نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


زينب حيدر..صعيدية تحررت بالفن وانطلقت نحو الحرية




الأقصر - كثيرة هى الحواجز التى تقف عائقا أمام مسيرة النساء والفتيات المبدعات بقرى ومدن صعيد مصر، لكن قليلات هُنً من استطعن تجاوز تلك الحواجز، ويتحررن من قيود الموروثات المجتمعية العتيقة ، لينطلقن إلى عوالم الحرية والإبداع.


زينب حيدر
زينب حيدر
وزينب حيدر، أو " زوزو كعابيش " كما تحب أن يناديها الناس، واحدة من الفتيات اللاتى، تحدين موروثات المجتمع وعاداته وتقاليده المعادية لعمل المرأة وخروجها من دائرة " الزوجة – ربة المنزل – الأم " وباتت تتمتع اليوم بما اسمته بالحرية المسؤولة، فصارت من فتاة تجيد الطبخ والخبيز وخدمة العائلة فى المنزل، إلى مدربة فى مجال العمل على نول النسيج اليدوى، ثم مصورة فى الأفراح وهى الأولى التى تعمل بذلك المجال فى صعيد مصر، ثم مدربة لدى مؤسسات محلية ودولية فى مجالى فنون المحاكاة النهوض بالمرأة والفتاة والمجتمع. وتقول زينب وهى تروى لـوكالة الأنباء الألمانية ( د . ب أ ") قصة كفاحها ضد الموروثات التى تكبل مسيرة النساء حتى اليوم فى مدن وقرى صعيد مصر، إنه " بدون الحرية لا يصبح الانسان إنسانا " ، وأن قرار التغيير – تغيير مسار الحياة بالنسبة لفتاة – قرار ليس صعبا ، لكن رفض الواقع ليس سهلا، وأن بداخلنا قيودا من السهل أن " نكسرها " لكن لو وضعنا اقدامنا على الطريق الصحيح. وتروى زينب كيف حرمت من الكثير من أحلام طفولتها مثل أن " تركب دراجة " التى يحظر على الفتيات ركوبها فى صعيد مصر، وأنها حلمت أن تكون فى مكان كان من الصعب أن تكون فيه بحكم عادات وتقاليد مجتمعها لكنها نجحت، وبعد معاناة، فى تحقيق حلمها وأن تكون الشخصية التى أرادت أن تكونها. قصة زينب فى تحقيق حلمها فى التخلص من قيود مجتمعها والانطلاق فى رحلة عمل تخطت حدود قريتها ومدينتها ومحافظتها ووطنها مصر إلى بلدان أخرى، وتجربتها المتفردة فى النجاح وتحدى الصعاب، تحولت إلى عنوان وموضوع لفيلم وثائقى ينال الجوائز فى المهرجانات الفنية. فقد لفتت قصة كفاح زينب ضد القيود الموروثة ،التى تكبل النساء والفتيات بصعيد مصر، وتمكنها من كسر تلك القيود وانطلاقها نحو تحقيق ذاتها وإثبات وجودها كفرد فاعل فى المجتمع المحيط بها، لفتت أنظار المخرج المصرى مراد السيد، الذى رصد مسيرة حياة زينب وأغلب محطاتها فى فيلم وثائقى أطلق عليه اسم " زينب ". وكما تقول الناقدة المصرية رشا سلامة، فإن فيلم "زينب" ليس مجرد فيلم عن فتاة استطاعت أن تفك القيود التى أحاطها بها " مجتمعها الريفي الصعيدي " لتنطلق باحلامها بعيدا عن عادات وتقاليد تمنع الفتاة من مجرد السعي في الدنيا كإنسان عادي، ولكنه فيلم يسلط الضوء من جديد على قضية الحرية التي يتضاءل حجمها كلما توغلنا إلى قلب الريف المصري، وأنه على الرغم من أننا دخلنا الالفية الثانية منذ زمن بعيد، إلا أن الكثير من النساء والفتيات المبدعات ، مازلن يواجهن تحديات كبيرة، وبعضهن نجحت فى تحدى تلك التحديات ، وبعضهن أخفق في تحقيق الانتصار على تلك التحديات فماتت أحلامهن. في الفيلم؛ استطاعت زينب أن تنتصر على الخط المستقيم الذي رسمه مجتمعها في مركز إسنا التابعة لمحافظة الاقصر بصعيد مصر للفتاة؛ وهي أن تنتهي من دراستها وتتزوج دون أن يكون هناك اهتمام أو مراعاة لاحلام الفتاة ورغباتها وامنياتها. و مازالت هناك مجتمعات تفترض أن خروج الفتاة هو بمثابة السماح لها بان تخطئ ، لكن حظ زينب كان في والد آمن بها وبقدرتها على تحمل المسؤولية التي سبق واظهرت فيها قوة، حينما تولت مهمة تربية اشقائها بعد وفاة والدتها وهي في سن 15 عاما. وبحسب رشا سلامة، فإن المجتمعات في حاجة متجددة لمثل هذا النوع من الأفلام ، لتكشف لنا عن الكثير من النساء والفتيات التى تشبه قصصهن قصة زينب ، والفتيات اللاتي يعشن مقيدات بعادات وتقاليد عتيقة ، باتت لا تناسب متطلبات الحياة وتحدياتها اليوم، وخاصة الفتيات والنساء اللاتى يقفن مقهورات أمام تسلط الاخرين، ويرضخن لقراراتهم. يذكر أن مؤسسات المجتمع المدنى بمصر، كانت قد رصدت الكثير من معانات مبدعات مصريات، تعرضن لمشكلات كبيرة ، وصلت لحد تعرض حياتهن للخطر، جراء قيامهن بتحدى العادات والتقاليد المجتمعية المتوراثة منذ مئات السنين، إذ كادت إحدى الكاتبات أن تفقد حياتها بسبب رواية اصدرتها وسجلت تفاصيلها قصة حب بين شاب وفتاة، فيما أنهت شاعرات وأديبات مسيرتهن الأدبية مبكرا بعد أن منعن من حضور المنتديات والأمسيات الثقافية والشعرية، ووقفت حالة الحصار التى فرضها المجتمع عليهن عائقا أمام اصدار مجموعات قصصية أو شعرية أو روايات. وتقول إيناس السيد، نائب رئيس تحرير جريدة الوفد بمصر، والمتخصصة فى قضايا المرأة والإبداع، إن النساء المبدعات فى صعيد مصر، لا يمكنهن التعبير عن مشاعرهن شعرا أو نصا لأن ما يقمن بكتابته ينظر له على أنه تجارب شخصية لهن، فبتن لا يستطعن الكتابة عن الحب مثلا. كما أن مؤسسات مدنية ومجتمعية عدة، نشطت فى محاربة تلك الموروثات الإجتماعية التى تحول دون نهوض نساء الصعيد، وتقف عائقا أمام ابداعهن، لكن موروثا هائلا من العادات المكبلة للمرأة لازال يحتاج الكثير من الجهود المجتمعية للقضاء عليه من أجل تمكين المرأة من العمل والإبداع.

حجاج سلامة
الخميس 12 سبتمبر 2019