نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


الرحالة الأجانب وصفوا النوبيين فى مصر بالأمانة ولطف العشرة




أسوان - مثل النوبيون في مصر، شريحة سكانية ذات طابع خاص، لها عاداتها وتقاليدها المتوارثة، عبر حقبات تاريخها الطويل وحتى اليوم.


وقد احتلت تلك الطبيعة الخاصة للمصريين من أهل قبائل النوبة، مكانة مهمة فى الوثائق التاريخية المتنوعة بمصر، وفي مقدمتها وثائق دار المحفوظات القومية، و وثائق المحاكم الشرعية ، وغيرها من الوثائق التى غطت جوانب مهمة فى تاريخ النوبيين.

ورصدت دراسة أكاديمية حديثة، نالت بها الباحثة المصرية، حليمة النوبى درجة الدكتوراه فى التاريخ الحديث، من جامعة الأزهر، بالقاهرة، وحملت عنوان " النشاط الاقتصادي والاجتماعي للنوبيين فى مصر 1805 - 1933 " أهم محطات وصور النشاط الاقتصادي، والاجتماعي، للنوبيين المصريين، داخل مصر وخارجها.

واختارت الباحثة عام 1805 بداية للبحث، أي منذ عهد محمد علي في محاولة لتتبع أحوال النوبيين الاقتصادية والاجتماعية وامتدت الدراسة حتى عام 1933، وتضمنت تفاصيل العناصر السكانية التي كانت تقطن منطقة النوبة وقراها. وأكدت الدراسة فى مقدمتها على الصلة الوثيقة بين النوبة والسودان، ووصفت النوبة، بأنها حلقة الوصل بين مصر والسودان، وأشارت إلى أن للنوبيين في كل من مصر والسودان، علاقات وثيقة وقوية، لم تعرف الحدود السياسية بين سكان الشمال والجنوب.

وقدمت الباحثة فى دراستها، تعريفا ببلاد النوبة، وموقعها الاستراتيجي الهام، في آخر حدود مصر الجنوبية، كما قدمت تفسيرا لكلمة النوبة عبر التاريخ، كما تناولت أهم المناطق التي كان يقطنها النوبيون ومنها الدر وأبريم، التي تعتبر بمثابة عاصمة للبلاد النوبية، ويعتبرها الجغرافيون أبعد نقطة في بلاد النوبة، كما كانت " أبريم " من أهم المراكز الرئيسة للتجارة الداخلية المصرية والخارجية الأفريقية، وبخاصةً تجارة التمر، الذي اشتهرت بإنتاجه وكذلك بلدة " كرسكو" التي اشتهر معظم سكانها بمهنة التجارة وغيرهم من المدن النوبية.

وأوضحت الباحثة، فى دراستها، أن النوبيين في مصر ينتمون إلى قبائل الكنوز الذين تمتد أوطانهم كلها داخل القطر المصري، من أسوان إلى كرسكو، وشكلهم الطبيعي في معظم الأحيان لا يكاد يختلف في شيء عن سكان الوجه القبلي بمصر، ويشاهد من بينهم في كثير من الأحيان، أشخاص يمتازون بالملامح العربية الوسيمة، أما بالنسبة للنوبيين السودانيين فينتمون إلى الدناقلة والمحس والسكوت.

كما تحدثت الدراسة، عن الصناعات والحرف المنتشرة ببلاد النوبة والتي لا تتعدى أن تكون نوعاً بدائياً، من الصناعات البسيطة، حيث استغل النوبيون، موارد البيئة المحلية وصنعوا منها صناعة بسيطة ، يمكن اعتبارها صناعات شعبية أو حرف يدوية، لم تتجاوز حدود النوبة. ومن الصناعات البيئية التي عرفها النوبيون - كما جاء بالدراسة - صناعة الفخار وأنواعاً من السلال والأطباق والحصير المصنوع من سعف النخيل، وكذلك صناعة السواقي التي كانت منتشرة ببلاد النوبة.

كما تعتبر التجارة من أهم الحرف التي اشتغل بها النوبيون ولاسيما تجارة البلح الأبريمي والسكوتي وهما من أجود أنواع البلح. وجذبت تجارة الرقيق بأرباحها الوفيرة النوبيين للعمل بها في القاهرة، حيث عرف المشتغلون بهذه التجارة باسم الجلابة وفي الواقع لقد ازدهرت تلك التجارة بعد ضم محمد علي للسودان.

ومن أهم الحرف التي اشتغل بها النوبيون عملهم فى مهنة النوتية أو المراكبية بالنيل، وقد برع النوبيون، في هذه الحرفة وذلك نظراً للموقع الجغرافي لبلاد النوبة والذي كان مرتبطاً بالنيل، حيث تعلموا فنون الملاحة والإبحار منذ طفولتهم كـ " نوتية " وامتلكوا الخبرات التي كانت تؤهلهم لقيادة المراكب بطول النهر من شماله إلى جنوبه في صعيد مصر. الثقافة النوبية :

وأوضحت الدراسة بأن الثقافة النوبية، تمثلت في الاهتمام بآثار النوبة، وأن منطقة النوبة، عُدت من أغنى المناطق آثاراً على مختلف العصور، كما تعتبر منطقة النوبة - بحسب الدراسة - من المناطق الغنية بالفنون الشعبية، فالإنسان النوبي فنان بالفطرة، ومن أهم هذه الفنون فن العمارة النوبية، وقد كان للبيئة وطبيعتها ومناخ البلدان النوبية، تأثيرها الواضح في كل ما يتعلق بالعمارة النوبية.

ولفتت الدراسة، إلى أن البيت النوبي يتفرد بمميزات متعددة، أولها ملاءمته للبيئة وتهيئته مناخياً لتلطيف جو المنزل الداخلي، عبر ضبط التصميم مع اتجاهات الريح وحركة الشمس والظلال، وأن من جماليات العمارة النوبية تزيين البيوت من الداخل ورسم أشكال ، على الحوائط الداخلية، نابعة من البيئة، إذ كان للنوبيين أسلوب مميز في الرسم والزخرفة، وشغف بالألوان الزاهية، كما امتلك النوبيون، مواهب فطرية ومهارات في البناء، وأيضاً جماليات ما بعد البناء، مثل الرسوم على الواجهات وجدران البيوت من الداخل.

وعرضت الدراسة بعض الكتب والمؤلفات والرحلات التى قام بها، وكتبها، مستشرقون وباحثون أجانب، مثل كتاب " أيام نوبية " عن رحلة البروفسيرة النمساوية " آنا هوهنيفارت " والتي كانت ضمن باحثي الأنثروبولوجيا الذين أرسلتهم منظمة اليونسكو لبحث وتدوين الحياة على ضفاف وادي النيل، وسجلت العديد من الدراسات المهمة والصور النادرة التي حاولت بها توثيق هذه البيئة. وأفردت صوراً عديدة لسبل الحياة والمعيشة في النوبة، كما صورت بعض مصادر الدخل وبعض الصناعات التقليدية.

كما قدمت " آنا هوهنيفارت " صورًا لملامح الشخصية النوبية السمراء، وصورت العادات والتقاليد النوبية، في المناسبات المختلفة، وسجلت معتقداتهم، وتحدثت عن بعض الأعشاب التي استخدمها النوبيون، وأبرزت الفنون المكتسبة عند النوبيين، ولاسيما فنون العمارة، بجانب الحلي النوبية، وبعض مظاهر الزينة، عند المرأة النوبية.

كما اشارت الدراسة إلى أن كتاب " مصر في كتابات الرحالة الفرنسيين في القرن التاسع عشر" لمؤلفته الدكتورة إلهام محمد علي ذهني، والذى يرصد ما شهدته مصر من تدفق للرحالة والمستشرقين، والذين وصل عددهم في القرن التاسع ، لخمسين رحالة، جابوا مدن مصر وتوغلوا في صعيدها حتى بلاد النوبة، التي اهتموا بدراسة مدنها مثل: أبو سمبل وكلابشة وكورسكو وأبريم وجرف حسين والدكا ودبود وبيت الوالي، وحرصوا عند حديثهم عن هذه المدن على التعريف بموقع مصر الجغرافي ومناخها، بجانب تركيزهم الكبير على الآثار النوبية، فقد قدم كل من شامبليون وأمبير وبريس دافين وصفاً دقيقاً لأهم المعابد النوبية، معبد أبي سمبل، معبد فيلة، معبد بيت الوالي، معبد جرف حسين، معبد السبوع، معبد بيت الوالي.

وقد رصد كتاب " مصر فى كتابات الرحالة الفرنسيين" مدى شغف الرحالة الفرنسيين بالأثريين وعلماء المصريات بالنوبة ومعابدها الضخمة.

وقد رصدت الدراسة، مدى الإعجاب بالنوبيين، في كتابات " كايو " و " كادلفين " و " شولشيه " ، وهو إعجاب - كما تقول الباحثة حليمة النوبى على - لم يكن وليد القرن التاسع عشر، فعلماء الحملة الفرنسية ، حرصوا على تسجيل ملاحظاتهم عن النوبة ، خاصةً العالم الفرنسي " كوستاز " الذي قدم دراسة عن النوبة والنوبيين، وأبدى فيها انبهاره وإعجابه بالنوبيين، ووصفهم بأنهم لطيفو المعشر"، كما وصفهم بالأمانة والاستقامة حتى يكاد يعهد إليهم بحراسة كل البيوت والأسواق، نظراً لأمانتهم. كما سجل الرحالة " كادلفين " إعجابه بالنوبيين، ووصفهم بأنهم يتصفون بالجلد والإخلاص ودماثة الخلق والهدوء والأمانة، وقال " طباعهم مهذبة بعيدة عن التوحش وملامحهم دقيقة بعيدة عن ملامح الزنوج " .

وعرضت الدراسة لكتاب "رحلات بوركهارت في بلاد النوبة والسودان " لمؤلفه الرحالة السويسري بوركهارت، والذي ترجمه إلى العربية، فؤاد اندراوس، حيث حوى الكتاب معلومات وفيرة عن النوبيين، وتحدث عن تجارتهم وعن تقاليدهم، ووصفهم بأنهم قومٌ شجعان، ولا يكاد يكون للسرقة أو الدعارة وجود على الإطلاق عندهم، كما تحدث عن علاقتهم بالسلطة الحاكمة، متمثلة في محمد علي، كما قدم وصفاً لمعابد النوبة، وأشار إلى معبد أبي سمبل والذي كانت تماثيله مطمورة تماماً تحت الرمال، وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالنوبيين، ووصفت الدراسة الكتاب بأنه من أهم كتب الرحلات التي ألقت الضوء على النوبة والنوبيين.

حجاج سلامه
الاربعاء 17 ماي 2017