نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


مفاهيم الجمال بجنوب أفريقيا نحو التخلي عن فكرة الأوروبية الشقراء




جوهانسبرج - عندما عادت إبنتها ذات الثلاثة اعوام من دار الحضانة وأخبرتها بأنها تريد أن يكون لها شعراً ناعماً كالحرير، شعرت كوليل فيلاكازي-أوفوسو بالضجر من النماذج الغربية للجمال لأن حلم ابنتها صاحبة الضفائر الإفريقية والشعر المجعد هو أن تبدو مثل باربي ومثل الدمى التي تلعب بها. وفي تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) علقت على هذا الموقف بقولها: "عندما كنا صغاراً غرسوا فينا أنه لا يوجد سوى نموذج واحد للجمال: الشعر الأشقر الطويل والناعم". وتعترف أنها في حقيقة الأمر لم تُدر بالاً وقتاً طويلاً لألعاب ابنتها إلا عندما تمنت الصغيرة ذات الثلاثة أعوام أن يكون لها شعراً أملساً، فأصبح جلياً أن شيئا ما يجب أن يتغير.


وعليه قررت فيلاكازي-أوفسو أن تقوم على وجه السرعة بتأسيس شركاتها الخاصة بمجموعة سيباهل، والتي تهدف إلى صنع دمى تشبه الأطفال الذين يلعبون بها، مدافعةً عن فكرتها: "قررنا أن تمثل علامتنا التجارية اولئك الذين قامت صناعة الجمال بتهميشهم"، موضحةً أن شركاتها بالإضافة إلى الدمى ذات الشعر الإفريقي المجعد تقوم بانتاج دمى أخرى مصابة بالمهق، أي نقص التصبغ الذي يظهر مع البشرة من اللون الفاتح، ففي أغلب الأحيان يتعرض الأطفال المصابون بالمهق لمضايقات من زملائهم على اعتبار أنهم "مخيفون" او "مسحورون" أو "ملعونون"، ولهذا السبب يصبح الأطفال المصابون ضحايا لسيل من الخرافات الإفريقية بل وصل الأمر لاختطاف البعض من المصابين واحتجازهم أو تقطيع أوصالهم ظناً أن أجزاء من أجسادهم بها قوى سحرية. ليست مجموعة سيباهل وحدها هي من تحارب هذا النوع من التمييز من خلال مقرها في جوهانسبرج بل أصبح هناك الآن كيان آخر هو ألعاب مالافيل، في مدينة كابو، والذي يقوم بتصنيع دمى مصابة بالمهق وأخرى ذوات بشرى سمراء. وتقول مالا براين، مؤسسة الشركة: "غالباً ما يتعرض الأشخاص ذوي البشرة الداكنة للسخرية بسبب لون بشرتهم." على صفحة الانستجرام الخاصة بمجموعة سيباهل يقوم الأباء بمشاركة وتبادل صور لأبنائهم مع الدمى الجديدة، فتُرى على سبيل المثال مقاطع فيديو تصور فرحة إحدى الفتيات الصغيرات العارمة وهي تقوم بفتح علبة تخرج منها دميتها، وتوضح فيلاكازي-أوفوسو: "هذه الفرحة لأنها ترى نفسها فيما يشبهها للمرة الأولى." كما تضيف سيدة الأعمال: "أن هناك الكثير من البالغين ممن يشترون الدمية المصابة بالمهق لأنفسهم، حيث طالما تمنى هؤلاء العملاء إمتلاك مثل هذه الدمية في طفولتهم." وفي ذات الوقت قامت فيلاكازي-أوفوسو مع شريكتها كارولين هلاهلا، من زيمبابوي، بتصميم نموذج لدمية مصابة بالبهاق، وهو مرض يصيب الجلد في هيئة بقع بيضاء. وتشير فيلاكازي-أوفوسو أنها لم تعجب كثيراً بالدمى السمراء التي وجُدت من قبل في الأسواق، ولم تترك في نفسها أثراً حيث لم يحمل الكثير منها الطابع الإفريقي أو المظهر العام للطفل الإفريقي. إن مشكلة وجود دمى متوافقة مع الأطفال موضوع يُشغل كذلك البالغين في أوروبا، ففي ألمانيا على سبيل المثال طُرح نقاش منذ فترة حول التمثال النصفي لباربي من ناحية ظهور الجزء العلوي لها في هيئة ضخمة أو ممتلئة وهي دمية شديدة النحافة. وفي هذا الصدد يوضح ستيف شميديل، الباحث في مجال النوع بمنظمة بينكستينكس الاحتجاجية أن هناك من الدراسات ما يثبت أن الدمى ذات قياسات الجسد غير المتناسقة والمشوهة يمكن بدورها أن تعزز صورة مغايرة للجسد أو أن تولد ما يُعرف بفقدان الشهية بين الأطفال. ونرى كذلك انقلاب بين مصنعي الألعاب التقليدية باتجاههم إلى التنوع حيث قام ماتيل، هذا العملاق الأمريكي، ضمن مجموعته المعروفة بـ"فاشونسيستاس" او "عاشقات الموضة" بتقديم دمى باربي من خلال أربعة أبعاد وقياسات مختلفة للجسد، وتسعة ألوان للبشرة، وأربعة ألوان للعين وكذلك إحدى عشر طريقة لتجميل البشرة وزينتها وإحدى عشر طريقة لتصفيف الشعر. إلا ان مديرة منظمة بينكستينكس توجه النظر إلى أنه من الناحية العملية لا يقوم العملاء بشراء تلك الدمى، ويؤكد شميديل أنه: "لا يزال الطلب عبر انستجرام وعبر صفحة "النموذج الألماني التالي الذي سيحتل القمة" مستمراً على دمى باربي الكلاسيكية شديدة النحافة" ويشير كذلك إلى عدم إغفال تأثير العامل الموروث من التاريخ الاستعماري لإفريقيا، وإلى اتجاه الفتيات الشابات لانفاق الكثير من الأموال في خطوات مضرة لتبيض البشرة وتصفيف وتمليس الشعر حيث لا تزال البشرة البيضاء والشعر الاملس أمراً مرغوباً فيه بل ومطمعاً. وعليه يشير الباحث في قوله:"أصبح من الضروري والملح أن يكتسب كل من الشابات والشباب الأفارقة ثقة أكبر بالنفس وان يُنقل لهم الشعور بالاعتزال:‘نعم لنا بشرة سمراء أو سوداء وعلينا أن نفخر بذلك" وبالرغم من وجود دمى باربي ذات بشرة سمراء وشعر إفريقي مجعد على الموقع الالكتروني لماتيل، إلا انها تختلف في مظهرها تماماً عن الدمى الخاصة بمجموعة سيباهل. فتقول فيلتكازي-أوفوسو:"أردناها دمية ذات انف أفطس ووجنتين مستديرتين، دمية ذات مظهر طفولي لا يحمل هذا الكم من الايحاءات الجنسية. كما أن ملابس الدمى مصنوعة من الأقمشة المحلية ذات الطباعة الملونة". إلا أن القليل من الأسر الجنوب إفريقية هم من يمكنها الحصول على هذه الدمى الاستثنائية والخارجة عن المألوف حيث ان كلا المصنعان المحليان يقومان بانتاج هذه الدمى بالخارج مما يزيد من تكلفتها. فعلى سبيل المثال في مؤسسة ألعاب مالافيل تصل تكلفة الدمية المصابة بالمهق حوالي 350 راند (أي ما يعادل 22 يورو أو 24 دولاراً و50سنتاً)، أما الدمية من مجموعة سيباهل فتصل إلى 440 راند (أي ما يقرب من 28 يورو أو 31 دولارا). وتعلق فيلاكازي-أوفوسو بقولها: "نأمل في التعاون مع منظمات غير حكومية" مضيفةً أن هناك اقتراحا يدعمه ويؤيده الرأي العام في التبرع ببعض من دمائهم لأشخاص يحتاجونها حقاً.

كايت بارتليت وجابي ماربيرج
الثلاثاء 2 يوليوز 2019