نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


انتحار الصقر





بعد قيام "الأمن العام" في لبنان بتسليم 5 سجناء سوريين معارضين إلى نظام الأسد، وصلني خبرٌ يفيد بأنَّ بقية السجناء السوريين المهدَّدين بالتسليم قاموا بتعليق مشانقهم احتجاجاً، وأنَّ اثنَيْن منهم قاما بشنق نفسَيْهما فعلاً.

***


حكايات كثيرة طالما سمعتها في طفولتي عن بعض الطيور الجارحة، منها اثنتان أثَّرتا بي كطفلٍ، وقتذاك، وألهبتا عاطفتي:
 
الأُولى أنَّ الصقر إذا وضعته في قفصٍ يقوم بقتل نفسه. بل يقال إنَّ الصقر ما أن يتمَّ اصطياده حتى تتسارع ضربات قلبه ويحاول الانتحار. ولذلك دأب الصيَّادون على طمر جسد الصقر - فور أسره - في التراب، مع إبقاء رأسه خارجاً، ورشّ الماء حوله حتى يعتاد واقعه الجديد.
 
والثانية أنَّ النسر حين يصل إلى آخر العمر يقوم بالتحليق إلى أعلى ما يستطيعه، ثمَّ يطوي جناحَيْه تاركاً جسده ليهويَ من عليائه، في سقوطٍ حرٍّ، نحو حتفه المحتوم.
 
بالطبع، ما يجمع بين الحكايتَيْن ليس الانتحار فحسب، وإنما "الكرامة" إذا جاز لنا إطلاق هذه الصفة الإنسانية على طائرَيْن. فالصقر ينتحر حين تُسلَب منه حرّيته، والنسر ينتحر حين تُسلَب منه قوَّته.
 
إنَّ الكرامة، بهذا المعنى، تكاد أن تكون شأناً غريزياً لدى بعض الحيوانات، فكيف لا تكون كذلك لدى بعض البشر!
 
***
 
السجناء السوريون الذين علَّقوا مشانقهم بأنفسهم، عادوا إلى غريزتهم واستهدوا بوحيها، كما تفعل الصقور والنسور. ما تبقَّى لهم من كرامةٍ إنسانيةٍ لن يغامروا به في مكان معادٍ للكرامة الإنسانية.
 
لقد سجنهم حلفاءُ الأسد في لبنان لأسباب سياسية بحتة، وها هم يبدأون بتسليمهم إلى سجونٍ ربما لن يتسنَّى لهم فيها ظهور "قيصر" آخر يقوم بتسريب صور تعذيبهم.
 
ولأنه سبق لي أن عشتُ حالةً مماثلةً لهذه الحالة، قبل سنوات من الثورة، حيث سُجنتُ لدى "الأمن العام" في لبنان بنيَّة تسليمي إلى نظام الأسد، أفهم ما يشعر به الذي فضَّلَ الانتحار على الوقوع في يد جلَّاد سادي ومريض.
 
أفهم كيف يكون الموتُ خياراً منطقياً ومُقنعاً في محطَّةٍ حاسمةٍ من حياة الإنسان.
 
أفهم كيف ينبت للسجين – في لحظةٍ معيَّنةٍ - جناحا صقر يطيرٍ بهما إلى حبل المشنقة.
----------
رمان الوصل
 

ماهر شرف الدين
الثلاثاء 15 أكتوبر 2019