نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


سكان غزة يجدون أنفسهم بين موت وموت دون حل يلوح في الأفق





غزة - عماد عبد الجواد - نادرة هي المقتنيات التي خرجت من بين ركام منزل سكني دمر فوق رؤوس ساكنيه الفلسطينيين في قطاع غزة بفعل غارة إسرائيلية.

ومن بين ما خرج ظل مشهد دراجة نارية وكرة صغيرة الأقسى في نفوس الحضور، إذ لم يعد الطفلان الشقيقان معاذ /7 أعوام/ ووسيم /13 عاما/ أبو ملحوس حاضران للهو بهما مجددا.
وقتل الشقيقان مع ستة من أفراد عائلتهما من ضمنهم اثنان من أشقائهما ووالدتهما فجر يوم الرابع عشر من الشهر الجاري خلال أحدث جولة توتر بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.


حكومة غزة  ..ملفات كثيرة دون حل
حكومة غزة ..ملفات كثيرة دون حل
ومن بين القتلى في الحادثة نفسها الطفلة ريم /8 أعوام/ التي عثر على حقيبتها بين الأنقاض، وظهرت أخر كلماتها في كراستها المدرسية تتحدث عن الحق والاختلاف في الرأي، لتحضر الحقوق في ذهن الطفلة وتغيب في الواقع.
مقتنيات أخرى ظهرت بين الركام أغلبها انتشلها أصدقاء للأطفال القتلى ظلوا يبحثون عن ما تبقي من ألعاب كانت تجمعهم في لحظة فرح لن تتكرر كما رددوا.
وقال أحد جيران العائلة للصحفيين إنهم فزعوا بعد منتصف الليل على دوي انفجار كبير اتضح أنه استهداف من طائرات حربية إسرائيلية للعائلة المفجوعة ما أدى إلى تدمير المنزل بالكامل على رؤوس ساكنيه.
بموازاة ذلك وعلى سرير العلاج ترقد الشقيقة الأكبر للأطفال القتلى نرمين تتعالج من جروح خطيرة دون أن تدرك شيئا عن علاقتها المبكرة مع فقدان أحبتها وعن تطورات مسار علاج والدها المصاب كذلك بجروح خطيرة.
وبلغ إجمالي حصيلة القتلى الفلسطينيين في جولة التوتر الأخيرة في غزة التي استمرت نحو 48 ساعة 34 قتيلا بينهم 8 أطفال و3 سيدات، فيما بلغت حصيلة المصابين 111 جريحاً بينهم 46 طفلاً و20 سيدة.
وبدأت جولة التوتر باغتيال إسرائيل القيادي العسكري في حركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا وزوجته فجر الثلاثاء تبعه رد الحركة بإطلاق عشرات القذائف الصاروخية على إسرائيل.

وهذه الجولة تعد الأحدث في مسلسل مستمر منذ سنوات من العنف والتصعيد الميداني فيما يبقي المدنيون يدفعون الثمن الفادح لذلك بأرواحهم وممتلكاتهم.

وشنت إسرائيل ثلاثة حروب على قطاع غزة في الفترة من 2008 إلى 2014 خلفت في مجموعها ما يزيد عن 3500 قتيل فلسطيني ودمار واسع في المنازل والبني التحتية.

لكن منذ الحرب الأخيرة صيف عام 2014 التي استمرت لخمسين يوما كاملة، اندلعت أكثر من 15 جولة توتر متفرقة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل وعادة ما تستمر لأيام وتنتهي بوساطات مصرية ومن الأمم المتحدة مخلفة عشرات القتلى.
فضلا عن ذلك قتل أكثر من 300 فلسطيني في احتجاجات أسبوعية ينظمها الفلسطينيون في إطار مسيرات العودة قرب السياج الفاصل مع إسرائيل لمطالبتها برفع حصارها المفروض على القطاع منذ عام نحو 13 عاما.
ويقول مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة عصام يونس إن سكان القطاع مضت عليهم كل سنوات الحصار والحروب وهو في واقع الحال بين موت وموت "بفعل عدوان مستمر وحصار مشدد".

ويشير يونس في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إلى أن هذا الواقع "له تأثيرات خطيرة وكارثية على مختلف مناحي حياة سكان غزة والضحايا على وجه الخصوص من الأطفال والنساء".
ويضيف أن "ثلاثة حروب وجولات متكررة من التصعيد العسكري تمثل استمرار لحالة خطيرة بقصد إيقاع الأذى البالغ في صفوف المدنيين المحمين بموجب قواعد القانون الدولي ".
ومع تكرار جولات التوتر وغياب أفق جدي للسلام فإن أبرز سمات حياة سكان غزة أصبحت تتمثل في غياب الأمن الشخصي المعيشي والاقتصادي إذ لا أحد منهم يمكنه أن يتنبأ متى يأتي التصعيد القادم ومن هم الضحايا هذه المرة.
ويعد قطاع غزة واحدا من أكثر مناطق العالم اكتظاظا إذ يقطنه نحو مليوني نسمة في منطقة جغرافية محدودة لا تزيد مساحتها عن 365 كيلو مترا.

ويقول يونس إن 95% من سكان غزة يعيشون مرحلة ما بعد الصدمة النفسية "حيث لا يوجد ما هو محصن والقصف يشمل المنازل ومنشآت مدنية في كل جولة توتر في انعدام كامل للأمن الشخصي".
ويضيف أن "ترك كل هذا العدد من المدنيين من دون حد أدنى من المسائلة والمحاسبة للجناة وهو الأمر الأخطر لأن غياب المحاسبة يؤدي إلى ما هو أسوأ ويعطي تفسيرات لسبب تكرار قتل المدنيين الفلسطينيين".

وصرح مدير عمليات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا في غزة ماتياس شمالي أنه "من غير المقبول بتاتا أن يفقد المدنيون، وخصوصا الأطفال حياتهم بهذه الطريقة المروعة".
وقال شمالي في بيان إن الأطفال في غزة "يجب أن يكونوا يدرسون ويستمتعون بطفولتهم ويعدون العدة للمستقبل"، مضيفا: "علينا أن نعترف وأن نعالج الآثار النفسية الاجتماعية أيضا، والمخاوف والصدمات الدائمة التي تتركها مثل هذه التصعيدات على السكان".

وبعد دفن الضحايا وبقاء الحزن الأبدي عليهم داخل نفوس ذويهم ومعارفهم، فإن ركام المنازل المدمرة يبقي الشاهد على مأساة المتضررين وقد أضيفوا لقائمة تضم الآلاف ممن تشردوا طوال الأعوام الماضية وأغلبهم لا يزال ينتظر الإعمار مجددا.
وأعلن مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة التابع لحركة حماس سلامة معروف أن الجيش الإسرائيلي شن خلال يومين في جولة التوتر الأخيرة 90 غارة جوية ومدفعية على مناطق متفرقة من قطاع غزة.

وأوضح معروف في بيان أن هجمات إسرائيل خلفت خسائر مادية مباشرة قيمتها ثلاثة ملايين دولار بحسب التقديرات الأولية، فضلًا عن الخسائر غير المباشرة، فيما تعرضت 500 وحدة سكنية لأضرار بين جزئية وبليغة وكاملة.

عماد عبد الجواد
الاثنين 18 نونبر 2019