نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


أميركا اللاتينية تواصل لعبة"شد الحبل" بين اليمين واليسار





بوينس ايريس - فيرونيكا ساردون - شهد العام الماضي فوز المعارضة اليمينية فى عدد من الانتخابات البارزة فى الارجنتين وفنزويلا ، فضلا عن اتخاذ اجراءات الاتهام بالتقصير ضد رئيسة البرازيل ديلما روسيف، وفى خلفية كل ذلك تكمن موجة من السخط العام ترتبط المصاعب الاقتصادية، مما يرجح صعوبة تجاوز أمريكا اللاتينية هذا الوضع، فى الوقت الذى تنحت فيه جانبا بعض حكوماتها اليسارية.


 
لقد مرت فترة طويلة على سطوع نجم لويز اناسيو لولا داسيلفا فى سماء العالم،وظهور هوجو شافيز بقسمات وجهه القاسية واسلوب خطابه المناهض للرأسمالية، وتبني نيستور كيرشنر الخط الامريكي باستضافته قمة قضت على خطط اقامة منطقة تجارة حرة للامريكتين.

لقد تغيرت الاحوال والظروف منذ ذلك الوقت.

شهد عام 2015 تراجعا واضحا لليسار فى امريكا اللاتينية، فقد أجريت في فنزويلا انتخابات تشريعية مؤلمة  اتسمت بهزيمة نيكولاس مادورو الذى اختاره هوجو شافيز لخلافته فى المنصب، وفى الارجنتين خرج البيرونيون ذوى الميول اليسارية من السلطة تحت وطأة اقتصاد تسوده حالة من الفوضى ، فيما تواجه ديلما روسيف خليفة لولا داسيلفا اتهامات بالتقصير فى البرازيل.

هل الوضع الحالي يحمل إشارة على تحول نحو اليمين؟ ان الكثيرين من الخبراء يعتقدون أن أى ربط فى هذا الشأن ربما يكون عرضيا.

يقول مايكل شيفتر، من معهد "حوار الامريكتين" الذى يتخذ من واشنطن مقرا له لوكالة الانباء الالمانية(دب ا):" لايوجد هناك تحول ايديولوجى، ان انتهاء فترة الازدهار الاقتصادي السلعى ، وظهور فضائح الفساد تسببا فى تآكل شعبية الحكومات من مختلف الاطياف الايديولوجية ، من الحزب الثورى المؤسسي فى المكسيك الى حزب العمال فى البرازيل".

اذن هل هناك صلة لهذا الوضع بغياب القيادة القوية؟ لقد كان رئيس البرازيل السابق لولا داسيلفا (2011-2003) اكثر شعبية وقوة من ديلما روسيف، كما ان مادورو يكافح من اجل ملء الفراغ الذى خلفه شافيز(2013-1999 ) بعد وفاته متأثرا بمرض السرطان عام .2013

مرة أخرى، لايبدو ان الامور تسير على صراط مستقيم.

يقول شيفتر:" ان غياب القيادة القوية لايمثل كثيرا السبب وراء هذا التحول، بل يعود ذلك الى عواقب المشاكل الاقتصادية والسياسية، لقد اصبح من الصعب ان تحكم هذه الايام".

ومضى شيفتر قائلا:" على الاقل ..يرجع جزء من السبب وراء شعبية رؤساء مثل لولا فى البرازيل وشافيز فى فنزويلا الى انهم تولوا الحكم فى اوقات شهدت نموا اقتصاديا مطردا ، يغذيه ارتفاع اسعار السلع وتزايد الطلب، الامر الذى اتاح الفرصة للتوسع فى البرامج الاجتماعية، لقد قاد هؤلاء الرؤساء موجات مواتية وحققوا منافع سياسية ".

ان الاتجاه الحالي ليس مواتيا حاليا ، حيث توقع صندوق النقد الدولي تراجع النمو الحقيقي للناتج المحلى الاجمالي لامريكا اللاتينية "للعام الخامس على التوالي ، ليتحول الى نموا سلبيا بشكل طفيف فى عام 2015، قبل ان ينتعش بصورة متواضعة عام 2016".

لقد اشار صندوق النقد الدولي فى تقرير اقتصادي اقليمي استشرافي اصدره فى تشرين اول/ اكتوبر العام الماضي الى انه"مع التوقعات الخاصة ببقاء اسعار السلع الاساسية عند مستوى متدن فى المستقبل المنظور، وتراجع فرص الاستثمار بشكل كبير، فان احتمالات تحسن الانتاجية تراجعت".

لقد ادت الازمات السياسية الحالية فى دول مثل البرازيل وفنزويلا والمصاعب الاقتصادية المزمنة- مع الاخذ فى الاعتبار معدلات التضخم العالية فى فنزويلا والارجنتين- الى زيادة الامور سوءا حيث تسببت فى تقويض الثقة فى اقتصاديات هذه الدول.

ومع ذلك، فانه فى الوقت الذي تتسم فيه الكثير من مشاكل دول امريكا اللاتينية بسهولة تحديدها، الا انه من الصعوبة بمكان ايجاد الحلول لها بيسر.

ومع توقعات بقاء اسعار السلع عند مستواها المتدني لعدة سنوات، فانه ليس من المحتمل ان يؤدى تحول سياسي الى اليمين، الى نوع من النمو الذى يتطلع اليه الناخبون فى المنطقة.

لقد دعا صندوق النقد الدولى الى اجراء تغيير فى السياسات ، بما فى ذلك السيطرة على اسعار صرف العملات فى الارجنتين وفنزويلا، وطلب من البرازيل تعزيز سياستها المالية وتطبيق سياسة التقشف النقدى، ضمن امور أخرى.

لايزال يتعين معرفة ما إذا كانت الوصفات المحافظة قابلة للبقاء والصمود فى امريكا اللاتينية اليوم ، حتى فى ظل حكومات تنتمى الى يمين الوسط مثل حكومة رئيس الارجنتين الجديد ماوريشيو ماكري.

وحذر شيفتر من انه"ليس من المحتمل العودة المفاجئة الى سياسات تقوم فقط على اساس السوق، حيث ان ذلك سوف يؤثر سلبا على الاستقرار الاجتماعي بل على الحكم".

ونشرت مجلة الايكونومست البريطانية تقريرا فى عددها الصادر فى 28 تشرين ثان/ نوفمبر الماضي جاء فيه:" انه ليس من المحتمل ان تعود امريكا اللاتينية الى الماضي، لقد وضع اليسار قضية عدم المساواة على الاجندة الاقليمية، وانه موجود هناك ليبقى".

وقالت المجلة المعنية بالشأن الاقتصادي:"ان هناك قضايا اخرى ملحة بنفس القدر حاليا: العودة الى تحقيق النمو الاقتصادي، الحكم النظيف ومعالجة جريمة العنف، ان لدى يمين الوسط فرصة للعودة الى سدة الحكم من خلال الاعتماد على اخفاق اليسار فى انجاز هذه القضايا".

ان قادة امريكا اللاتينية ، حتى اولئك الذين يقفون على يمين الطيف الايديولوجي،سوف يحتاجون الى السير على خيط رفيع بين توقعات الناخبين التى تسببت فيها سنوات من النمو الاقتصادى المطرد واعادة توزيع الدخل النسبية وحقيقة ان مثل هذا النمو قد ولى منذ فترة طويلة، وليس من المحتمل ان يعود فى وقت قريب.

ويبدو ان ماكري كان يدرك حجم الاعباء الملقاة على عاتقه، وهو يحتفل بليلة الانتخابات عندما قال:"إنني هنا من اجلكم جميعا، لذا فاننى اطلب منكم عدم التخلي عني".

لذا، فانه في الوقت الذى يمكن ان تحدث انتخابات هذا العام وفى المستقبل حقا تغييرا سياسيا مع تعبير الناخبين عن سخطهم، الا انه ليس من المحتمل ان يشهد السيناريو الاقتصادي فى امريكا اللاتينية تغيرات ملحوظة، وربما لاتكون تلك اخبارا سارة بالنسبة للكثيرين فى المنطقة.

فيرونيكا ساردون
السبت 2 يناير 2016