نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


عروض الزواج "تحت تهديد السلاح" تلقى رواجا في روسيا




توقعت أناستاسيا أن يكون صديقها سيرغي في انتظارها لدى وصولها في الطائرة إلى مطار بطرسبرغ، لكنها وجدت في المقابل رسالة من سيرغي يقول فيها إنه - بسبب بعض التزامات العمل - لن يتمكن من الحضور، وإنما سينوب عنه صديقه.


لا شيء غريب في ذلك. استقلت أناستاسيا سيارة ذلك الصديق الذي سيقلها إلى سكنها، وفي الطريق اعترضتهما حافلة صغيرة سوداء النوافذ، وخرج منها مسلحون مقنّعون واقتادوا الصديق الذي كان يقود السيارة بعيدا، بينما اقتادوا أناستاسيا إلى خلف السيارة التي كانت تستقلها. وشرع الرجال المقنّعون في تفتيش أمتعة أناستاسيا وكذلك السيارة، وعثروا على علبة صغيرة محشوة بمسحوق أبيض. وبينما كان يحيط بها رجال يلبسون الزي الأسود المميز لعناصر العمليات الخاصة التابعة لشرطة مكافحة المخدرات، ظهرت أمام أناستاسيا شُرَطيةٌ ترتدي ملابس رسمية، وبادرتها بالقول: "أنت متهمة بحيازة مواد محظورة". وهنا احمر وجه أناستاسيا في لحظة، قبل أن ترد قائلة: "أنتم مخطئون ولا شك. ليست مِلكي". فصاح أحدهم: "مِلك مَن إذن؟ يكفي، اللعبة انكشفت". وتوالت الأسئلة عليها، حتى شقّ الرجل المقنع تلك العبوة المحشوة بالمسحوق الأبيض، وأخرج منها عُلبة صغيرة وردية اللون. وهنا سأل: "وما هذه؟" فأجابت أناستاسيا بصوت متهدج: "ليس لدي فكرة!" وفجأة يجثو الرجل على ركبته، وينزع القناع الذي يعلو وجهه، ويصيح: "هل تتزوجينني؟" إنه صديقها سيرغي، ويبدو أنه الوحيد في هذا المشهد الذي يعمل بالفعل في مجال إنفاذ القانون. أما الآخرون فيقومون بعملهم الذي يعد جزءا من صناعة "عروض الزواج" غير التقليدية التي انتشرت في روسيا مؤخرا. وكان سائق السيارة (صديق سيرغي) على عِلم بالأمر، وقد تظاهر بالرعب عندما أوقف المقنّعون المسلحون سيارته. ويمكن لهذه الطريقة التي يراها البعض شديدة الغرابة أو تنطوي على تطرف ومبالغة، أن تتكلف مبالغ تبدأ من نحو 10.5 دولار مقابل جلسة تصوير مدتها نصف ساعة مع "فرد واحد من القوات الأمنية الخاصة"، وتصل إلى نحو 900 دولار مقابل عرض كامل لقوات "أمنية" تعمل في هذا المجال. وتكلفت خطوبة سيرغي هذه نحو 450 دولار، وقد فكّر في الاعتماد على زملاء له من رجال إنفاذ القانون ولكنهم خذلوه، ولكنه الآن قد تخطى الأمر. ويؤكد مبتكر برنامج "العمليات الخاصة" هذه، سيرغي رودكين، أنه لا سقف للتكلفة إذا استرسل رجال الأمن الحقيقيون في أدوارهم. ويقول رجل الأعمال البالغ من العمر 36 عاما إنه كان ينظم هذه العمليات مجانا للأصدقاء في الماضي عام 2010. ويضيف لبي بي سي: "ثم بدأت المسألة تنتشر، وفي العام التالي شرعنا في تنظيم العروض مقابل أموال". وكانت أولى عمليات عروض الزواج المتطرفة في 2014، وفي عام 2015 كان الكثيرون في أنحاء روسيا يطلبوننا للقيام بعمليات لهم ويتنافسون في ذلك. 'واقعية الأداء' من بين منفذي هذه العمليات رجال شرطة وقوات مسلحة سابقين، لإضفاء جوّ من الواقعية على الأداء. ويعمل هؤلاء الرجال بحسب الطلب لأن الإقبال على العروض حتى الآن لا يكفي لكي يمتهنوا هذه الأعمال بدوام كامل. يقول رجل الأعمال رودكين إن رجاله يرغبون دائما في القيام بنفس عملية إلقاء القبض على حاملي المخدرات. ويتذمر قائلا: "يعْوزهم الخيال. كلهم يريدون عمليات خاصة، واعتقالات مسلحة، ومكافحة مخدرات". وتقول أخصائية علم النفس، بولينا سولداتوفا، إن رواج مقالب عروض الزواج، وبرامج مثل "العمليات الخاصة"، يشهد على قوة دور ضباط الشرطة في حياة الروس اليومية. وتؤكد بولينا لبي بي سي: "السخرية أسلوب يتبعه المجتمع للتعاطي مع ما يحدث له". وتضيف: "هذه المقالب تعكس قبول حقيقة أن القوات الأمنية يمكن أن تأتي إليك دائما على نحو ما. الناس بحاجة إلى التعايش مع هذه الحقيقة الواقعية" تقول أناستاسيا إنها لم تغضب كثيرا من صديقها سيرغي، لكن الأمر كان صادما: "حقيقة، لقد كان الأمر مرعبا. لم أصادف مطلقا شيئا من هذا القبيل". وسألها سيرغي إذا كانت تعرف عدد السنين التي كانت ستقضيها في السجن لو كانت العبوة المحشوة تحتوى على مواد مخدرة حقيقية. يقول سيرغي: "عقوبة تصل مدتها إلى 20 عاما جزاء هذه الكمية من المخدرات". وحقيقة الأمر، أنه ليس جميع من يتعرض لهذه المقالب يستطيع أن يرى فيها الجانب الكوميدي. يقول ألكسندر من مدينة بينزا الروسية إن صديقته التي كان يحاول التقدم للزواج منها من خلال أحد هذه المقالب انفجرت باكية في النهاية، واتهمته بمحاولة قتلها بسكتة قلبية. أما يوليا من مدينة ريازان فقد غضبت وتفوهت بألفاظ نابية عندما أعدّ لها زوجها مقلبا في عيد ميلادها الثلاثين، وقذفته بباقة زهور كانت قد قدمت لها. تقول الأخصائية النفسية بولينا إنه لا يستمتع بهذه المقالب سوى الأقوياء نفسيا. "تضحك الفتيات المخطوبات بارتياح لدى اكتشاف أن الرجال ليسوا ضباطا حقيقيين". "أما المتوترات المجهَدات فلا يجدن في الأمر ما يُضحك ولا ما يستحق الشكر في صديق يحمل شخصية ابتكارية." وفي الحقيقة، فإن بي بي سي اطلعت على فيديوهات من هذه المقالب كانت الضحايا فيها تُطرَح على وجوهها إلى الأرض مقيدة الأيدي، وتخضع للتفتيش. وتقول بولينا إن هذه الأفعال العنيفة والمهينة تترك الخاضع لها في حالة يكون مستعدا معها أنْ يفعل أي شيء للخروج من المأزق، حتى لو كان هذا الشيء هو قبول عَرْض الزواج. لكن سيرغي يقول إنه وعلى مدى السنوات الخمس التي عمل فيها فريقه في تنفيذ هذا النوع من المقالب في موسكو لم يحدث إلا في مرة واحدة أنْ خذلت الفتاة صديقها المتقدم للزواج منها.

نينا نازاروفا - بي بي سي
السبت 14 سبتمبر 2019