعلمين، عن طريق مشروع دعم مرتبات وخدمات بعض المدارس.
و تقول ابتسام المطاع مديرة مشاريع منظمة "حياتي كرامتي" في اليمن إن المنظمة تقوم بدعم ألماني، بتقديم المرتبات للمعلمين في مدرستي القيروان بمنطقة حدة في العاصمة صنعاء ومجمع الوفاء في منطقة ضوران بمحافظة ذمار(أكثر من 100 كيلو متر جنوبي صنعاء).
وأضافت في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ)، أنه يتم تقديم الاحتياجات الأساسية للمعلمين والعاملين في المدرستين، مثل توفير خدمات الاتصالات والمياه النظيف وأقلام الكتابة، بدعم من منظمة "حياتي كرامتي" الألمانية".

وذكرت أن المدرستين تحتويان على قرابة 75 معلما، إضافة إلى العاملين الآخرين، وكلهم يتلقون الدعم.
وأشارت إلى أن المعلمين عبروا عن امتنانهم وسعادتهم لهذا الدعم الألماني الذي عمل على مواصلة التعليم في هاتين المدرستين، وأدى إلى تحسين ظروف معيشتهم جراء انقطاع المرتبات.
وأفادت بأن التعليم في المدرستين يسير بشكل سلس وطبيعي كما كان قبيل اندلاع الحرب، وذلك بفضل الدعم الألماني المقدم الذي حافظ على تعليم العديد من الطلاب.

وعبرت المطاع عن أملها في زيادة الدعم الألماني لقطاع التعليم في اليمن، من أجل تقديم المرتبات والخدمات لمدارس أخرى، كي تستمر العملية التعليمية بشكل جيد كما كانت قبل الحرب.
وحول سردها لواقع التعليم العام في اليمن في الوقت الحالي، أشارت المطاع إلى أنه للأسف أصبحت العملية التعليمية شبه متوقفة بفعل إضراب العديد من المعلمين الذين يطالبون بتسليم رواتبهم المتوقفة منذ أكثر من عامين.
من جانبه، عبر حسين علي محي الدين مدير مدرسة القيروان بصنعاء، عن امتنانه للدعم الألماني الذي كان له تأثير إيجابي كبير على استمرار العملية التعليمية في مدرسته الحكومية.
وأضاف في تصريح لـ (د.ب.أ) أن "الدعم الألماني أثر بشكل إيجابي غير عادي... رغم أن المبالغ المالية ليست كبيرة؛ لكنها ساعدت على عون المعلمين واستمرار العملية التعليمية".
ولفت إلى أن هذا الدعم ساعد المعلمين في معيشتهم الصعبة التي يعيشونها جراء ظروف الحرب وانقطاع المرتبات.
وعبر محيي الدين عن شكره للدعم الألماني الذي ساعد في تقديم الخدمة التعليمية لحوالي 800طالب في المدرسة.

كما أعرب عن أمله في زيادة المنح المالية التي يتم تقديمها للمعلمين، من أجل أن يتحسن الوضع المعيشي للمعلمين والعاملين، خصوصا مع ارتفاع الأسعار وسوء الأوضاع المعيشية التي تعاني منها اليمن.

د ب ا
الجمعة 22 مارس 2019